الغاز الروسي على خطى الدولار الأمريكي
الباحثين في الاقتصاد ينظرون بعين البصيرة إلى خطوة عملاق الطاقة غاز بروم تقلب الموازين والحسابات ،لترد على كل من قام بمحاصرة ومقاطعة موسكو.
شركة غاز بروم تعلن وقف صادرات الغاز إلى كل من بولندا وبلغاريا بحجة رفض البلدان دفع تكاليف الغاز بالروبل ،في الوقت الذي تبحث فيه كل من بلغاريا ،بولندا ودول الإتحاد الأوروبي عن مصادر بديلة للغاز الروسي ، الشركة عرفت كيف تضرب المصالح الأوروبية من خلال بوابة بولندا التي تُعتبر في الوقت نفسه خط إمداد الغاز الروسي إلى صربيا والمجر ، خطوة بطبيعة الحال أثارت حفيظة الحكومة البولندية التي وصفتها بالإبتزاز الروسي الذي جاء ردآ على العقوبات الجديدة التي فرضتها وارسوا قبل أيام وبعد تصريحها أنها لم تدفع بالروبل مقابل الغاز الروسي .
أما الحكومة البلغارية التي وصفت روسيا بإنتهاك عقد التوريد وصرح رئيس الحكومة البلغارية بأن بلادها أوفت بجميع إلتزاماتها ولن تتفاوض تحت أي ضغط .
الخطوة الروسية يمكن أن تضرب مصالح كل دول الإتحاد الأوروبي الذي يعتمد على إمدادات روسيا من الغاز الطبيعي بنسبة ٤٠ بالمئة .
فالقرار الذي إعتبره رئيس مجلس النواب الروسي بالصائب في حق الدول الغير صديقة، وصفته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بغير المقبول وغير عادل والذي يُظهر مرة أُخرى عدم موثوقية روسيا كمصدر للغاز لكل الدول الأوروبية وهو ما رد عليه المتحدث بإسم الكرملين بصريح العبارة هو أن بلاده كانت ولا تزال مصدراً موقوفاً به لموارد الطاقة لعملائها وروسيا تتمسك بإلتزاماتها التعاقدية ولا يُمكننا الحديث عن أي إبتزاز هنا، كما تم إخطار مُشتري الطاقة الروسية بشروط الدفع الجديدة قبل وقت طويل ونحن نختلف مع هذا التعريف.
لكننا نتسائل اليوم هل يمكن للعالم أن يتأقلم من دون النفط والغاز الروسي ولتجنب كل هذه السيناريوهات تم طرح إفتتاح مشروع أنابيب غاز جديدة مع ليتوانيا يمنح بولندا إمكانية الوصول للغاز من محطة الغاز الطبيعي المُسال في ليتوانيا ،كما بدأ تشغيل خط أنابيب جديدة لنقل الغاز من النرويج يُعرف بإسم أنابيب البلطيق لتعزيز أمن الطاقة في البلاد ويمكن أن يحل محل جميع عمليات التسليم الروسية بعد أن تم تخصيص دراسة جدوى جديدة له في العام ٢٠١٦ ،فخط أنابيب البلطيق سيكون أداة لتغيير قواعد اللعبة والتي من شأنها أن تسمح لبولندا بتنويع مزيج الطاقة التي لديها وإنهاء الإعتماد المستمر منذ عقود على روسيا ،بالتزامن مع ما يحصل هناك تدفق عكسي من المانيا نحو بولندا سببه إرتفاع الطلب على إمدادات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب يامال أوروبا -الروسي بعد قرار وقف الإمدادات إلى كل من بلغاريا وبولندا ومع تزايد المخاوف الأوروبية،ألمانيا بصدد السير بأقصى سرعة في بناء بنية تحتية جديدة للطاقة ليتم الإستغناء نهائياً عن الأنابيب الروسية وفق تصريح وزير الإقتصاد الألماني روبيرت هابيك وما إن قررت روسيا قطع إمدادات الغاز على كل من بولندا وبلغاريا حتى إشتعلت الأسعار وهبط سعر صرف اليورو وهذا ما أكدته رئيسة المفوضية الأوروبية بأن دول الإتحاد مستعدة على مواجهة خطوة روسيا الأُحادية الجانب وأكدت أننا بالفعل قللنا الإعتماد على الغاز الروسي ومع الخطط التي عرضناها للتو من الإستقلال عن الوقود الأحفوري الروسي بشكل أسرع سيكون إلى الأبد وهذه الخطوة ستحرم روسيا من عائدات كبيرة.
في سياق حجم الإمدادات الروسية سنعرض نسبة الواردات من الغاز الروسي لأوروبا.
مقدونيا الشمالية ١٠٠٪
البوسنة والهرسك ١٠٠٪
مولدوفا ٩٤٪
فنلندا. ٩٤٪
لاتفيا ٩٣٪
هولندا ١١٪
بلجيكا ٧٧٪
ألمانيا ٤٩٪
إيطاليا ٤٦٪
بولندا ٤٠٪
فرنسا ٢٤٪
جورجيا ٦٪
إيرلندا ٠٪
أوكرانيا ٠٪
تشتري أوكرانيا الغاز من الإتحاد الأوروبي منذ عام ٢٠١٥.
لكن لماذا لم تتجه الدول الأوروبية لإيجاد البديل ،وفق لتقرير New York times إن السبب في عدم زيادة إنتاج النفط هو عدم ضمان شركات الطاقة الأمريكية ومستثمري wall Street بإرتفاع أسعار النفط لفترة كافية وبالتالي تحقيق ربح جيد . بشكل عام إنتاج النفط الأمريكي ثابت ومن غير المرجح أن يزيد بشكل كبير لمدة عام أو العامين المقبلين على الأقل وهذا ما ذكرته New York times.
هولندا وهنغاريا قالوا أنهما تدفعان قيمة ثمن الغاز باليورو على أن يقوم البنك الروسي بتحويله للروبل لصالح شركة غاز بروم إيكسبورت .
تحصل روسيا من مبيعات الغاز نحو ٢٠٠ مليار و ٢٠٠ مليون دولار يومياً وهو ما يعادل نحو ثلثي الناتج الإجمالي الروسي السنوي الذي يبلغ ١٠٦ ترليون دولار وأوروبا هي سوقها الرئيسي ولو حدث أن تراجعت المداخيل الروسية بسبب العقوبات المفروضة على شركاتها إلى أقل من ترليون دولار سنوياً ستخرج تلقائياً من قائمة دول مجموعة العشرين .
الخيارات أمام الإتحاد الأوروبي لتعويض النقص لم تنجح حتى الآن والدليل على ذلك بأن أوروبا حاولت في السابق ولم تنجح في تخفيض إعتمادها على الغاز الروسي وبالعكس في عام ٢٠٢١ إرتفع من ٢٥ ألى ٤٠٪ .
إمداد بولندا بالغاز من النرويج ،والنروج تزود بكامل طاقتها وتزويدها إلى بولندا يعني حرمانها لدول أخرى على سبيل المثال فرنسا وبريطانيا وهما لن يقبلا في هذا الوضع .
وصول الغاز عبر أمريكا يتطلب وجود بنية تحتية ، أماكن لتخزينه وتحويله من غاز مُسال ألى غاز طبيعي لإستهلاكه وهذا بحاجة لبناء محطات خاصة .
وفقاً لتقارير إقتصادية لن تستطيع أوروبا التخلي عن الغاز الروسي قبل عام ٢٠٣٠ ..
وفقاً لما ذكر سابقاً نحن أمام سيناريوهان
الأول إيجاد حل لهذه الحرب وخاصة مع إشتداد المعركة في المدن الساحلية وبالتزامن مع تدفق الأسلحة الغربية لأوكرانيا مما يكبد القوات الروسية خسائر مادية وإقتصادية ،نحن أمام إنهاء الحرب وإستمرار التصعيد كما نرى الآن بالتهديد الروسي بالغاز وبالأسلحة الغير مسبوقة،هناك إمدادات بأليات عسكرية لأوكرانيا هجومية وتهديد روسي بالأسلحة الكيميائية والنووية التكتيكية ،مما يعني الإنزلاق لحرب عالمية ثالثة ستقضي على البشر والحجر
بالنهاية هل هي حرب حدود أم حرب بين الأقطاب على تقاسم الثروات الطبيعية للدول وتدمير الثروات البشرية.
ترى …من سيدفع الثمن المستهلك الأوروبي أو الشعب الروسي هم ضحيت العقوبات لحرب فُرضت عليهم!؟