تنظيم الفعاليات الأدبية حول القضية الفلسطينية يشكل وعيّا قوميا حول القضية
فاطمة حاكمي _كان و مازال الأدب التحرري الجسر الذي يعبُر دون جواز سفر إلى المشاعر الإنسانية الحيّة ، فيجعلها تتوهجُ و تتعاطف أو تندد و تقاوم و يوقظ تلك المشاعر النائمة فيجعلها تنبضُ من جديد ، بل و يفضحُ ممارسات المُحتل فتدونها الأشعار و الروايات فتصبح حقيقة تاريخية لا يمكن تزييفها..
إنّ تنظيم الفعاليات الأدبية حول القضية الفلسطينية و الجرح العربي ينزف وجعًا و يصرخ ألمًا مع ما يجري في فلسطين ، سيشكل لا محالة وعيّا قوميا حول القضية ، و مؤشرا إيجابيا لنهضة أدبية و ثورة فكرية افتقدناها لعقود من شأنها أن تُحرك الضمير العالمي و العربي الإسلامي الذي استولى على حكامه الخضوع و التطبيع و على اغلب شعوبه التشتت و الإكتفاء بدور المتفرِج….رغم مشاعر الألم و التعاطف.
ليس من قبيل المزايدة أن نُصنِّف الفعاليات الأدبية بمختلف تشعباتها و محاورها..بأنها تضاهي في تأثيرها و عنفوانها و بلاغتها قوة السلاح…_ألم تقم الثورة الفلسطينية على أكتاف الأدباء !؟؟
إن الأدب التحرري الذّي حمل على عاتقه نُصرة القضية الفلسطينية منذ أن استباح العدو المكان و الانسان ، لم يبقى مجرد أدب لتعبئة الشعوب و شحذ الهمم و العزائم ،بل تعدى ذلك الى كونه أصبح وسيلة ذات مصداقية لتوثيق جرائم الاحتلال صوتا و صورة ، شعرا و نثرا ، رواية و مسرحية حتى تكون شاهد عيان للأجيال القادمة دون تدليس او تقزيم لما وصلت إليه الهمجية الص..هي..ون..ية من إبادة و قمع…بل أن الأدب اليوم استطاع ان ينقل هموم الانسان الفلسطيني من قلب الوجع و من ساحة المعارك رغم محاولة التعتيم التي هزمتها الوسائل التكنولوجية التي طالما شكل غيابها العقود الماضية تدليس الحقائق و تزييفها .
و لعل الأدب الذي حمل لواءه أدباء فلسطين ؛ لهو الأصدق تصويرا و الأقوى تأثيرا لأنه تفجّر من قرائح هزتها أبشع جرائم التنكيل و الترويع…و التهجير و الإبادة…
كتاب ” شهادات على جدران حبيبتي غزة ” للروائي “يسري غول” من مواليد غزة 1980..و الذي صدر حديثا بعد عام من طوفان الأقصى ، يعتبر واحدا من الأعمال الأدبية التي وثّقت بأسلوب رائع أثار الإحتلال و أفعاله.. ضد الحياة الإنسانية في غزة الجريحة.
أيام تفصلنا على تظاهرة جائزة فلسطين العالمية للآداب في دورتها الثانية ، هذه الفعالية تكتسي أهمية بالغة سيما في هذا الظرف العصيب الذي تمرّ به فلسطين ..فقرائح الشعراء و الكتاب ستكون في الموعد لتُعري و تفضح جرائم العدو و ترفع المعنويات و تبرز اللحمة الإنسانية و ليست العربية فقط اتجاه القضية الفلسطينية …قد لا تهم الجوائز في جانبها المادي بقدر ما تهم المشاركات التي ستكون ضربة موجعة للعدو ، فثورة القلم على مرّ التاريخ شكلت أعتى مقاومة و اشرس سلاح من شأنه من يرهب الأعداء ..فثورة القلم كانت يوما ما صوت المقهورين على لسان درويش الذي صرخ بأعلى صوته : حاصر حصارك لا مفر ..سقطت ذراعك فالتقطها….او كما زعزع نزار كيان الكيان في قصيدته : لن تجعلوا من شعبنا شعب هنود حمر …فنحن باقون هنا….
او كما صدحت مناضلة القلم الثائرة الفلسطينية “فدوى طوقان في قصيدتها : اختاه هذا العيد قد رف سناهُ في روح الوجود ….و هي تواسي تلك الطفلة يوم العيد ..
هذه الفعاليات الأدبية هي صرخة ألم في زمن خرست فيه ألسنة الساسة العرب ، فكان لابد للقلم أن يقول كلمته و ما شهداء الكلمة و المنفيون و المهجرون من الأوطان ؛ إلا دليلا على الضربة الموجعة التي تخطها الأقلام الثائرة فيهتزُّ جبروت العدو إذانا بيوم الرحيل الأبدي ..