استصلاحُ الأراضي الزراعيةِ وانعكاسُهُ الإيجابيُّ على الاقتصادِ الليبيِّ
تُعَدُّ الزراعةُ في ليبيا عاملاً مهمّاً في الاقتصادِ الليبيِّ، وهيَ متأصِّلةٌ في جذورِ شعبِها وتقاليدِهِ. فالقطاعُ الزراعيُّ هو المصدرُ الأساسيُّ لتزويدِ الإنسانِ بالسِّلعِ الاستهلاكيةِ الأساسيةِ، ومدِّ القطاعاتِ الأخرى، ولا سيّما الصناعةُ، بالموادِّ الوسيطةِ وعنصرِ العملِ. إلا أنّ هذا القطاعَ لا يزالُ بحاجةٍ إلى تنشيطٍ من أجلِ الوصولِ إلى اكتفاءٍ غذائيٍّ كلّيٍّ، والتقليلِ منَ الاستيرادِ، ومن تزايدِ وارداتِ السِّلَعِ الغذائيةِ لتلبيةِ احتياجاتِ الشَّعبِ الليبيِّ منَ الموادِّ الغذائيةِ الأساسيةِ.
تُمثِّلُ الزراعةُ، في أيِّ بلدٍ، النشاطَ الإنتاجيَّ الهادفَ إلى توفيرِ الغذاءِ مباشرةً، عكسَ الأنشطةِ الإنتاجيةِ الأخرى التي توفرُ الغذاءَ بصورةٍ غيرِ مباشرةٍ. والزراعةُ تُمكِّنُ المجتمعَ منَ اكتسابِ مكانةٍ دوليةٍ اقتصاديةٍ. وغالباً ما يمتازُ النشاطُ الزراعيُّ بالبساطةِ، مُقارَنةً بالأنشطةِ الصناعيةِ التي تحتاجُ إلى خِبراتٍ كبيرةٍ وقُدُراتٍ خاصةٍ. لذلكَ، يستطيعُ أيُّ مجتمعٍ القيامَ بالنشاطِ الزراعيِّ إذا ما توافرَتِ الإرادةُ مع عناصرِ مقوِّماتِهِ المائيةِ والماليةِ.
في ليبيا، يواجهُ القطاعُ الزراعيُّ تحدّياتٍ كبيرةً تعوقُ تقدُّمَهُ، أوَّلُها محدوديةُ ما تملِكُهُ ليبيا من مواردَ زراعيةٍ، وقلّةُ الاستثماراتِ الناجمةِ عن عواملَ عدةٍ، منها: ضَعفُ البنيةِ الأساسيةِ للبحوثِ الزراعيةِ، نقصُ الإمكاناتِ من مختبراتٍ ومحطاتٍ للتجاربِ الزراعيةِ، نَدرةُ الباحثين والمدرِّبين، وضَعفُ البنيةِ التحتيةِ الخاصةِ بقطاعِ التسويقِ الزراعيِّ، فضلاً عنِ الحاجةِ إلى استقرارٍ أمنيٍّ مُستدامٍ. كلُّ هذا أدى إلى ضَعفِ القاعدةِ الإنتاجيةِ للقطاعِ الزراعيِّ.
انطلاقاً من هذه المعاييرِ، يعي الدكتور الصدّيق حفتر جيّداً أنّه “يجبُ العملُ على إيجادِ السياساتِ والاستراتيجياتِ التي يمكنُ من خلالِها مواجهةُ تلك الصعوباتِ لتحسينِ هذا القطاعِ وقُدرتِهِ التنافسيةِ معَ الدولِ الأخرى، وخَلقُ المُناخِ الاستثماريِّ الجاذبِ، للإسراعِ في عمليةِ التنميةِ، وبناءُ رأسِ المالِ البشريِّ المؤهَّلِ ورفعُ كفاءتِهِ، والعملُ على تنفيذِ السوقِ العربيةِ المشتركةِ، والاستفادةُ من دولِ الجوارِ، مثلِ مصر والسودان”.
من أجلِ إعادةِ احياءِ القطاعِ الزراعيِّ في ليبيا، لا بدَّ منَ استصلاحِ الأراضي الصحراويةِ من خلالِ القيامِ بعدةِ خطواتٍ مهمةٍ، أبرزُها:
* تحليلُ التربةِ لمعرفةِ طبيعتِها.
* دراسةُ عمقِ مياهِ الآبارِ ومناطقِ وجودِ المياهِ، والعملُ على استخراجِها.
* تخطيطُ الأرضِ وتقسيمُها بين أماكنِ زراعةِ الأشجارِ والمحاصيلِ، والمباني والبنيةِ التحتيةِ.
* تنفيذُ شبَكاتِ الريِّ والطُّرُقِ.
* حفرُ الآبارِ وإنشاءُ أحواضِ تخزينِ المياهِ.
* تركيبُ مصدرِ الطاقةِ.
* إنشاءُ المباني الإداريةِ والمخازنِ.
* تجهيزُ التربةِ للزراعةِ، وتوزيعُ المادةِ العضويةِ.
* تحديدُ المحصولِ المناسبِ للتربةِ، بناءً على المنطقةِ الجغرافيةِ والمُناخِ.
* تنظيمُ أماكنَ ومساكنَ للعمالِ، كلٌّ بحسبِ دورِهِ ووظيفتِهِ.
يُعتَبَرُ استصلاحُ الأراضي الزراعيةِ أفضلَ استثمارٍ تتحققُ من خلالِهِ الأرباحُ. ورغمَ الحاجةِ إلى إمكاناتٍ ماليةٍ مرتفعةٍ، لكونِهِ يحتاجُ إلى ماكيناتٍ تُستَخدَمُ في عمليةِ الإصلاحِ، مثلِ الجراراتِ وماكيناتِ رفعِ المياهِ، وإلى مُعَدّاتٍ مثلِ الخراطيمِ البلاستيكيةِ والعرَباتِ الصغيرةِ ومُولَّداتِ كهرُباء، إضافةً الى الأسمدةِ المُستخدَمةِ في الزراعةِ، ولا سيّما السمادُ العُضويُّ، وغيرِها. إلا أنّه برأيِ الدكتور حفتر “سيُوفِّرُ للشعبِ الليبيِّ فُرَصَ عملٍ كثيرةً، وسيحُدُّ من مشكلةِ البطالةِ وسيحقِّقُ أرباحاً كبيرةً لليبيا، سترتدُّ عليها إيجاباً في المستقبلِ القريبِ”.