ندوة “الحق في الصورة” لـ “رابطة البحث العلمي”: وضع مدونة سلوك خلقية وإقرار قانون لحماية المصورين وتأسيس اللجنة الوطنية للصورة الفوتوغرافية في الحرب
ضمن النشاطات الدورية التي تقيمها “الرابطة العربية للبحث العلمي وعلوم الاتصال” عقدت ندوة عبر زوم بعنوان “الحق في الصورة” بحضور رئيسة الرابطة الدكتورة ميّ العبدالله، نائب الرئيسة الدكتور هيثم قطب وأعضاء الرابطة من مختلف الدول العربية.
وتأتي أهمية الندوة لِما سيتمّ العمل عليه مع المعنيين لتحقيق بعض النقاط التي طُرحت، سيما منها، وضع مدونة سلوك خلقية لعمل المصور الصحفي، المطالبة بإدخال مادة الثقافة البصرية في المناهج التربوية والتعليمية، إقرار قانون لحماية حق الصورة والمصورين وتأسيس اللجنة الوطنية للصورة الفوتوغرافية في زمن الحرب. وحمّل الحضور الرابطة مسؤولية التواصل والمشاركة في إعداد القوانين والمدونات نظرًا لخبرتها العلمية في هذا المجال ولأنها تضم نخبة من الاختصاصيين في مختلف المجالات.
حاضر في الندوة النائب السابق غسان مخيبر، الاستشاري العائلي الدكتور نبيل خوري والمصور الصحفي نبيل اسماعيل.
استُهلت بكلمة ترحيبية من رئيسة الرابطة الدكتورة العبدالله التي أشارت الى أهمية الندوات التي تعقدها الرابطة، اسهامًا منها بتقديم محتوى اعلامي يخدم القضايا المجتمعية من ناحية والمجالات الإعلامية من ناحية أخرى. وتطرقت الى الإشكاليات التي يحملها عنوان هذه الندوة لمناقشة مخاطر فوضى الصورة ومحاذيرها المهنية والقانونية والنفسية والاجتماعية لا سيما في زمن الحرب.
ثمّ عرّف الإعلامي الدكتور ياسر غازي بالمحاضرين، بعدما قدّم نبذة تاريخية عن ماهية الصورة الفوتوغرافية ومكانتها التي تستحق الجدارة في المساحة الإعلامية، لِما تحمله من معنى وتظهير الحدث بكل تجلياته لا سيما خلال الحروب، لافتًا الى هيمنة الصورة في هذا العصر، ومعددًا أنواع الصورة من المفبركة، المؤدلجة، المخادعة، الى الصادقة والحقيقية.
مخيبر: لوضع مدونة سلوك خلقية
أكد النائب غسان مخيبر أهمية الصورة وخطورتها في آنٍ، انما الأحكام القانونية والتشريعات في لبنان التي ترعى استعمال هذه الصورة لا تزال عاجزة عن اللحاق بالتطور التقني، لافتًا الى أن مشروع قانون الاعلام الذي يُدرس في اللجان النيابية يتضمن مدونة سلوك لتنظيم استخدام الصورة والمعلومة أيضًا.
وحذّر مخيبر من أن عبارة ليس أصدق من الصورة ينبغي الانتباه الى حيثياتها لا سيما مع تطور الذكاء الاصطناعي الذي يمكن أن ينتج صوراً من الخيال لا وجود لها بهدف التشويش والفتنة، وتضاف عليها أصوات لأحد المسؤولين وهو يدلي تصريحًا لم يعلنه أبدًا فيؤدي ذلك الى مخادعة الرأي العام ونشر أكاذيب بهدف التضليل والتشويه والانحراف عن الحقيقة، فيشكل خطرًا على الأمن القومي أو ما شابه.
ولفت مخيبر الى ضرورة احترام المبادئ الأخلاقية عند اتخاذ الصور خلال الأحداث لمراعاة خصوصية الانسان أثناء التقاط صور له في حالات خاصة (موت، انفجار، أشلاء، جثث…) كما ينبغي تفادي تصوير المؤسسات العسكرية لئلا يشكل ذلك ضررًا أمنيًا في المجتمع.
ودعا الى عدم الإفراط في تطبيق القيود على إتخاذ الصورة لعدم قمع حرية التعبير، مشددًا على ثقافة المصورين أنفسهم لدى التقاطهم أي صورة بهدف نشرها في وسائط الاتصال. وتوجه الى الرابطة بالاسهام في وضع مدونة سلوك خلقية لعمل المصور الصحفي.
خوري: الصورة تحمل مشاهد مؤلمة وصادمة
رأى الدكتور نبيل خوري أن المجتمع الغربي بدا متعاطفًا مع القضية الفلسطينية نتيجة الضغط الذي مارسه مؤيدو القضية عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمحطات الاذاعية والتلفزيونية التي نشرت صورًا ومشاهد مؤلمة وصادمة لا يمكن أن يتقبلها أي عقل بشري سليم .
وشدّد على أن الصورة تبقى في الذاكرة بنسبة 80 % لا سيما المشهديات التي تنقل العنف، التعذيب، القتلى والجرحى… التي باتت جزءًا من يوميات وسائل الاعلام التي تهتم بالقضايا السياسية، معتبرًا أن الصورة اليوم ليست محصنة ولا يمكن تطبيق على أنفسنا ما لايطبقه أحد في العالم على نفسه .
ودعا خوري الى التمييز بين السبق الصحفي والتسويق للحفاظ على حقيقة الصورة وما تنقله عن حدث معين. فهناك أشخاص يتأثرون بشحنات نفسية وأعراض عصبية بسبب الصور التي تنقل التعذيب والقتل وما تحمله من مشاهد مؤلمة.
اسماعيل: إقرار قانون لحماية المصورين
ثمّ تحدث نبيل اسماعيل عن تجربته مع مهنة التصوير، سيما خلال الحرب في لبنان، مؤكدًا أن التقاط الصورة التي تحمل مشهدية الحرب القاسية هي صورة مهنية تهدف الى إظهار بشاعة الحرب، وكانت تعكس المنافسة بين المصورين لتأكيد تواجدهم في أرض المعركة آنذاك. ولكن قد تتحوّل الى مشروع تجاري في بعض وسائل الاعلام بهدف رفع نسبة المشاهدين لتحقيق الأرباح .واعتبر أن المصور عندما يلتقط صورة خلال حدث معين وإن تصعب عليه انسانيًا، لكنه يتجرد من احساسه ليمكنه ممارسة مهنته التي تتطلب الصور الأكثر تعبيرًا ( دماء، أشلاء، تدمير، …).
ولفت الى أن الصورة التي تؤخذ لرجال أهل السياسة في لبنان لا تزال تملك الأثر والقوة وتستقطب المتلقين، خصوصًا اذا عبّرت عن حالة غير اعتيادية.
وعرض بإسهاب ما يتعرض له المصور الصحفي خلال تغطية الحروب وكيفية نقل الصورة الأكثر تعبيرًا عن المشاهد المأساوية والدموية لتحقيق المهنية الاعلامية، ودعا الى إقرار قانون لحماية حق الصورة والمصورين.
وانتهت الندوة بنقاشات بين المحاضرين والأساتذة أفضت الى سلسلة من النقاط ينبغي العمل عليها لتحقيقها. وخلُصت الى أن الصورة تشكل وسيلة للتعبير، وقد تكون مؤذية أحيانًا نظرًا لبشاعتها وانما تعبّر صراحة عن الحدث الآني بكل موضوعية. ولفت المشاركون الى أهمية ما طرحه اسماعيل لناحية اطلاع الأجيال الجديدة على ما فعلته الحرب اللبنانية من خلال الصورة للتعلّم من عِبر الماضي والتحلي بالمسؤولية إزاء وطنهم. وكذلك ما قدمه د. غازي من توصيات أبرزها إدراج مادة الثقافة البصرية في المناهج التربوية المرتبطة أساسا بتحديات الصورة المعولمة لتحصين الطلاب ، وتضمينن قانون الإعلام الجديد معايير لإستخدام الصورة وجعل القانون مرن حيث يتواكب مع التطورات التقنية ومن بينها الذكاء الاصطناعي .