في ظل الاستعراضات العسكرية.. الكيان الغاصب يكشف عن محدودية قوته أمام المقاومة
سمير السعد -مر 25 يوماً على التصعيد العسكري الذي يشنه الكيان الغاصب في المنطقة، بعد سلسلة من التحذيرات والتهديدات المتعاقبة التي رافقت هذه الحملة. ومع استمرار هذه العمليات، يتضح بشكل جلي أن الهدف لم يكن تحقيق إنجازات عسكرية حقيقية بقدر ما هو محاولة لإسقاط “الفرض” أمام المجتمع الدولي، ولحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام الداخلي والدولي. فقد أظهرت التحركات الأخيرة ما يمكن اعتباره دليلًا ملموسًا على حقيقة قوى الكيان الغاصب، والذي يبدو أنه يكتفي بعملياته ضد المناطق المدنية والمرافق الحيوية بعيدًا عن المواجهة المباشرة مع المقاومة.
يعيش الكيان الغاصب وضعاً دقيقاً، فهو أمام حتمية إظهار قوته العسكرية بشكلٍ دائم لحماية صورة “التفوق الأمني”، مما يدفعه إلى تصعيد العمليات العسكرية ضد المدنيين والبنية التحتية في المناطق المستهدفة.
على الرغم من ذلك، لم تنجح هذه الاستراتيجية في تحقيق نتائج ملموسة على الأرض، حيث كشفت مرةً أخرى محدودية إمكانياته في مواجهة مقاومة ذات طابع مرن.
فعلى مدار العقود الماضية، لم يتمكن الكيان من السيطرة على أي من جيوب المقاومة المسلحة بشكلٍ حقيقي، الأمر الذي يبرز ضعف منظومته العسكرية رغم الدعم اللوجستي والاستخباراتي الهائل. وبدلاً من ذلك، اكتفى بشن هجمات محدودة الأثر، يستهدف فيها منشآت سكنية وأخرى مدنية، وهي في نهاية المطاف محاولات لتحويل الأنظار عن فشل تحقيق الأهداف الاستراتيجية.
أثبتت المقاومة مرارًا أنها تمتلك القدرة على فرض معادلات جديدة تساهم في كشف مواطن الضعف لدى الكيان، وأن تصاعد الضربات الجوية أو محاولات الإخضاع الأمني لا تمثل سوى استعراض قوة أجوف. فعلى الرغم من استخدام أسلحة وتقنيات متطورة، ما زال الكيان غير قادر على وقف عمليات المقاومة، التي أصبحت أكثر انتشارًا واستدامة، وهو ما أثار قلقًا واسعًا على مستويات مختلفة داخل الكيان.
أدرك الكيان تدريجيًا أن كل محاولة لتحييد المقاومة بالقوة العسكرية لم تسفر إلا عن نتائج عكسية؛ إذ لم تتراجع المقاومة عن مواقفها أو تخفف من هجماتها، بل ازدادت قوة وتنظيماً، حتى غدت عنصراً محورياً في تغيير المعادلة السياسية والعسكرية في المنطقة.
من الواضح أن تكرار الفشل العسكري للكيان الغاصب في محاولاته لفرض السيطرة يساهم في إضعاف مكانته على الساحة الدولية، حيث لم تعد مبرراته الأمنية تجد نفس الصدى والتعاطف. أصبحت هذه الأحداث دليلاً متزايدًا على أن القوة العسكرية المفرطة قد تكون عاجزة عن مواجهة إرادة شعب، وأن التوسع في استخدام العنف ضد المدنيين قد يكشف عن عدم قدرة الكيان على التعامل مع المواقف الحرجة بشكل متوازن.
إن المجتمع الدولي أصبح على دراية أكثر بالحقيقة المجردة لهذا الكيان، الذي لا يجد له قوة تذكر سوى حين يتعلق الأمر بالسكان المدنيين العزل، وهو الأمر الذي انعكس على الرأي العام الدولي الذي بدأ ينتقد أسلوب التعاطي مع الأزمة، ويرى أن الحلول العسكرية لم تعد فعالة، بل تزيد من تدهور الأوضاع.
من خلال هذه الأحداث، يبدو أن الكيان الغاصب أمام منعطف تاريخي حرج يتطلب منه مراجعة شاملة لاستراتيجياته. إن محاولات تصعيد العنف أو استخدام القوة المفرطة لن تؤدي إلى كسر إرادة المقاومة، بل تعزز من صلابتها وقدرتها على استقطاب المزيد من الدعم الشعبي والإقليمي.
“الخلاصة “إنَّ التصعيد الأخير يكشف بوضوح محدودية قوة الكيان الغاصب في مواجهة مقاومة أثبتت صلابتها وقوتها على مر السنين. فبدلاً من تحقيق أهداف استراتيجية، وجد نفسه محصوراً في استعراضٍ عسكريٍّ أجوف، يقتصر على استهداف المدنيين والبنية التحتية دون تحقيق أي إنجاز حقيقي. لقد أصبح واضحاً أن كل محاولة للسيطرة عسكرياً قد باءت بالفشل، وأن هذا الكيان، الذي كان يسعى لإظهار تفوقه، أُجبر على الاعتراف بأن قوة السلاح وحدها عاجزة أمام إرادة الشعوب، وأن الهزيمة ليست في ساحات المعارك فقط، بل في انكشاف حقيقته أمام العالم.