
رثاء الأندلس ما أشبه اليوم بالبارحة !!
فاطمة حاكمي _ عندما أنشد ابن العسّال مرثيته الشهيرة التي بكى من خلالها سقوط الاندلس في ايدي الصلبيين ، كان أقوى أبياتها القائل:
الثوب يُنسل من أطرافه ..و أرى ثوب الجزيرة منسلّا من الوسط !! كان هذا البيت بمثابة عنوان عريض يختصر الاسباب التي أدت الى نكبة الاندلس و سقوطها في أيدي الإسبان!!!
فما أشبه اليوم بالبارحة !!!و ما أشبه أوضاع الاندلس قبيل سقوطها بحالنا اليوم ..!!
فلم تسقط الاندلس بهجوم صليبي مفاجىء و لا بالقتل و التنكيل ، و لو أقدم الصليبيون على ذلك ،..و الاندلس وقتها قوية بأمراءها ،مُتحدة بين إماراتها ، ماضية في تطوير اقتصادها ، مُتسمكة بتعاليم دينها ؛ لما سهُل وقوعها في أيدي الغزو الصليبي …لكن الذي حدث أنّ الاندلس تساقطت تباعا و بأقل مجهود و كأنها قُدمت للصلبيين على طبق من ذهب _باستثناء بعض المقاومة التي ابداها الاهالي هنا و هناك في اشبيلية و طليطلة و غيرها من الإمارات اعتقادا من اهالي كل إمارة أن باقي الإمارات ستصدّ الهجومات الصليبية عنهم ..فعندما استسلمت طليطلة سأل النصارى أهلها : ها أنتم قد استسلمتم .._فلماذا صبرتم كل هذه السنين على الحصار الطويل الذي فرضناهم عليكم ؟!! فقالوا: كنا ننتظر المدد من ملوك الطوائف !!!فقال الإسبان : ملوك الطوائف كانوا معنا في حصاركم !!! لكن الامور لم تقف عند هذا الخذلان فقد اغار الإسبان على ملوك الطوائف بعد سقوط طليطلة مباشرة فذاقوا من نفس كأس أخوانهم …فتشتت الدويلات و سقط تباعا أمام خنوع الامراء و تأمرهم مع الغزاة و لم يتنبهوا أنهم كانوا مجرد طعم فقط قبل أن يأتي الدور عليهم !!
لم يُكلف سقوط الاندلس الصلبيين سوى بعض الذكاء و الدّهاء ، فأهم خطوة ، كانت تشتيت الاندلس الى دويلات و امارات جعلت الممالك في حالة عداء و صراع انطلاقا من فكرة ” فرق تسد ” ..فما أشبه اليوم بلأمس!!!
و لما أدركوا عن هشاشة الامراء و ميلهم الى المتعة و الله استخدموا النساء الغواني و اغرقوا القصور بالخمور فتلذذّ الامراء بنشوة الأفراح و سهرات الليالي الملاح…
فذهبت الغواني و الخمرة بعقولهم و مكّنت العدو من اضعافهم ، فسقطت مدن الاندلس الواحدة تلوى الاخرى و ملوك الطوائف في غفلة من امرهم فكلما سقطت دويلة ظنّت باقي الدويلات ، أنها بمنأى عن ذلك حتى سقطت الاندلس كلية بسقوط غرناطة آخر معاقل المسلمين ..!!
فما أشبه اليوم بالبارحة !!!عندما نجد ان بعضا من الحكام العرب اليوم تحوّلوا الى لقمة سائغة في أيدي الغرب و أمريكا ففتحوا الباب على مصراعيه لاستباحة بلاد المسلمين و مقدساتهم، و تدنيسها باللهو و المجون ، و اخوانهم في البلدان المجاورة يُقتلون..!!! و بالجوع و القهر يموتون….!!!
_فهل يعتقد هؤلاء الحكام أنهم بخنوعهم هذا قد تحصوا على صكوك الغفران !! و ضمنوا لبلدانهم الأمن و الأمان !!!!
_فهل يذكر حكامنا ، أنه في عام 463 هجرية عندما لجأ “ألفونسو السادس” إلى طليطلة فاراً من أخيه ” سانشو” لقيَّ إستضافة باذخة عند ملكها “يحيى المأمون بن ذي النون..!!!!
و بعدها بمدة عاد “ألفونسو السادس” بجيش جرّار ليسقط طليطلة عام 478 !!!الإمارة التي فتحت له باب قصورها و و و وفرت له الأمن و الأمان ..!!!حتى أن هذه الحادثة و ما رافقها من عوامل ادت الى سقوط الاندلس جسدتها بحرقة أبيات شهيرة للشاعر الاندلس إبن عسال في قوله:
يا أهل أندلس حثوا رواحلكم
فما المقام بها إلا مِن الغلطِ
الثوب يُنسل مِن أطرافه
وأرى ثوب الجزيرة منسلا من الوسط
من جاور الشر لا يأمن عواقبه
كيف الحياة مع الحيَّات في سفط
هكذا استطاع الصليبيون في الماضي ان يستولوا على بلدان المسلمين و تنصيرها …و هكذا يعمل الصليبيون في عصرنا هذا على تمريغنا و اذلالنا بالتفرقة و التشتيت و خلق الفتن و تدنيس المقدسات بعدما نجحوا في استمالة الحكام بالاغراءات و الملذّات و المغنيات السافرات التي ذهبت بعقول الحكام في مهرجانات ا انتهكت حرمات…و دنسّت المقدسات!!
_فهل استوعبنا الدّرس ؟!!



