قراءة في رواية الدّكتور حسن محمود الشّلّ… النّخلة الدّمشقيّة
قراءة في رواية الدّكتور حسن محمود الشّلّ
النّخلة الدّمشقيّة
بقلم: حسين أحمد سليم الحاج يونس
رئيس تحرير القسم الثّقافي بالجريدة الأوروبّيّة العربيّة الدّوليّة
كاتب باحث و مهندس فنّان عربي لبناني من بلاد بعلبك
الرّواية بمفهومها الأدبي، هي سرد نثري مُطوّل، لا ينتمي إلى هويّة الشّعر، و يقترب من فنون القصّة، إنّما يختلف عنها من زوايا عدّة، فلكلّ فنّ أدبي عالمه الخاصّ…
فكما أنّ لفنون نظم و قرض الشّعر فنّ و فنّان خاصّ به، فهكذا فنّ كتابة الرّواية، يمتلك خيالاً خاصّاً بها…
إجتهد مؤلّف كتاب رواية: “النّخلة الدّمشقيّة”، الدّكتور حسن محمود الشّلّ، بـفعل حركة مكوّنات و عناصر الشّموليّة التّفصيليّة المفيدة، فجاءت منظومة أفكار روايته، متكاملة لخصوصيّات و سمات كتابة الفنّ الرّوائي…
و بقراءة موضوعيّة تحليليّة، لرواية: “النّخلة الدّمشقيّة”، نخلص إلى تكوين رؤى أدبيّة ممتعة و مثمرة، بحيث نتلمّس تقنيّة و جودة بسلاسة اللغة، و متانة حبك النّصّ الرّوائي، بإستعمال المنهج السّيميائي التّطبيقي و النّظري عند المؤلّف، الدّكتور حسن محمود الشّلّ، ممّا يتيح للقاريء الواعي، الخروج بصفوة خلاصة و زبدة أفكار، لجملة معلومات ذات قيمة رفيعة، عن فعل الواقع الرّوائي، الذي يتفاعل حضارة ثقافيّة، بتنمية مستدامة، مع حركة ثورة عولمة المعلومات، و معرفة بعناصر سبك و تدبيج فنون الرّواية، و كيفية تضمينها تحت تقسيمات الدّراسة الممنهجة…
تميّزت رواية “النّخلة الدّمشقيّة”، للمؤلّف، الدّكتور حسن محمود الشّلّ، بإمتلاكها مجموعة من عناصر حركة التّجديد و التّحديث و المغامرة، مبتعدًا في صياغة فصولها، عن التّزلّف و التّملّق، سابرًا في تفاصيلها، البعد الآخر، حيث الحقيقة تتجلّى… فأتت روايته، بما تضمّنته، منصّة أدبيّة روائيّة، لإحتواء جُلّ الضّغوطات و المعاناة و القهورات و المظلوميّات الممارسة بحقّ الإنسان، و تسليط الأضواء على المستوى الإنساني المُتدّني في التّعامل و التّواصل، و بهذا الأسلوب المُحكم، تحوّلت رواية “النّخلة الدّمشقيّة”، إلى منبرٍ حرّ، تحت أعواد هيكليّة المحكمة الإنسانيّة العادلة، يعاقب القاضي العادل، عن طريقه، الظّالم و الجائر و المستكبر، بعقاب أدبي لغوي سردي متين الحبك، تأتي حُزم سيّالات وقعه، أشدّ تأثيراً من العقاب الشّفهي، لأنّه وثيقة دامغة و جليّة بيد الإنسان، تمّ نقلها إليه، عن طريق كاتب مُمكّن، و راوٍ يعرف حيثيّات القضايا و معاناتها و ضغوطاتها و تأثيراتها…
و إذا ما تعمّقنا بالقراءة لرواية “النّخلة الدّمشقيّة”، نخرج بحصيلة معلومات مثمرة، و ممّا تميّزت به، نزوع شخصيّاتها إلى البحث عن الحقيقة، ميزتها تلك العناصر القويّة، التي تُثير القاريء، و تهزّ عواطفه… تخلق فيه من التّعاطف مع بعض شخصيّات الرّواية، ما يُعقلن قلبه و يُقلبن عقله، و يفتح وعيه الباطني، و عرفانه الذّاتيّ، لما يريد أن يلقيه الرّاوي من إيحاءات…
و من ابراز الملامح التي تميّزت بها رواية “النّخلة الدّمشقيّة”، هي الميل إلى وصف مشهديّات الطّبيعة، و أطياف ألوانها، حيث يتّخذ الإنسان من الطّبيعة و أشجارها موطناً له يبتعد به عن النّاس…
و يبرز في الرّواية، ضمير المتكلّم على اللغة السّرديّة، و كثيراً ما نرصد إعترافات أبطال الرّواية تُدوّن في مذكّرات، أو مدوّنات تستوعب سرد ذاتي، بصياغة متّقنة… و نجد في متن الرّواية، جانب فلسفي للواقعيّة، الذي أسهم في بلورة و ظهور الرّواية على حقيقتها الواقعيّة…
بحيث أسّست من الواقع قاعدة لها تنبت عليها جذورها الرّصينة، و بهذا يشمخ أفق متنها عالياً، و تمتزج الواقعيّة، بالطّبقة العاملة في الأهداف…
و أهمّ مميّزات الرّواية، هو تطرّقها لقضايا جوهريّة واقعيّة معاشة بأمتياز، و هنا يتراءى لي بما لايقبل الجدل، أنّ الدّكتور حسن محمود الشّلّ، تفوّق في تناول توصيفات شخصيّات روايته، لِتُعدّ روايته، سياسيّة إجتماعيّة إنسانيّة، توكيدًا للحركة الرّوائيّة الواقعيّة… فالقضية التي يعالجها الدّكتور حسن محمود الشّلّ، قضيّة إجتماعيّة كبرى، تتعلّق بالصّراع بين الإنسان و سلطات الأمر الواقع، بحيث يقف كلّ طرف من طرفيّ الصّراع موقف، نتيجة الإلتزام العقائدي أو للدّفاع عن حقوق طبقة مهضومة تجاهد لإنتزاع حقوقها…
و إنّ أهمّ ما إمتازت به رواية: “النّخلة الدّمشقيّة” عمومًا، صدقها في مناقشة الواقع و إشكاليّاته بالدّرجة الأساس، و إنّ الفعل السّردي، الذي إعتمده الكاتب الدّكتور حسن محمود الشّلّ، تفوّق به لمرتبة مثمرة بين الفنّون الأبداعيّة عامّة…
غلاف كتاب “النّخلة الدّمشقيّة” رواية لسماحة الشّيخ الدّكتور حسن محمود الشّلّ
من إبتكار و تصميم و تنفيذ
الفنّان التّشكيلي العربي اللبناني حسين أحمد سليم آل الحاجّ يونس