مروان الحريري كاتب لبناني،وباحث في مجال علم النفس..له عدة أبحاث في التأمل والصوفية والفلسفة وعلم النفس ..
عقل حيواني(حسي) وعقل إنساني (مفكر).
العقل الحيواني يحتل الجزء الاسفل من الدماغ وهو موجود لدى جميع الثديات؛ أما الجزء الأعلى من الدماغ يحتله العقل المنطقي وهو خاص بالإنسان والى حد ما لدى بعض القرود الأكثر ذكاء كالشمبانزي والغوريلا.
ويختص العقل الأسفل (الحسي) بالمشاعر والأحاسيس التي تقيّم كل تجاربنا المتعلقة ببقائنا على قيد الحياة؛ وكل احساس في هذا العقل له هرمونه الخاص وهذا الهرمون يقيم ويحدد اذا كان يدعم ببقائنا أو يعرضه للخطر كما أنه يقيم التجربة سواء أكانت سلبية أم إيجابية!!
وتقسم هرمونات العقل إلى قسمين:نوع منها يمنحنا الشعور والاحساس باللذة والسعادة والأخير يؤلمنا ويشعرنا بالاسى.
لنعطي مثالاً على ذلك : الشوكولا عندما نأكلها يؤدي ذلك إلى فرز هرمون الدوبامين(Dopamine) وهو هرمون السعادة .في العقل مما يشعرنا بالفرح والرضى لذلك العقل الحسي الحيواني يرغب بتناول الشوكولاتة لهذه الغاية؛ وكذلك معاقرة الخمرة وتناول الكحول وتعاطي المخدرات وكل المواد التي تسبب افراز مادة الدوبامين تعتبر من الشهوات التي تسبب اللذة لدى الإنسان.
ووظيفة العقل الحسي هي ملاحقة شهواته لأنها تؤمن له الاستمرارية علماً انه لا يميز غالباً ان كانت هذه الممارسات تنفعه او تضر به المهم عنده هو الحصول على اللذة والسعادة.
بينما هناك مشاعر وأحاسيس كالخوف والغضب والحقد والحزن….. يتسببون بافراز كميات من هرمون الكورتيزول) Cortisol) والادرينالين(L’adrénaline) وهذان الهرمونان مؤذيان جداً للإنسان حيث يعرضان الخلايا البشرية للشيخوخة والتلف وخصوصاً خلايا الجلد؛ مع العلم ان العقل الحسي لا يستطيع أن يمنع فرز هذين الهرمونيت لأنها يفرزان بشكل آلي اوتوماتيكي لدى الشعور باي احساس مما ذكرته.
هناك سبعة مشاعر اساسية آلية مقرها العقل الاسفل وليس لها أي علاقة بالعقل المنطقي وهي :الجنس، الغضب، الخوف، الحزن ،حب الاطلاع، حب اللهو واللعب، العناية بالأطفال كما يوجد مشاعر اجتماعية أخرى كالخجل والغيرة والعيب وغيره وهذه المشاعر مشتقة من الأحاسيس الأساسية التي تلبس الثوب الاجتماعي.
مثلاً: الجنس، حب الاستطلاع اللعب، والعناية بالأطفال هي مشاعر إيجابية تؤدي إلى فرز هرمون اوكستوسين(Ocytocine) والبرولكتين(Prolactine) ومن نتائجها الأحساس بالنشوة الجسدية وهي تقوى المناعة في الجسم وتحسن الأداء الصحي.
اما الغضب والخوف والحزن والحقد فهي مشاعر سلبية تتسبب كما ذكرت سابقاً بإفراز مادتي الكورتيزول والأدرينالين مما يضعف مناعة الجسم وتؤدي إلى الإصابة بالأمراض مع مرور الوقت، وغالباً يلعب العقل المنطقي دوراً هاماً في تجنب المشاعر السلبية ويبحث عن فرص للاستفادة من الأحاسيس الايجابية، وهنا أجيب على السؤال الذي طرح في مقدمة الموضوع؛ لماذا النفس أمارة بالسوء؟؟
يلعب العقل المنطقي دور المروض للعقل الحسي الذي يوصف بالمتسرع الأعمى، مثلاً :عندما يغضب العقل الحسي من شخص نتيجة توجيه إهانة يفرز الأدرينالين فيستنفر الجهاز العصبي ويصبح الإنسان في حالة استعداد للقتال، هنا يتدخل العقل المنطقي ويحلل المشكلة والسبب آخذاً بعين الاعتبار حجم الإهانة، ثم يلطف من غضب العقل الحسي وينصحه بالتسامح والصفح وأن هذه الإهانة لا تستحق ردة الفعل هذه، أما اذا كان صاحب العقل الحسي غير مثقف وغير متفهم ولا يمتلك الوعي الكافي قد يؤدي ذلك إلى قتل شخص نتيجة اهانة بسيطة وفي هذه الحالة العقل المنطقي لا يعارض هذا الفعل لانه وبكل بساطة هو عقل جاهل.
العقل الحسي متسرع، عنيد، متوحش، خال من الرحمة عندما يتألم لذا تحدث الكثير من الجرائم البشعة في العالم وهو الجزء الكبير من النفس البشرية والتي تأمر بالسوء ولا يوجد كابح له إلا العقل المنطقي المفكر والذي يجب علينا دائماً تغذيته ورعايته بالعلم والفلسفة والمنطق والانفتاح والتأمل وممارسة الروحانيات والصلاة حتى يتمكن من السيطرة على العواطف والمشاعر السلبية وبالتالي من ترويض العقل الحيواني ومنعه من الأمر بالسوء .