“شماعة النووي الإيراني”.. محاولة لحرف الأنظار عن جرائم الصهاينة
محمد أبو الجدايل– كشفت الجمهورية الاسلامية الايرانية عن موقفها بشأن تقرير المدير العام للوكالة الدولية المُقدّم إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقيام مجلس محافظي الوكالة الخاضع دون أدنى شكّ بغالبيته لسلطة “اللوبي الصهيو-امريكي”، بالتصويت على مزاعم الترويكا الأوروبية “المُستمدّة من فحوى تقارير صادرة عن الكيان الصهيوني” في المجلس أمس الأربعاء 5 يونيو (حزيران) ضد ايران، مؤكدةً أن أي إجراء ضد البلاد سيُقابل بردّ صارم من قبل ايران.
فيما “إنجرّت” أمريكا أيضاً في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية يوم أمس، وراء المزاعم الأوروبية القائمة على المُخاتلات الصهيونية، مؤكدةً تأييدها لـ “افتراءات الدول الأوروبية”.
في ضوء هذه “الهجمة الغربية الشعواء” ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تأتي على وقع الجرائم الصهيونية ومجازر الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفي ظلّ محاولة غربية لـ “حرف الأنظار” عن جرائم العدو الصهيوني بحق أهالي قطاع غزة عبر مزاعم لا صحّة لها بشأن مخاطر وشبهات تحوم حول البرنامج النووي السلمي الإيراني، نشر الممثل الدائم للجمهورية الاسلامية الايرانية لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينا تعليقاته وملاحظاته على النحو التالي فيما يتعلق بالتقريرين الأخيرين للمدير العام “رافائيل غروسي” إلى مجلس المحافظين للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتبلور ردّ ممثل البلاد لدى المنظمات الدولي في عنوان حمل اسم “تعليقات عامة”، جاء فيه: لطالما أوفت إيران بالكامل بالتزاماتها، بما في ذلك اتفاق الضمانات الشاملة، وبذلت كل جهد ممكن حتى تتمكن الوكالة من تنفيذ أنشطة التحقق الخاصة بها في إيران بشكل فعال، بما في ذلك تدابير الرصد والمراقبة (CI /S) ) بشأن المواد والأنشطة النووية في إيران، وهو أمر فريد من نوعه في نظام التحقق التابع للوكالة.
وأكد البيان أنه لم يتم ملاحظة الفصل بين المواضيع في تقارير “غروسي” المُسيّسة بالعناوين المذكورة أعلاه بشكل صحيح. حيث أن بعض البنود المتعلقة بخطة العمل الشاملة المشتركة تتكرّر بالضبط في تقرير ضمانات معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وعلى العكس من ذلك، تكشف بعض البنود المتعلقة بضمانات معاهدة عدم الانتشار في تقرير الاتفاق النووي. على سبيل المثال، يجب تحديد أنشطة التحقق والمراقبة المتعلقة بورش تصنيع معدّات أجهزة الطرد المركزي فقط ضمن نطاق تقرير الاتفاق.
*تبرير منطقي مُحكم
وتابع البيان مُستعرضاً المسوّغات المنطقية لموقف البلاد إزاء الإتفاق النووي: بعد الانسحاب غير القانوني لأمريكا من الاتفاق النووي في مايو 2018 وعدم قدرة الاتحاد الأوروبي/الدول الثلاث ألمانيا وبريطانيا وفرنسا على تنفيذ التزاماتها، إتّجهت إيران نحو ممارسة حقوقها بموجب البندين 26 و36 من الإتفاق، حيث تم إثر ذلك تعليق جميع التدابير التوضيحية الطوعية خارج اتفاقية الضمانات الشاملة عام 2021 بما في ذلك تنفيذ القانون المعدل 1/3، على النحو المحدد في الفقرة 13 من مقدمة الاتفاق وكذلك في الفقرة 65 من الملحق الأول. مُشيراً الى إن قرار إيران بوقف تنفيذ التزاماتها بموجب الإتفاق يتماشى تماما مع الحقوق الشرعية للبلاد وفقا للمادتين 26 و36 من خطة العمل الشاملة المشتركة مُحمّلاً الأطراف الغربية مسؤولية دخول الإتفاق في حالة “الموت السريري”.
كما اعتبر البيان إن قرار الدول الأوروبية الثلاث بالامتناع عن تنفيذ التزاماتها بإلغاء العقوبات المنصوص عليها في الفقرة 20 من الملحق الخامس من الاتفاق هو عمل غير قانوني ومثال واضح آخر على افتقارها التام إلى امتثالها لالتزاماتها.
*طرف ثالث خبيث
وفيما يتعلق بمسألة ما يسمى “المكانين”، فلا بد من التأكيد على أن أصل الموضوع يعود إلى الاتهامات التي جاءت بالدرجة الأولى من طرف ثالث خبيث، وهو الكيان الصهيوني، فيما ينتهك الأخير وما زال كافة الأعراف والقوانين الدولية التي تخص مجال منع الإنتشار النووي. وأشار البيان الى أنه من الناحية القانونية، فإن تقييمات الوكالة الواردة في تقريرها تستند إلى معلومات ووثائق غير موثوقة قدمها كيان لا يتآمر باستمرار ضد علاقات إيران مع الوكالة فحسب، بل يرتكب أيضا أعمال تخريب وهجمات وتهديدات بمهاجمة إيران إلى جانب سياسات وحشية وإبادة جماعية.
وأعاد البيان للأذهان أنه وبسبب التعاون الواسع مع الوكالة في السنوات الأخيرة، نفّذت إيران إجراءات طوعية في إطار عدّة بيانات مشتركة، بما في ذلك البيان المشترك الصادر في (4 مارس 2023).
وأكدت ممثلية البلاد لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى الموجودة في فيينا أن الضغوط السياسية أدت إلى تغيير تقرير الوكالة. وقالت: لقد وصل الضغط السياسي المستمر الذي تمارسه بعض الدول إلى مرحلة يتم فيها تغيير القضايا التي تمت تسويتها تقنيا وتباعا في تقارير الوكالة على عكس ما تم الاتفاق عليه.
*غروسي يلعب في الأوراق المحروقة
ما يدور في فلك الوكالة لا يمكن إبعاده عمّاّ روّج له “رافائيل غروسي” مدير عامها، خصوصاً بعد أن كرّر ادعاءاته السياسية بشأن البرنامج النووي الايراني السلمي في اليوم الأول من اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي إنطلق أمس الثلاثاء ويستمر حتى يوم غد الجمعة،
وزعم غروسي “إن احتياطيات اليورانيوم المخصب تتزايد بنسبة 60٪. وفقدت الوكالة استمرارية المعرفة فيما يتعلق بإنتاج وجرد أجهزة الطرد المركزي والماء الثقيل ومركز خام اليورانيوم. كما كرر ادعاءه السابق وقال زاعماً: “لم يتم إحراز أي تقدم في حلّ القضايا الوقائية المتبقية. مُدّعياً رغم التعاون الايراني البنّاء مع الوكالة ووجود أكبر عمليات تفتيش من قبل الوكالة في مواقع ايران النووية السلمية، أنه “لم تقدم إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية تفسيرا فنيا موثوقا لوجود جزيئات اليورانيوم في ورامين وتورقوز آباد، ولم تبلغ الوكالة بالموقع الحالي للمواد النووية أو المعدات الملوثة”.
*بيان 4 آذار.. وسياسة الأبواب المفتوحة
وأثيرت ادعاءات غروسي السياسية فيما تواصل طهران “سياسة الأبواب المفتوحة” فيما يخصّ الإتفاق النووي وعمليات تفتيش الوكالة الدولية، وفي موقف توصّلت فيه إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اتفاق في مارس 2021 بهدف حل جميع القضايا المتبقية بين الجانبين. الاتفاق الذي بات يُعرف فيما بعد باسم بيان 4 آذار/مارس المشترك، والذي وافقت بموجبه إيران طوعا على مواصلة أنشطة التحقق والرصد التي يقوم بها مفتشو الوكالة، في إطار قانون العمل الاستراتيجي لرفع العقوبات وحماية مصالح الشعب الايراني. وبعد ذلك، عُقدت عدة اجتماعات على مستوى الخبراء وتمّ حلّ العديد من المسائل الفنية بين إيران والوكالة. وفي الواقع، وبالتعاون وحسن النية من جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تم حل الخلافات حول أحد الأماكن الثلاثة التي تدعي الوكالة أنه تم العثور على آثار لليورانيوم فيها، كما تم تقديم الإجابات المنطقية والوثائق ذات الصلة حول الأماكن الأخرى إلى وكالة.
وقد أكدت إيران دائما على أنها واصلت تعاونها مع الوكالة في إطار اتفاق الضمانات الشاملة وأن مسائل الضمانات المتبقية يمكن حلّها باتباع نهج مهني ودون تحيّز للوكالة.
*النهج غير البناء لبعض أعضاء الوكالة
في هذا الإطار، اعتبر وزير الخارجية بالوكالة علي باقري كني، ان النهج غير البناء الذي تتّبعه بعض الدول الأعضاء في مجال استخدام قدرة الوكالة الدولية في اتّجاه الأهداف السياسية سيضر بالتأكيد بهوية الوكالة ودورها التخصصي.
وعلى هامش اجتماع الحكومة يوم أمس، اكد علي باقري كني، ان إيران لطالما كانت ومازالت حاضرة في التطورات الإقليمية كدولة فعالة، وتتمسك بدورها في تحقيق الإستقرار كمسؤولية إقليمية لها.
وحول القضايا المتعلقة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، اوضح باقري كني بأن هذه الوكالة عبارة عن هيئة فنية ومن المتوقع أن تتصرف جميع البلدان، بما في ذلك الدول الأعضاء في مجلس الإدارة، وفقا للنهج الفني للوكالة الدولية للطاقة الذرية معتبرا النهج غير البناء الذي تتبعه بعض الدول الأعضاء في مجال استخدام قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اتجاه الأهداف السياسية سيضُرّ بالتأكيد بهوية الوكالة ودورها التخصصي. وتابع بأن ايران بحكوماتها المختلفة قامت دائما بالسماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمواصلة دورها الفني والتخصصي، مضيفا: لا ينبغي تحويل الامور التي فشلت في ميادين خارج الوكالة الى تسوية سياسية. وعلاوة على ذلك اكد باقري كني انه لطالما ومازالت لدى ايران قدرات كثيرة في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات، ومتى تم تحديد ذلك وفق مصالح الوطن وأولويات منظمة الطاقة الذرية، فسيتم تفعيل القدرات المطلوبة.
*التعامل مع المتنمرين وغير العقلانيين
وذلك على الرغم من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بالإضافة إلى جهودها المتواصلة للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية الضمانات الشاملة، استفادت دائما من مجموعة الحقوق والأدوات القانونية المتاحة لها للتعامل مع المتنمرين وغير العقلانيين.
الى ذلك، اصدرت “مجموعة الدول ذات التفكير المماثل”، الاربعاء، بيانا حول مشروع قرار الترويكا الاوروبية (بريطانيا وفرنسا والمانيا) ضد البرنامج النووي الايراني السلمي؛ مؤكدة فيه بان هذه الخطوة تنم عن خطأ في الحاسبات، محذرة من النتائج العكسية المترتبة عليها. واضاف البيان: ان طرح مشروع القرار ضد دولة انهت حديثا حدادها الرسمي لمصاب وفاة رئيسها ووزير خارجيتها، يتعارض والمبادئ الدبلوماسية؛ وعليه فإن المواجهة السياسية في ظل الجهود الدولية الهادفة الى متابعة الملف النووي الايراني وسط الظروف الحساسة الراهنة، لهو اجراء غير بناء.
الى ذلك، أكدت إيران وروسيا والصين دعمها للاتفاق النووي، المبرم عام 2015 بين الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة، وإيران من جهة أخرى، داعية الغرب إلى اتخاذ خطوات، من خلال ارادة سياسية، لاستئناف تنفيذ الاتفاق.
وجاء في بيان روسي صيني إيراني مشترك يوم الثلاثاء في الاجتماع الفصلي مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الوقت قد حان كي يبدي الغرب إرادة سياسية ويتخذ خطوات لإحياء الاتفاق النووي.
وسط هذه التطورات المُتسارعة والمحاولات الخبيثة من قبل بعض الدول الغربية لحرف الأنظار عن جرائم الكيان الصهيوني بكيل الإتهامات ضد ايران، يظلّ السؤال المطروح: “لماذا تشنّ الأطراف الغربية هذه الحملة السياسية ضد ايران في هذا التوقيت بالذات”؟.