“لأني أنثى” يطرح عبر الأثير “الصراع الذي تعيشه الفتاة بسبب التمييز”
كاتب المقال : الدكتورة ليلى شمس الدين باحثة في الأنثروبولوجيا والإعلام
في أولى حلقات برنامج “لأنّي أنثى” تناولت معدّة ومقدّمة البرنامج، أستاذة علم الاجتماع الدكتورة ماريز يونس، موضوعًا بغاية الأهمية عن التمييز في العلاقة بين الأخ وأخته، وأسباب تمييز الأهل بينهما، وتساءلت عن إدراك الأهل للصراع الذي تعيشه البنت تجاه التمييز الذي يمارسه أبويها. وتطرّقت الحلقة إلى العمل المنزلي وعلاقته بجينات الأنثى، وطرحت عدم تثمين العمل المنزلي بأجر، كما أوضحت الفرق بين التمييز والاختلاف بين أفراد الأسرة.
موضوعات حسّاسة طرحتها يونس في هذه الحلقة من الذي ينقل بحسب أهدافه ومنطلقاته، صوت الأنثى بكل تجليات حياتها، في الأسرة وفي المدرسة، وفي العمل، وفي كل صورة من صورة حياتها الاجتماعية السياسية. كما يحاول أن يجسّد دور المرأة كزوجة، وكأم، وكمطلقة، ناقلاً صورها في الإعلام ومن خلاله، وفي كل تفصيل من تفاصيل حياتها اليومية.
ماريز قاربت الكثير من الإشكاليات التي شرّعت الأبواب للنقاش مع ضيوفها البروفيسور عدنان الأمين أستاذ العلوم التربوية من لبنان، والدكتورة ميسون العتوم، عضوة في مجلس الأعيان ومديرة مركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية سابقًا من الأردن، والدكتور منذر الطمني، الأستاذ المساعد في علم الاجتماع في جامعة تونس، والدكتورة شريفة يعقوبي، الإعلامية وأستاذة علم الاجتماع من الجزائر.
حملت الحلقة الأولى عنوان “التمييز” من خلال قصّة ميرا ابنة السنوات التسع، التي طرحت صورة من صورها وتفاعلاتها مع الواقع، ناقلة رأيها في تفاصيل يومياتها التي ربما يعرفها الآخرون، وربما لا يعرفونها أو يتجاهلونها.
تناولت قصّة ميرا اللامساواة في التعامل داخل الأسرة بينها وبين شقيقها الذي يكبرها بسنة واحدة. وطرحت إشكاليات عدّة تناولت فيها واقع التمييز بين الذكر والأنثى، إن في الحق في الاختيار، أو في الحق في اللعب، كما في العمل المنزلي، وفي العمل المأجور، وكذلك الحق في السهر، وفي التعبير عن الرغبات والحاجات والخيارات كما في ترتيب الأولويات.
أسئلة وطروحات عدّة وجّهتها يونس إلى ضيوفها الذين استفاضوا في قراءة الواقع وانعكاساته كما تمايزاته.
في هذا السياق، عرض دكتور عدنان الأمين، العديد من الأطروحات، التي بيّن من خلالها أنّ الحكم على الجنس نفسه هو حكم اجتماعي. وبذلك يختلف من مجتمع إلى آخر، وهذا يعني أنّ هذا الأمر هو نسبي، ويتغيّر في المجتمع نفسه، كما يتغيّر بين المجتمعات.
كما رأى أنّ التمييز قائم على قدم وساق في المؤسّسات الاجتماعية لأسباب تعود تاريخيا لأحكام مسبقة حدثت، ولكن وفي النهاية الإمرأة تحتل مناصب بما يوازي ويتفوّق حتى على الذكور. وأكّد على أنّ هذه القضية هي قضية مواجهة وفرض نفوذ، النساء يجب أن يفرضن نفوذهن بالتعاون مع الرجال، ولكن على الأقل في البداية يجب أن نبدأ بخطاب المساواة.
ولفت إلى أنّ حقول المواجهة متعدّدة، فالأسرة هي حقل للمواجهة، والمدرسة هي حقل للمواجهة، والعمل هو حقل للمواجهة، وكذا المشاركة السياسية، كلّها حقوق مفتوحة للمواجهة. لكن الفضاء العام هو الحقل الذي من الممكن أن يضفي تموّجات على الحقول الأخرى.
أمّا الدكتورة ميسون العتوم، فاعتبرت أنّنا في الدول العربية استوردنا حالة من التحديث، وهذا يختلف عن الحداثة، واستوردنا التكنولوجيا، ولبسنا اللبس الافرنجي، وقصصنا شعرنا فرنسي، ولكن الخطاب والهيمنات لا زالت جاسمة بثقلها على الثقافات العربية. وأوضحت أنّنا في حالة أشبه ما يكون بالفصام الثقافي. إذ لدينا الكثير من التراث، وأخذنا الكثير من التحديث، ونحاول أن نزاوج بين النموذجين، فنتج نموذج مشوّه عن الحالة.
كما اعتبرت أنّ المجتمعات التقليدية عرفت حالة من تقسيم العمل، بأن كل ما هو داخل للمرأة، وكل ما هو خارج حدود المنزل للرجل. وكل ما له علاقة بالسياسة وبالحرية وبالفضاء العام وبالمال، هو مذكّر. وكل ما له علاقة بالعاطفة والعلاقة الحميمية والعمل البيتي هو مؤنّث. وأكّدت أنّ ما حدث في الدول العربية، أنّ النساء خرجت إلى المدرسة وإلى العمل، ولكن لم يتم تقاسم العمل البيتي. لذلك نجد أنّ الفتيات في حالة من التذمّر، أو في حالة من الشعور بالتقسيم غير المتكافئ للعمل.
وبيّنت الدكتورة شريفة يعقوبي، أنّه في المجتمع الجزائري أيضا، لا يحق للبنت أن تلعب كما يمارسه الولد، لافتة إلى أنّ هذا يحدث في كثير من الممارسات، نتيجة قناعات تحكمها ممارسات اجتماعية تحيط الفتاة بهالة من الخوف الدفاعي، أو الخوف الذي يحيط في أمن الفتاة ككل.
في هذا السياق، أكّد الدكتور منذر الطمني، أنّ مسألة التمييز في المجتمع التونسي، تعود جذورها للمجتمع التقليدي للعائلة التقليدية، وتقسيم الأدوار بين الولد والبنت على أساس التمييز الجنسي. عازيا التمييز النوعي بين الجنسين إلى التربية والتنشئة الاجتماعية. وأشار إلى أنّه اعتمادًا على عدد من العوامل، أهمها التعلّم والعمل أصبح هناك تقليص نسبي للفوارق والمهام. وبالتالي تغيّر شكل وطبيعة العلاقة بين الشاب والفتاة ، وساعدت على ذلك قوانين الأحوال الشخصية التي أقرّت في تونس.
خلصت الحلقة، بطرح جملة أسئلة من دكتورة ماريز يونس، تُشرّع الآفاق لكسر حواجز الصمت وصولاً إلى كسر القيود، من خلال طرح بعض الحلول التي نسبتها إلى ميرا نفسها، وركّزت فيها على مفهوم المشاركة، إن بعمل الفتى المنزلي ومعيار الرجولة، أو بعمل الفتاة خارج المنزل ومعيار الأنوثة، كما بالتعبير عن المشاعر والمطالب، وتساءلت عن أبعاد وتبعات دعم الفتى في مقابل تهديد الفتاة في ما يخص حركاتها وسكناتها، وتوقّفت عند إشعار الفتاة الدائم بأنّها مذنبة فقط، لأنّها أنثى.
يُعرض برنامج #لأني-أنثى كل ثلاثاء الساعة الواحدة ظهرًا على شاشة تلفزيون مريم.
يُمكنكم متابعة الحلقة من خلال الرابط التالي https://youtu.be/HOASpq4emZY