الثروةُ السمكيةُ في ليبيا وحمايتُها منَ الاستنزافِ

تُعتبَرُ الثروةُ البحريةُ ركيزةً أساسيةً للتنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، فهي تساهمُ مساهمةً فعالةً في تحقيقِ الأمنِ الغذائيِّ وتحقيقِ صناعاتٍ ذاتِ قيمةٍ عاليةٍ وخلقِ فُرَصِ عملٍ جديدةٍ. وتتمتعُ ليبيا بثرواتٍ سمكيةٍ قد تكونُ الأغنى من بينِ دُوَلِ البحرِ المتوسطِ، ما يُحتِّمُ حمايتَها هي ومياهِها من أنشطةِ الصيدِ الجائرِ.
وتُعَدُّ المواردُ السمكيةُ أحد أهمِّ المصادرِ الرئيسيةِ للبروتين الحيوانيِّ، وهدفاً استراتيجياً في تحقيقِ التنميةِ وتوفيرِ الغذاءِ في كثيرٍ من دُوَلِ العالَمِ. لكن كيف يُمكنُ الحفاظُ على الثروةِ السمكيةِ وتحقيقُ الاكتفاءِ الذاتيِّ؟
لا بدَّ بدايةً منَ التزامِ قوانينِ حمايةِ الثروةِ البحريةِ وقراراتِها، والتقيدِ بالإرشاداتِ التي من شأنِها الحفاظُ على الثروةِ السمكيةِ منَ الاستنزافِ، من خلالِ تجنُّبِ استعمالِ مادةِ “تي أن تي” في صيدِ الأسماكِ، ما يؤدي إلى هلاكِ الحياةِ البحريةِ برُمّتِها، من أسماكٍ ونباتٍ، والأخذِ بعينِ الاعتبارِ أنّ الصيدَ في مواسمِ تكاثُرِ الأسماكِ يُنقِصُ من أعدادِ أمهاتِ الأسماك التي تُعتبَرُ أساسَ عمليةِ التكاثرِ وحفظِ النوعِ. كذلك يجبُ تجنُّبُ استعمالِ الشِباكِ المُركّبةِ من ثلاثِ طبقاتٍ مختلفةِ الأحجامِ في أعمالِ الصيدِ بالمياهِ الإقليميةِ، والتزامُ فتحاتِ شباكِ الصيدِ المقررةِ من قبلِ الهيئةِ العامةِ للثروةِ البحريةِ، وعدمُ الصيدِ في مناطقِ الحمايةِ المحظورةِ منَ الساحلِ، لأنها أماكنُ تكاثرِ الأسماكِ.
وفي هذا الإطار، يشدّدُ الدكتور الصدّيق حفتر على “أهميةِ حمايةِ الثروةِ السمكيةِ، ووضعِ الإجراءاتِ والضوابطِ للمحافظةِ عليها، باعتبارِ أن الثروةَ السمكيةَ من المواردِ الأصيلةِ والمهمةِ التي عاشَ وتربّى عليها المواطنُ الليبيُّ، لذا لا بدَّ من تعزيزِ الأمنِ البحريِّ وحمايةِ الثروةِ البحريةِ، وتعزيزِ التنميةِ المستدامةِ، وإنشاءِ إدارةٍ مختصةٍ لإدارةِ الرقابةِ البحريةِ وحمايةِ الصيدِ البحريِّ”.
تكمُنُ مشكلةُ الصيدِ البحريِّ في ليبيا، في عدمِ وجودِ خططٍ بشأنِ الثروةِ السمكيةِ وتصديرِها إلى الخارجِ، فضلاً عنِ النقصِ في قواربِ الصيدِ، بسببِ استخدامِها للهجرةِ غيرِ الشرعيةِ، الأمرُ الذي أدّى إلى نقصِ العرضِ للأسماكِ وزيادةِ الطلبِ. هذه العواملُ أدت إلى ارتفاعٍ في أسعارِ الأسماكِ حتى أضحت لا تتماشى مع أحوالِ المستهلكِ. هنا يشيرُ الدكتور حفتر إلى “أنّ قطاعَ الصيدِ البحريِّ عاطلٌ بنسبةٍ تزيدُ على 80%”، لافتاً إلى “أنّ القطاعَ بحاجة إلى أيدٍ عاملةٍ محليةٍ وتوفيرِ قروضٍ للعاملينَ في مجالِ الصيدِ”.
ويعوِّلُ الدكتور حفتر على تنويعِ الصناعاتِ السمكيّةِ في ليبيا بينَ صناعةِ تعليبِ الأسماكِ وصناعةِ شرائحِ الأسماكِ وغيرِها من المُنتَجاتِ البحريةِ، كالروبيان والحبار، وإنتاجِ زيوتِ الأسماكِ وأعلافٍ من فضلاتِ الأسماكِ وغيرِها منَ المشاريعِ السمكيةِ المُنتِجةِ اقتصادياً، والتي تُحقّقُ الاكتفاءَ الذاتيَّ.
ووفقاً للقانونِ الليبيِّ، لا يجوزُ لأحدٍ أن يعملَ في صيدِ الأسماكِ لأغراضٍ تجاريةٍ ما لم يكن حاصلاً على ترخيصٍ، ويكونُ الترخيصُ إما بموجبِ رخصةٍ خاصةٍ، وإما بموجبِ التزامِ حقِّ الصيد في كلِّ المناطقِ البحريةِ أو بعضِها. وتُمنَحُ الرخصةُ وَفقَ الأحكامِ المبيَّنةِ في هذا القانونِ، ولا يجوزُ الصيدُ لأغراضٍ تجاريةٍ إلا بواسطةِ السفنِ المسجّلةِ في ليبيا طبقاً لأحكامِ القانونِ البحريِّ الليبيِّ، وأما السفنُ الأجنبيةُ فلا يجوزُ لها الصيدُ إلا نفاذاً لمعاهداتٍ تكون ليبيا طرفاً فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *