الصّدّيق حفتر: لتكنْ ذِكرى الاستقلالِ مناسبةً لتعزيزِ الوِحدةِ والمُصالحةِ
بقلم الدّكتور الصّدّيق خليفة حفتر
يَستذكرُ اللّيبيّونَ في الرّابعِ والعِشرينَ مِن ديسمبر مِن كلِّ عامٍ ذكرى استقلالِ ليبيا، الذي جاء تتويجًا لكفاحِ الآباءِ والأجدادِ ضدَّ حُكمِ المُستعمرِ الأجنبيِّ، ففي مِثلِ هذا اليومِ مِنَ العامِ 1951 تمَّ إعلانُ استقلالِ ليبيا لتُصبحَ دولةً مُستقلّةً ذاتَ سيادةٍ، تتمتّعُ بالحُكمِ الدّيمقراطيِّ تحتَ مِظلّةِ الدّستورِ.
بعدَ سنواتٍ مِن هيمنةِ الاستعمارِ والحروبِ والصّراعاتِ الأجنبيّةِ لبسطِ النّفوذِ على ترابِ هذا الوطنِ، ومحاولةِ تقاسُمِ أراضيهِ تحتَ ذريعةِ الوِصايةِ، جاءتْ مَساعي المُناضلينَ اللّيبيّينَ لإحباطِ مُحاولاتِ التّقسيمِ مدافعينَ عن قضيّتهِمْ وحقّهِمْ في الاستقلالِ كدولةٍ مُوحّدَةٍ، وتجلّتِ المساعي الحميدةُ في إصدارِ الجمعيّةِ العامّةِ للأممِ المُتّحدةِ القرارَ رقمَ (289) بإعلانِ استقلالِ ليبيا.
اليومَ تأتي الذّكرى الثّالثةُ والسّبعونَ للاستقلالِ، واللّيبيّونَ يَأمَلونَ بأنْ يكونَ الاحتفاءُ بهذا الحدثِ التاريخيِّ، محطّةً أو مناسبةً لتعزيزِ الوِحدةِ والمصالحةِ في سبيلِ بناءِ ليبيا الحديثةِ التي تَسعى لتعزيزِ التّجربةِ الدِّيمقراطيّةِ ودولةِ القانونِ والدّستورِ، مِن أجلِ بناءِ ليبيا المستقبلِ التي نطمحُ إليها جميعًا، وبمشاركةِ كلِّ مُكوِّناتِها.
إنَّ قراءةَ المراحلِ التاريخيّةِ التي مرّتْ بها ليبيا الحبيبةُ، تُؤكِّدُ أنَّ صيانةَ الاستقلالِ وحمايةَ التّضحياتِ التي بُذلتْ مِن أجلِ نيلِه، تتطلّبُ مِنَّا جميعًا تقديمَ التّضحياتِ والتّنازلاتِ، والسَّيرَ قُدُمًا بعمليّةِ المُصالحةِ الوطنيّةِ التي أَقَرَّتْها مختلفُ مُكوِّناتِ ليبيا، مِن أجلِ تكريسِ هذا اليومِ الوطنيِّ محطّةً جديدةً ومُتجدِّدةً لبقاءِ ليبيا دولةً مُستقلّةً ومُوحَّدةً وذاتَ سيادةٍ، وِفقًا للدّستورِ الذي يتمُّ التّوافقُ عليه بينَ مُكوِّناتِ الشّعبِ وفئاتِه المختلفةِ، والتي ارتضتْ جميعُها أن تكونَ تحتَ سقفِ المُصالحةِ الوطنيّةِ.
في هذه المناسبةِ الوطنيّةِ العظيمةِ والعزيزةِ على قلوبِنا جميعًا، نُؤكِّدُ أنّه وعلى الرُّغمِ مِن كلِّ المآسي والأحزانِ التي عانى مِنها الشّعبُ اللّيبيُّ، فهو ما زالَ شَعبًا مُحِبًّا للحياةِ، ولا تَغيبُ عن أيّامِه ومناسباتِه مظاهرُ الابتهاجِ والسّعادةِ، فرُغمَ كلِّ الاختلافاتِ التي قد نجدُها بينَ أفرادِ الشّعبِ اللّيبيِّ، إلّا أنّهمْ في احتفالاتِهم ومناسباتِهم الوطنيّةِ والدينيّةِ يَنبُذونَ التَّفرِقَةَ والخِلافاتِ، ويُؤكِّدونَ أنَّ حبّهمْ وانتماءَهُمْ إلى ليبيا يَبقى فوقَ كلِّ اعتبارٍ، لذلك فإنّنا مَدعُوُّونَ جميعًا، كلٌّ مِن موقعِه ودورِه، وخاصّةً الشّبابَ إلى الانطلاقِ في ترجمةِ عمليّةِ المُصالحةِ الوطنيّةِ إلى أفعالٍ وبرامجَ عمَليّةٍ، نشتركُ فيها جميعُنا مِن أجلِ تعزيزِ الوِحدةِ واللُّحمةِ بين أبناءِ ليبيا الحبيبةِ، ولكي نُحوِّلَ هذه المناسبةَ إلى محطّةٍ فاصلةٍ تطوي الصّفحةَ القاسيةَ والمؤلمةَ التي مررنا بها، ونَفتَحَ صفحةً جديدةً عنوانُها التّعاوُنُ والتّضامنُ والوِحدةُ مِن أجلِ ليبيا المستقبلِ والحديثةِ والمستقلّةِ فِعلًا وليس قولًا.
كما نُؤكِّدُ بهذهِ المناسبةِ على التّعاونِ مع مُحيطِنا الإقليميِّ والعربيِّ، ومع المجتمعِ الدَّوليِّ لما فيه مصلحةُ ليبيا وشعبِها.
حمى الله ليبيا وشعبَها الحبيبَ.