مروان الحريري كاتب لبناني،وباحث في مجال علم النفس ..له عدة أبحاث في التأمل والصوفية والفلسفة وعلم النفس ..عن السلبية والايجابية في تصوراتنا وأفكارنا*

هل للتفكير الإيجابي تأثير على حياتنا العملية واليومية ..؟ وهل له تأثير على صحتنا النفسية والجسدية والروحية؟ما هي خطورة التفكير السلبي على صحتنا وعلى حياتنا ومستقبلنا؟

من المعروف أنه ليس من السهل التمتع بالراحة النفسية والجسدية والروحية في عالم مليء بالحوادث والكوارث والحروب والأوبئة والفقر ولكن السؤال المطروح كيف لنا أن نعيش في عالم إيجابي في ظل ما يحصل ..؟

يقول والاس واتلس :”إن لم تعتقد-من قبل- ان الامتنان يلملم أشلاء فكرك المشتت، لينساب في تناغم مع طاقات الكون الأبداعية؛ ففكر من جديد وسترى أن الامتنان والشكر قادران على ذلك.”

ويقول بوذا:”كل ما نحن عليه هو نتيجة لما فكرنا فيه من قبل.”

أول ما ينبغي على كل إنسان فعله هو الشكر والحمد والثناء لله – كيفما كانت ظروفه المادية، الصحية والاجتماعية- لان الحمد والامتنان لله يضاعف النعم والوفرة ويشعر المرء بالسلام والطمأنينة وتنتج عنه حالة ايجابية من الرضا تتفاعل معها النفس البشرية وتؤدي إلى حصول حوادث إيجابية متتالية في حياته.

يقول الله في القرآن الكريم:”ولئن شكرتم لأزيدنكم” إبراهيم الآية رقم 7

والأمر الآخر بعد الشكر هو التفكير الايجابي(التفاؤل)

وتعتبر تقنية التفكير الايجابي محاولة لتغيير الأفكار السلبية السوداوية المتشائمة المظلمة الهدامة؛ إضافة إلى التخيلات والتوقعات الوهمية في الحياة إلى افكار إيجابية متفائلة واستبدال نظرة الشخص لنفسه واحترامه لذاته وتقديرها

وتوقع أحداث إيجابية وتغيير حياة الفشل إلى أخرى ناجحة من خلال تصور كل ما هو إيجابي وكل ما يطمح اليه المرء، ذلك لان التفكير الايجابي يبث الحياة فينا ويحفزنا لنكون اشخاصاً مقبلين إلى الحياة ومتسلحين بالرضا والتفاؤل وتوقع الأفضل.

يقول الفيلسوف والطبيب العربي ابن سينا

:”دواؤك فيك وما تشعر

وداؤك منك وما تبصر

وأنت الكتاب المبين الذي

بأحرفه يظهر المضمار”

وهذا دليل واضح أن الانسان يستطيع أن يداوي نفسه من الداخل كما يستطيع أن يمرض أيضاً من الداخل. والتفكير الإيجابي هو سلوك عقلي يقوم بترجمة الأفكار والكلمات والتصورات الذهنية ويحولها إلى أحداث مرضية وناجحة وهو جهد عقلي يتوقع نتائج جيدة.

والتفكير الإيجابي يدفع إلى الفرح والصحة والسعادة والحصول على نتائج ناجحة في كل عمل نقوم به وهو بحد ذاته حالة من التفاؤل الدائم، وطريقة لرؤية الحياة بشكل مختلف ورائع، لأن قوة أفكارنا تحدد واقعنا كما أن التفكير الايجابي يؤثر بشكل جيد على الصحة ويمنح الجسد مناعة من الأمراض.

اما التفكير السلبي فهو حالة من التشاؤم في رؤية الأشياء وتوقع الأحداث، والمبالغة في تقييم الواقع؛ بعبارة أوضح حالة من الهذيان والوهم الذي يحول الأشياء إلى حقيقة؛ ونلاحظ تزايد الأفكار السلبية لدى الأشخاص الذين لا يثقون بأنفسهم ويفقدون الثقة بالآخرين فيشعرون بالأحباط والحزن وخيبة الأمل والخسارة والفقدان ويتصفون بمزاج سيء، وكل هذه المشاعر تحفز الغدة الكظرية على فرز كميات من هرمون الكورتيزول(cortisol) الضار والذي بدوره يؤثر بشكل سلبي على الصحة ويضعف مناعة الجسم ويصبح عرضة للأمراض.

ويعتبر الكبت من أكبر المشكلات النفسية تعقيداً في هذا المجال

ومن الأشياء التي تؤثر على المتشائم، الخوف من الحاضر والقلق من المستقبل والعيش دائما في الماضي وتكرار سرد سيرته وحياته الأليمة والمعذبة وشعوره بالخجل من ماضيه حتى أنه يجعل من ماضيه أسطورة شخصية يكررها ويرويها في كل زمان وأمام كل الناس بغية التضامن معه والشفقة عليه.

قال الرسول الاعظم محمد:”الطيرة شرك” وقال :”من ردته الطيرة عن حاجته فقد اشرك” ويقول الله في القرآن الكريم :”قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل انتم قوم تفتنون” النما الآية 47

وهذا دليل ان الإسلام حرم التطير والتشاؤم وعدم الثقة بالله والايمان بالقدر خيره وشره ودعانا إلى التفاؤل والتوكل على الله.

يقول الله في القرآن الكريم :”لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا”الطلاق 1.

إن التفكير الايجابي يحتاج إلى عوامل وتقنيات سهلة وغير معقدة نستطيع ممارستها يوميا ودائماً

-تعزيز الثقة بالنفس واحترام الذات وتقديرها.

-الأعتياد على الحمد والشكر والثناء لله والرضا بالموجود.

-الاسترخاء والتأمل بالطبيعة.

-اعتناق الصمت.

-المشاركة في الحياة الاجتماعية ومعاشرة الأشخاص الإيجابيين لان الايجابية عدوى.

-الإبتعاد عن المؤثرات السلبية التي تتحدث عن الموت والقتل والمرض والخسارة والإحباط واستبدالها بالتحدث عن النجاح والفرح والحب والتسامح والعطاء.

-توقع الأفضل دائماً والتلفظ بجمل وكلمات كلها إيجابية كأن نقول : صحتي جيدة جدا وانا بأحسن حال او هذا النهار يبدو رائعاً وساحصل به على أشياء جميلة

او : هذه الرحلة التي ساقوم بها ستكون رحلة موفقة وناجحة او

هذا العمل عمل عظيم. وضعي المادي سيصبح افضل بكثير انا متأكد من ذلك

إذا أخذت هذه الحبة من الدواء حكما سيتحسن وضعي الصحي وسيتلاشى الوجع فوراً.

لا يمكن أن يحصل معنا حادث سير فأنا واع كيف أقود السيارة ولن اقابل اي شخص متهور في طريقي.

اذا توقعت الخير ستجده حكماً ألم يقل أحد الحكماء: تفائلوا بالخير تجدوه.

هناك الكثير من الدراسات والكتب والأبحاث التي كتبت في هذا المجال إضافة إلى دورات تدريبية تقوم فيها مجموعة من الجمعيات والأندية تعلم الناس كيفية التفكير الإيجابي والشعور بالسعادة والفرح من خلال توقع حصول أحداث وأمور وتحقيق أمنيات ورغبات وطموحات.

راقب دائماً افكارك لأنها ستصبح افعالاً وراقب أفعالك لأنها ستصبح طباعك وطباعك بعدها ستحدد مصيرك .. كن ايجابياً في افكارك وتوقعاتك وستنعم بالوفرة والصحة والفرح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *