معتقل “سدة تيمان”.. أبو غريب عام 2024
يوسف حسن – لا يعلم الكثير من المتابعين لشؤون المنطقة، أن اسم الجنرال سانشيز يرتبط ارتباطاً وثيقاً باسم سجن أبو غريب. ومن لا يعلمه هو القائد الأعلى للقوات الأمريكية المتمركزة في العراق، والذي كشف توقيعه عام 2003، وأجاز فيه ممارسة أي تعذيب أثناء استجواب السجناء العراقيين المحتجزين في أبو غريب عن فضيحة مدوية بحق المحتل الأمريكي.
أفضت تلك الفضيحة إلى انتزاع سجن أبو غريب نهائياً من القوات الأمريكية وتسليمها للقوات البرية العراقية.
والآن، بعد عشرين عاما، تكررت الأحداث مرة أخرى، ولكن هذه المرة ليس في العراق بل في “إسرائيل”. ولكن مع اختلاف طفيف في اسم السجن الذي يحمل اسم معتقل “سدة تيمان” وهو أحد السجون الإسرائيلية الواقعة في صحراء النقب.
وفقا لأحد الممرضات في هذا السجن، فإن حجم الجريمة في هذا السجن لا يصدق، ويتعرض السجناء لأشد أنواع التعذيب اللاإنساني من أجل الاعتراف.
وبحسب تقرير الطاقم الطبي في هذا المعسكر، يتم تجريد السجناء من ملابسهم وتعذيبهم باستخدام قضبان الحديد المنصهر والكهرباء.
كما أنهم باستخدام القنابل الصوتية وهجوم الكلاب، لا يسمحون للأسرى بالنوم، وبالتالي يمارسون أشدّ أنواع الضغط عليهم لإنتزاع كل المعلومات منهم.
وفي بعض الحالات، يتعرض نزلاء هذا السجن إلى بتر أطرافهم قسراً دون تخدير، وتكسر أذرعهم وأرجلهم بشكل جماعي.
ويعد الحرمان من المراحيض والحمامات والعلاج والحرمان طويل الأمد من الطعام من بين أشكال الحرمان المطبقة على الفلسطينيين المسجونين في هذا المخيم.
إن الطريقة التي يتم بها احتجاز السجناء في مجموعات في ظروف يحرمون فيها من الخدمات الصحية الأساسية قد أفضت الى انتشار الأمراض بين السجناء وخلقت ظروفاً خطيرة لا يحسدون عليها.
وتتعارض هذه الإجراءات مع اتفاقية جنيف وجميع القوانين الدولية، كما أن عدم إجراء تحقيقات من قبل المؤسسات الدولية، رغم مرور أكثر من عام على عدوان اسرائيل على غزة، يفاقم المخاوف.
وسبق أن أطلقت بعض الطواقم الطبية في هذا المعسكر تصريحات صادمة ضد هذا المعسكر، عكستها وسائل الإعلام، لكن هذه الظروف الحرجة والمؤسفة دفعت منظمة “الأطباء الداعمين لحقوق الإنسان الإسرائيلية” إلى الاحتجاج على هذا المخيم والمطالبة بإغلاقه.
وبعد الإصابات التي لحقت بإسرائيل على يد يحيى السنوار -الذي قبع في السجون الإسرائيلية لأكثر من عشرين عاما- يبدو أن إسرائيل توصلت إلى نتيجة مفادها أنه لا يجوز ترك الأسرى الفلسطينيين أحياء أو لابد من تشويههم بطريقة أو بأخرى حتى لا تسنح لهم الفرصة إذا تم إطلاق سراحهم من السجن من اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل مرّة اخرى.
ويبدو أن هذا المعتقل الميداني يعمل بما يتماشى مع الهدف الرئيسي لإسرائيل، وهو مشروع الإبادة الجماعية للفلسطينيين، حيث يتعمّد الاسرائيليين رغم مخالفتهم لكل القوانين الدولية، اختطاف المواطنين الفلسطينيين من مخيمات اللاجئين والمدارس والمستشفيات وغيرها من مناطق غزة، ومن ثم يتم نقلهم الى هذا المعتقل ليتعرّضوا لأشد أنواع التعذيب.