المسيح ولد
توشيح موسيقيّ غنائيّ ميلاديّ، من ألحان د. هياف ياسين على نسق أسلوب عضر النهضة الموسيقيّة العربيّة، مبنيّ من مقام البيّاتي، وتحديدًا في حلّة البيّاتيّ الشوريّ أو القارجغار، على درجة اليكاه في القرار، ومشبّكًا إيقاعيًّا مع ضرب الوحدة السائرة الثنائيّة والرصينة.
تستهلّ الموسيقى بأداء “دولابٍ” عزفيّ من مقام البيّاتي الشوري عينه، من الجواب إلى القرار، ثمّ يبدأ الغناء الأصيل بصوت المطربة رفقا رزق الشجيّ والقويّ والحنون في آن، لجمل لحنيّة ثابتة، لتدخل بعد ذلك في أداءٍ متقن وصعب ذو طابعٍ تجاوبيّ – أي على شاكلة سؤال وجواب – أو ما يعرف بـِ “الهَنْگ”بينها وبين البطانة، في تدرّج لعدّة مراحل مقاميّة، بدءًا من بيّاتي الشوريّ على اليكاه، مرورًا بمقام الراست، فمقام السيكاه، بعده مقام الجهاركاه ومعه مقام الصبا، لتعود وتستقرّ على مقام بيّاتيّ النوى.
ثمّ في منتصف الأداء تبدأ مرحلة لا توصف من الجمال والإبداع التلحينيّ الذي قدّمه ياسين، تجلّت بافتتاح سياقٍ من الأداء الطربيّ – على نسق الغصن في أداء ادوار عصر النهضة الموسيقيّة العربيّة – مع تمركز للّحن في مقام الراست من درجة الجهاركاه، مع إبراز جمل موسيقيّة لحنيّة تجاوبيّة ارتجاليّة بصوت القديرة رفقا، هذه المرّة مع آلات التخت الموسيقيّ على ضرب الوحدة السائرة الثنائيّة الطربيّة؛ لتتوّج باستدعاء “الآهات” الطربيّة بشكل ساحر على مختلف درجات هذا السلّم، لتختتم المرحلة بجملة لحنيّة تفوق الوصف لقوّتها وجمالها من أقصى الجواب تدرّجًا إلى أقصى القرار.
بعد ذلك يلجأ هياف ياسين بمخيّلته اللحنيّة الساحرة إلى مقام العشّاق (المعروف بالنهوند) من درجة الجهاركاه ذاتها، وبانسيابٍ ساحر يفوق الوصف، يعود ليسترجع مقام البيّاتيّ الشوريّ ومعه مقام البيّاتان (المعروف بالعشيران) بعبارة “هلّليلويا” وتأتي القفلة بصوت رفقا في الجواب مشبعًا نفوس المستمعين بكثير من الوجد والطرب.
يذكر بأنّ د. هيّاف ياسين، إلى جانب تلحينه لهذا “التوشيح”: المسيح ولد، قد قام بالعزف على آلة سنطوره الساحر وداعمًا البطانة بصوته الدافئ، أيضًا شارك الأستاذ كريستو العلماويّ بأنامله المبهرة عزفًا على آلة العود واضعًا صوته في قلب صوت البطانة أيضًا، وضبط الإيقاع الأستاذ آندرس الترس بواسطة آلة الرقّ بكثير من الإبداع والجمال، أمّا قمّة الأداء هنا، فهو بحقّ لصوت المطربة رفقا رزق، التي أحسنت وأجادت هذا الغناء الصعب جدًا، والعتيق والجميل في آن.
يمكن متابعة “المسيح ولد” من خلال هذا الرابط: