قطاعُ الاتصالات والإنترنت في ليبيا واستراتيجيةُ تطويره
يعيشُ العالمُ اليومَ ثورةً حقيقيةً في مجالِ تكنولوجيا المعلوماتِ والاتصالاتِ. ومواكَبةً للتقدُّمِ الملموسِ الذي تُحرزُه الكثيرُ من الدولِ العربيةِ، تسعى ليبيا جاهدةً للِّحاقِ بالتطورِ التكنولوجيِّ الحاصلِ في مختلفِ أقطارِ العالمِ، وتحسينِ بِنيتها التحتيةِ من خلالِ وضعِ استراتيجياتٍ تزوّدُ البلدَ بنهجٍ شاملٍ يدمجُ دورَ الاتصالاتِ والمعلوماتيةِ في القطاعاتِ، ما سيؤدي إلى التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ في ليبيا كلِّها.
لقد حتّمَتِ الحاجةُ الملحّةُ إلى استخدامِ الاتصالاتِ والإنترنت في مختلفِ ميادينِ العملِ والدراسةِ والطبِّ والطاقةِ والصناعةِ وغيرِها، السعيَ لتطويرِ الشبكةِ العنكبوتيةِ في ليبيا، وتحديثِ البِنيةِ التحتيةِ الوطنيةِ، ودعمِ تقديمِ خِدماتِ الاتصالاتِ والمعلوماتيةِ في جميعِ أنحاءِ البلادِ، وإتاحةِ الوصول الشاملِ للجميعِ إلى المعلومةِ.
وفي هذا الإطارِ يرى الدكتور الصدّيق حفتر “أنّ الضرورةَ تحتِّمُ إعادةَ النظرِ في هذا القطاعِ، ووضعَ استراتيجيةٍ تُواكبُ التطورَ التكنولوجيَّ في العالمِ، وهذا يتطلبُ تخطيطاً وتطبيقاً، ولا يكونُ ذلك إلّا من خلالِ أشخاصٍ وإمكاناتٍ ماديةٍ عاليةٍ للخروجِ برؤيةٍ مشترَكةٍ لدمجِ فُرَصِ تكنولوجيا المعلوماتِ والاتصالِ في استراتيجياتِ التنميةِ، والسعيِ لبناءِ شراكةٍ متينةٍ بين القطاعين، العامِّ والخاصِّ”، مشيراً إلى “ضرورةِ وجودِ إدارةٍ رشيدةٍ لتحسينِ الخِدماتِ وتشجيعِ قيامِ مجتمعٍ رقميٍّ شاملٍ لتأكيدِ محوِ الأميةِ الرقميةِ، واعتمادِ منظوماتٍ منهجيةٍ ترسِّخُ الرؤى المشترَكةَ، وتبنّي برامجَ مبتكَرةٍ وسياساتٍ راميةٍ الى إحداثِ تحوُّلٍ في عالَمِ الإنترنت والتكنولوجيا الرقميةِ بكلفةٍ بسيطةٍ يستطيعُ أن يتحمَّلَها أيُّ مواطنٍ”.
ولمواكبةِ العصرِ، لا بدّ منَ الاستثمارِ في تكنولوجيا المعلوماتِ لتمكينِ ليبيا منَ اللِّحاقِ بالدولِ المتطورةِ، والاستثمارِ في البِنيةِ التحتيةِ لجذبِ الاستثماراتِ الأجنبيةِ ودفعِ عجَلَةِ النموِّ الاقتصاديِّ إلى الأمامِ. وبرأيِ الدكتور حفتر، إنّ “كلَّ تطوّرٍ في تكنولوجيا المعلوماتِ يواكبُهُ تغييرٌ جذريٌّ في العلاقاتِ الاقتصاديةِ العالميةِ، وهو يتيحُ التميُّزَ والتنافسَ وفُرَصِ التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ”.
لتكنولوجيا المعلوماتِ إمكانيةٌ كبيرةٌ في رفعِ معدَّلِ النموّ الاقتصاديِّ، فهي تُحسِّنُ الكفاءةَ، وتزيدُ الإنتاجَ. من هنا، يرى الدكتور حفتر أنّ “الاهتمامَ بتطويرِ هذا القطاعِ يساهمُ بتطويرِ القطاعاتِ الأخرى التي ترتبطُ بهِ ارتباطاً مباشراً أو غيرَ مباشرٍ. من هنا لا بدَّ من تحسينِ الخِدماتِ العامةِ واستصدارِ عروضٍ مستحدَثةٍ للتكنولوجيا والاتصالات، للرُّقيِّ بهذا القطاعِ إلى مستوىً يُحاكي طموحاتِ أهلِ البلدِ وموظَّفيه ومؤسَّساتِهِ، ويجذبُ المستثمرين إليه والسياح”.
وأضاف: “لقد طوّرَتِ العديدُ منَ الدولِ الأوروبيةِ والأميركيةِ والعربيةِ قطاعَ الاتصالاتِ من خلالِ تحسينِ خِدماتِهِ. من هنا تأتي ضرورةُ وصولِ خِدماتِ الاتصالِ والإنترنت إلى جميعِ أنحاءِ ليبيا، والارتقاءِ بمستوى الخِدمةِ، وتشجيعِ صناعةِ الاتصالاتِ ونُظُمِ المعلوماتِ في الدولةِ وتحديثِ نظامِ الاتصالاتِ من طريقِ التدريبِ والتأهيلِ وإنشاءِ مؤسساتٍ خاصةٍ بهذه المهمةِ، وشراءِ أحدثِ المعداتِ والتقنياتِ، ووضعِ سياسةٍ إلكترونيةٍ جاذبةٍ، والعملِ للوصولِ إلى المشاركةِ الرقميةِ رسمياً، وتسريعِ الاقتصادِ الرقميِّ، ودعمِ التحوّلِ إلى المجتمعاتِ الرقميةِ وتوفيرِ خِدماتٍ عاليةِ الجَودةِ، وتأمينِ الحمايةِ والسلامةِ لسريةِ المعلوماتِ والبياناتِ في قطاعِ الاتصالاتِ وتكنولوجيا المعلوماتِ لتعزيزِ مكانةِ ليبيا في هذا المجالِ محليّاً ودوليّاً”.