قراءة موجزة في أداء حسن نصر الله خلال العام الماضي
كل يوم تُفتح صفحة جديدة في المعركة بين لبنان وإسرائيل، مما يزيد الأمور تعقيداً. إن الإجراء الذي قامت به إسرائيل مؤخراً باغتيال الأمين العام لحزب الله، هو الإجراء الذي كانت إسرائيل تبحث عنه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، أي طوال مدّة قيادة حسن نصر الله، لكنها لم تنجح حتى الأسابيع الأخيرة في ذلك.
ومن الجيد بهذه المناسبة أن نستعرض أداء الشهيد حسن نصر الله في العام الماضي.
منذ بداية معركة 7 أكتوبر ودعم حزب الله لحماس، أظهر حزب الله بوضوح أنه صاحب اليد العليا في إدارة الحروب غير النظامية. وبشكل خاص، فقد أظهرت خبرته في مجال القتال البري على النحو الذي جعله، على الرغم من التهديدات الواسعة النطاق التي وجهتها إسرائيل ضد حزب الله، لم تجرؤ بعد على دخول لبنان عن طريق البر، لأنها تعلم أن حزب الله في جهوزية عالية وأن الخاسر في المعركة البرية سيكون اسرائيل لا محالة.
دعا السيد حسن نصر الله القوات التي كانت تحت إمرته إلى القتال ضد إسرائيل، وبهذه الطريقة استشهد هو وعدد كبير من رفاق دربه في لبنان، وكان شرطهم الأهم هو وقف حرب غزة.
بصفته رجل دين شيعي، قدّم حسن نصر الله الكثير لدعم السنة الذين يعيشون في فلسطين المحتلة. وهي تكلفة لا ترغب الدول العربية في دفعها ولو بنسبة واحد في المئة منها. ولا يقتصر الأمر على عدم الدفع، بل إن دولًا مثل الإمارات والمغرب تتعاون سرًا مع إسرائيل.
ليس حزب الله وحده، بل إيران أيضاً، هي التي تحاول عزل إسرائيل أكثر من أي دولة عربية أخرى. وقد أعلنت إيران رسمياً أنها تدعم أي جماعة أو شعب يحاول إضعاف إسرائيل. ولهذا السبب، ادعى نتنياهو أن جميع الجبهات السبع المفتوحة ضد إسرائيل مدعومة من إيران.
وعلى الرغم من أن إسرائيل ارتكبت أي فظائع في هذه المعركة بالاعتماد على المعدات الأمريكية، إلا أنه يمكن رسم الخطوط الحمراء لحزب الله بوضوح.
رغم أن صواريخ حزب الله يمكن أن تصل بسهولة إلى تل أبيب وحيفا وتستهدف مقر الموساد والوحدة 8200، إلا أنه لم يتم استهداف أي مدنيين بهجمات حزب الله حتى الآن.
ومن ناحية أخرى، لم توقف إسرائيل أي استهداف ارهابي للمواطنين والمدنيين اللبنانيين، من أطفال ونساء استشهدوا مؤخراً في بيروت أمام أعين المجتمع الدولي ولا يوجد رد مناسب حتى الآن من قبل الأسرة الدولية.
ولا يحاول حزب الله ضمان عدم تعرض المدنيين على الجبهة المقابلة للأذى فحسب، بل إنه يولي أيضاً اهتماماً خاصاً بالحفاظ على البنية التحتية الحيوية في لبنان. إن الظروف السياسية للبنان تجعل في هذا المشهد القتالي احتمال انهياره السياسي في أي لحظة، وحزب الله الذي يعتبر نفسه ملتزما تجاه الشعب اللبناني، يحرك بيدقه بطريقة لا تتيح لدائرة الصراعات بالتوسّع في طور خاو وبنفس الوقت حماية عموم المواطنين بمختلف أقشارهم.