استراتيجية الاربعين
سمير السعد – عملية الأربعين التي نفذها حزب الله كانت جزءًا من سلسلة عمليات تستهدف تعزيز قدراته الاستراتيجية والعسكرية، وكذلك ضرب أوكار الشر” واعداء الإسلام . هذا النوع من العمليات يعكس استراتيجية الحزب في توسيع نفوذه وتعزيز مكانته العسكرية في المنطقة، وذلك عبر توجيه ضربات موجهة لأهداف مختارة بعناية.
نرى العمق الاستراتيجي والعسكري لمثل هذه العمليات يكمن في عدة نقاط، منها: من خلال تنفيذ عمليات نوعية، يسعى حزب الله إلى توجيه رسالة ردع قوية لأعدائه، مفادها أنه قادر على الوصول إلى أهداف مهمة وحيوية.
كذلك العمليات العسكرية الناجحة تساهم في تعزيز نفوذ حزب الله على المستوى الإقليمي، مما يتيح له دورًا أكبر في أي مفاوضات أو صراعات مستقبلية. عبر هذه العمليات، يظهر الحزب أنه دائمًا في حالة استعداد لأي تطور عسكري، وأنه يمتلك من القدرات ما يمكنه من تنفيذ عمليات دقيقة ومؤثرة. و ضرب “أوكار الشر” يعكس النهج العقائدي لحزب الله في مواجهة من يعتبرهم أعداءه، وغالبًا ما يكون لهذه العمليات أبعاد سياسية وعسكرية تتجاوز التأثير المباشر للضربة نفسها، لتشمل الرسائل الاستراتيجية التي يُراد إيصالها للأطراف الأخرى.
تعمق عملية الأربعين وما يتبعها من عمليات مشابهة في إطار استراتيجية حزب الله يحمل أبعادًا متعددة، تتجاوز البعد العسكري البحت لتشمل جوانب سياسية وأيديولوجية.
حيث كل عملية ناجحة تُنفذ على الأرض تُستخدم لتعزيز الدعم الشعبي للحزب. من خلال الإعلام والتواصل مع المجتمع، يُظهر حزب الله نفسه كمدافع عن الأمة ومصالحها في مواجهة التهديدات. هذه العمليات تسهم في تجديد الولاء وتعميق الثقة بين الحزب وجمهوره.
كذلك تنفيذ عمليات دقيقة وناجحة يُعد وسيلة فعّالة لإرسال رسائل سياسية لأطراف متعددة، سواء كانت محلية أو إقليمية أو دولية. من خلال هذه العمليات، يُظهر حزب الله أن لديه القدرة على التأثير في الميدان، مما يجعله طرفًا لا يمكن تجاهله في أي تسوية أو مفاوضات.
حيث تعتمد هذه العمليات على تكتيكات عسكرية متقدمة، تشمل استخدام التكنولوجيا الحديثة والاستخبارات الدقيقة. هذا يعكس قدرة حزب الله على التكيف مع التغيرات في ميدان المعركة وتطوير قدراته بشكل مستمر.
مع ان حزب الله يستفيد من عمق وجوده في مناطق معينة، سواء في لبنان أو في سوريا، لتعزيز قدراته اللوجستية والعسكرية. هذا العمق الجغرافي يتيح له التحرك بسرعة وتنفيذ عمليات معقدة بأقل قدر من التعرض للخسائر.
حبث تتجاوز أهداف العمليات العسكرية الفورية إلى تحقيق أهداف استراتيجية أوسع مثل توسيع النفوذ، تحسين الوضع التفاوضي، أو ردع الأعداء من القيام بأي خطوات تصعيدية.
من خلال هذه العمليات، يسعى حزب الله إلى المحافظة على تفوقه الاستراتيجي في مواجهة أعدائه، وضمان بقائه كلاعب رئيسي في المعادلة الإقليمية، وذلك عبر بناء توازن قوى يميل لصالحه على المستويات كافة، سواء في الحرب النفسية أو في المواجهات العسكرية المباشرة.
في الختام، تُظهر عملية الأربعين وغيرها من العمليات المشابهة التي ينفذها حزب الله عمقًا استراتيجيًا وعسكريًا يعكس مدى تطور قدراته واستعداده المستمر لمواجهة التحديات. من خلال هذه العمليات، يسعى الحزب إلى تعزيز مكانته على الساحة الإقليمية والدولية، وبناء توازن قوى جديد يُمكّنه من تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية. تظل هذه الاستراتيجية جزءًا من نهج أوسع يسعى من خلاله حزب الله إلى الحفاظ على قوته ونفوذه، والاستمرار في لعب دور محوري في المنطقة، سواء من خلال الردع العسكري أو عبر التأثير السياسي.