الاستثمارُ في البنيةِ التحتيةِ العاليةِ الجودةِ يعزّزُ الاقتصادَ الليبيَّ
مما لا شكّ فيهِ، أنّ الاستثمارَ في البنى التحتيةِ الأساسيةِ المستدامةِ أمرٌ ضروريّ لتحسينِ المستوياتِ المعيشيةِ للمجتمعاتِ المحليةِ في جميعِ أنحاءِ العالَمِ، ومن دونِ بنىً تحتيةٍ لن يكونَ هناكَ مجتمعٌ سليمٌ.
غالباً ما يُفهَمُ معنى البنيةِ التحتيةِ على أنه بناءُ أبنيةٍ، أو شركاتٍ، أو طُرُقاتٍ أو مؤسَّساتٍ صحيّةٍ، لكن لا بدَّ من الملاحظةِ أنّ إنشاءَ مستشفىً مثلاً، لا يمكنُ أن يكتملَ من دونِ شبكةٍ متينةٍ للتخلّصِ منَ النُّفاياتِ الصُّلبةِ، وشبَكةُ النُّفاياتِ لا يمكنُ أن تعملَ دونَ المعارفِ المكتسبةِ والمواردِ اللازمةِ لإدارتِها.
تتطلبُ البنيةُ التحتيةُ في مختلِفِ القطاعاتِ الصحيّةِ والتعليمِ والأسواقِ التجاريةِ، أن تكونَ مُنشَأةً على نحوٍ سليمٍ، وأن تُلبِّيَ الحاجاتِ السريعةَ للوصولِ إليها، وهي بحاجة للمواردِ المطلوبةِ والمستدامةِ لطولِ عمرها. هذه هي رؤيةُ الدكتور الصدّيق حفتر للبنيةِ التحتيةِ في ليبيا، وهنا يلحظُ أنّ “معدلاتِ الإنفاقِ الرأسماليِّ لا تزالُ دونَ احتياجاتِ خدماتِ البنيةِ التحتيةِ في عددٍ من الدولِ العربيةِ، ومنها ليبيا، حيثُ تشيرُ المؤشِّراتُ الماليةُ إلى تراجعِ الإنفاقِ على البنيةِ التحتيةِ خلالَ السنواتِ الأخيرةِ، على خلفيةِ تداعياتِ التطوراتِ الداخليةِ والخارجيةِ للبلادِ، التي تنعكسُ على الأوضاعِ الاقتصاديةِ والماليةِ في غالبيةِ الدولِ”.
تنبعُ أهميةُ الاستثمارِ في البنيةِ التحتيةِ من دورِهِ في دعمِ النموِّ الاقتصاديِّ وتحقيقِ التنميةِ الاقتصاديةِ المستدامةِ، وعلى الرغمِ منَ الجهودِ المبذولةِ بإطار تأهيلِ وتطويرِ البنيةِ التحتيةِ في ليبيا خلالَ السنواتِ الماضيةِ، لكنْ لا تزالُ خدماتُ هذه البنيةِ التحتيةِ دونَ مستوى الطلبِ المتنامي في ضوءِ تسارعِ النموِّ السكانيِّ وتسارعِ وتيرةِ التحضّرِ وارتفاعِ متوسطِ دخلِ الفردِ والحاجةِ لتلبيةِ متطلباتِ النموِّ الشاملِ والمستدامِ. في المقابلِ، برأيِ الدكتور حفتر “تعكِسُ معدلاتُ الوصولِ إلى خدماتِ البنيةِ التحتيةِ في عددٍ من الدولِ العربيةِ عدمَ مواكبتِها للطلبِ المتنامي. وعلى سبيلِ المثالِ، فإنَّ نسبةً لا بأسَ بها من سكانِ ليبيا لا يحصلون على خدماتِ الكهرُباءِ، ولا تزالُ مستوياتُ النفاذِ إلى خدماتِ مياهِ الشُّربِ بحاجةٍ الى بذلِ مزيدٍ منَ الجهودِ لتوسيعِ نطاقِ نفاذِ السكانِ، خصوصاً في المناطقِ الريفيةِ، إلى تلك الخِدماتِ، وتلك أمورٌ ستكونُ أولويةً تتطلّبُ معالجتَها بدقّةٍ”.
ولأنّ مستوياتِ النفاذِ إلى خدماتِ البنيةِ التحتيةِ الرقميةِ في الكثيرِ منَ الدولِ العربيةِ لا تواكِبُ مستوياتِ الدولِ المتقدمةِ، ولأنّه في خدماتِ النقلِ تنخفضُ نسبياً نوعيةُ خدماتِ البنيةِ التحتيةِ، حسبَ مؤشِّرِ أداءِ الخدماتِ اللوجستيةِ الذي يُصدرُهُ البنكُ الدوليُّ، الذي لاحظَ تراجعَ جودةِ البنيةِ التحتيةِ الداعمةِ للتجارةِ والنقلِ في عددٍ منها، خصوصاً معَ ارتفاعِ عددِ السكانِ وما رافقَهُ منَ ارتفاعِ نسبةِ سكانِ المناطقِ الحضريةِ وارتفاعِ الطلبِ على الخدماتِ العامةِ الأساسيةِ، لذلك أكّدَ الدكتور حفتر “السعيَ الدؤوبَ لتطويرِ وزيادةِ أصولِ البنيةِ التحتيةِ خلالَ السنواتِ المقبلةِ، خصوصاً مع زيادةِ عددِ سكانِ العالمِ الذي سينعكِسُ ارتفاعاً في الطلبِ على خدماتِ البنيةِ التحتيةِ، خصوصاً تلك المرتبطةَ بالطاقةِ والطُّرُقِ والتقنياتِ، كذلكَ تبرزُ الحاجةُ إلى رفعِ معدلاتِ الوصولِ إلى خدماتِ الكهرُباءِ والماءِ، وتطويرِ وتأهيلِ البنيةِ التحتيةِ الداعمةِ للنقلِ، بما في ذلكَ الطُّرُقُ والموانئُ والمطاراتُ والسككُ الحديديةُ، ما يعززُ الخدماتِ اللوجستيةَ ويدعمُ التجارةَ الليبيةَ ويعزِّزُ من فرصِ الاندماجِ في التجارةِ العالمية”. ويعتبرُ حفتر أنّ “توفيرَ البنيةِ التحتيةِ ذاتِ الجودةِ العاليةِ أمرٌ ضروريٌّ لرفعِ مستوى الإنتاجيةِ وتعزيزِ تنافسيةِ الاقتصادِ، وحافزٌ لجذبِ الاستثماراتِ المحليةِ والأجنبيةِ”.