جمعية المستهلك دعت النواب للتصويت إلى جانب إلغاء الاحتكارات والوكالات الحصرية
لفتت “جمعية المستهلك لبنان”، في كتاب إلى النوّاب، إلى أنّ “قانون المنافسة قد يخرج البلاد من دائرة الأزمات المزمنة، صوّت ضدّ الاحتكارات”.
وتوجّهت إلى كلّ نائب، قائلةً: “لقد شاهدتَ منذ أكثر من عامين و4 أشهر، انهيار البلاد الشامل من دون أن تحرّك إصبعًا واحدًا لإخراجها من الهاوية. فقط “اجتمعت وناقشت وصرّحت”، حتّى وصلت البلاد إلى مستوى الصومال واليمن. لماذا؟ لأنّك اخترت الاستمرار في السّياسات الّتي صنعت الانهيار، أو سكت عنها، لا فرق. لقد دعمت أقليّةً نافذةً وفاسدةً على حساب أكثريّة الشّعب”.
وأشارت الجمعيّة إلى أنّ “منذ نهاية الحرب الأهلية الكبرى عام 1991، حاول البعض وحاولنا، استخلاص الدّروس من فشل نظامنا السّياسي والاقتصادي، إلّا أنّ القوى السّياسيّة وحتّى اليوم، آبت إلّا إنكار ذلك، معتبرةً أنّ التّجارة والمصارف والكراهيّة والفساد هي منتج جيني مطبوع في دمّ اللّبنانيّين لا يمكن التخلّص منه”. ورأت أنّ “ما نشاهده اليوم من عجز مجلسكم النّيابي عن علاج سيطرة الاحتكار على الاقتصاد، عبر قانون عصري وعادل، هو استسلام للمحتكرين ولهذه الاسطورة القاتلة”.
وأوضحت أنّ “منذ عام 2001، وجمعيّة المستهلك تعمل على إلغاء الاحتكارات، لكنّ السّلطة التّشريعيّة والتّنفيذيّة، وبعضها شريك في الاحتكارات، رفضت ذلك. عام 2015، دفع البنك الدولي بدوره معنا في الاتجاه نفسه، لكنّه فشل أيضًا”.
وبيّنت أنّ “من المفيد أن نستذكر معًا، ما هي نتائج الاحتكار على البلاد:
– الاقتصاد اللبناني يعتمد في أكثر من 85 في المئة منه على احتكارات يحميها القانون (المرسوم الاشتراعي 34/67)، وأخرى ضمنيّة غير معلَنة (دراسة وزارة الاقتصاد والتجارة عام 2002). تطال الاحتكارات مجمل القطاعات الاقتصاديّة (أدوية، اتصالات، مواصلات، إسمنت، محروقات وغاز، حديد، دهانات، قمح وطحين، سيّارات، أدوات كهربائيّة، أغذية الخ).
– هذه الاحتكارات، بما فيها الوكالات الحصريّة، سيطرت عليها مجموعة صغيرة من اللّبنانيّين، بعضها منذ أكثر من مئة عام، نتيجة لعلاقات سياسيّة أو طائفيّة أو عائليّة. وقد سمحت هذه الثّروات لأصحابها بأن يصبحوا عصب الاقتصاد التّجاري والمصرفي والسّياسي، وقد تشكّلت حولها تباعًا عائلات السّلطة وأحزاب الطّوائف الّتي تحكمنا اليوم.
– هذه الاحتكارات المربحة تفسّر كراهيّة النّظام اللّبناني للقطاعات الاقتصاديّة المنتجة، الّتي غالبًا ما تعتمد على العمل والكفاية لا على الزبائنيّة. وهذا يفسّر أيضًا هجرة الكفايات أو انزواءها.
– وهذا يفسّر ضعف الاقتصاد اللبناني وفشله في المراكمة والتطوّر، على رغم الكفايات البشريّة العالية الّتي تضاهي الكثير من الدّول الصّغيرة النّاجحة، الّتي لديها ناتجًا وطنيًّا يتجاوز بين العشرة أضعاف والعشرين ضعفًا النّاتج اللّبناني (سنغافورة، النروج).
– تجربة هذه الدّول تؤكّد أنّ التخلّي عن هذا النّمط الاقتصادي الاحتكاري واعتماد الاقتصاد المنتج من زراعة وصناعة ذي فرص العمل الكثيرة، ومنها ذات المردود العالي (خاصّةً شركات المعلوماتيّة)، سيجعل الحاجة للاعتماد على التسوّل والدّعم الخارجي من الماضي، وسيمكّن المجتمع اللبناني من تخطّي أزماته السّوداء، ويتّجه نحو بناء الدّولة الحديثة والعادلة والمستقرّة والقويّة”.
كما دعت الجمعيّة، النّائب بصفته “يمثّل فئةً من الشعب اللبناني”، أن “يعي أهميّة التخلّص من هذا النّمط، الّذي دمّر استقرار البلاد ورهنها للخارج، إذ لا يمكن بلدًا اقتصاده ضعيف ومرتهن لاقتصاديّات كبرى، أن يحصل على استقلاله وسيادته، بل سيبقى مرتهنًا سياسيًّا لهذه الاقتصاديّات الخارجيّة”.
وتوجّه إليه بالقول: “كما تعرف، إنّ كلّ الحروب الدّاخليّة والخارجيّة هدفها واحد: المصالح. لذلك ندعو من يريد السّيادة والاستقلال حقًّا، أن يعمل على تعطيل الاحتكارات ووكالاتها الحصريّة، لا أن يُدافع عنها، وأن يصوّت إلى جانب إلغاء الاحتكارات وكلّ الوكالات الحصريّة الّتي أنهكت البلاد منذ عقود”.
وركّزت على أنّ “بعض المجموعات النّيابيّة قد تفكّر خلال الأيّام المقبلة، في إيجاد تسوية خاصّة “لا تقتل الدّيب ولا تفني الغنم”، وتحفظ المنافسة كشعار، امّا محتواها فهو تكريس الاحتكار والوكالات الحصريّة”. وذكّرت النوّاب، “وهم يعلمون بأنّ الزّعبرة والشّطارة اللّبنانيّة وإخراج الأرانب أدّى دائمًا إلى حرق البلد، الّذي أصبح على شفير الضّياع، أنّه لا بدّ لمن يملك السّلطة التّشريعيّة والتّنفيذيّة أن يستفيق على الواقع، وأن يفهم أنّ صلاحيّة هذا النّظام انتهت، وليس أمامه إلّا أن ينخرط في سياسات جديدة اختبرتها الكثير من شعوب العالم؛ أو ألأن يتحضّر للرّحيل”.
إلى ذلك، أعلنت الجمعيّة “أنّها ستطعن أمام المجلس الدستوري، بأيّ قانون يحمل اسم المنافسة، ولا يحمل في مادّته الخامسة الإلغاء الصّريح للوكالات الحصريّة، أو أيّ قانون يحاول إمرار نسبة هيمنة في السّوق تتجاوز الـ15% (وليس 35% كما يريدها بعض كبار المحتكرين)، أسوةً بكلّ قوانين المنافسة في العالم”. ودعت إلى “الخروج من هذا المستنقع المقفَل، والتّصويت للاقتصاد الحر المبني على المنافسة، مدخل لإخراج البلاد من محنتها القاتلة”.