“أحمد الشرع بين ماضٍ دموي ومستقبل مُلطّخ بالأوهام”

في خضم التحولات السياسية الكبرى التي تعصف بسوريا والمنطقة، يُحاول أحمد الشرع، المعروف بـ”الجولاني”، إعادة تقديم نفسه للعالم كوجه جديد يُعبر عن مشروع مختلف. فمن زعيم لتنظيم متشدد متورط في جرائم حرب وارتباطات إرهابية إلى رجل يرتدي البدلة المدنية ويحاول التخفيف من لحيته، يبدو أن الشرع يراهن على استثمار اللحظة الحرجة في سوريا ليُعيد رسم صورته، ربما كقائد محتمل في المرحلة الانتقالية.

خلال الأشهر الأخيرة، ظهر الشرع بشكل مختلف عن الصورة النمطية التي ارتبطت باسمه كقيادي متشدد. بدأ باستخدام اسمه الحقيقي في البيانات الرسمية، وهي خطوة تُشير إلى رغبته في التخلي عن ماضيه الملطّخ بالدماء. هذه المحاولة لتجميل الصورة رافقتها إشارات متكررة إلى التعاون مع أطراف دولية، لا سيما الولايات المتحدة، في ملفات شائكة مثل الأسلحة الكيميائية والمعتقلين الأميركيين.

“ولكن، هل يكفي تغيير الشكل وتعديل الخطاب السياسي لإخفاء إرث الجريمة؟

و ملفات الجرائم وتورطه مع الجماعات الإرهابية!! ”

الشرع ليس مجرد شخصية عابرة في المشهد السوري. تاريخه حافل بالارتباط بتنظيمات إرهابية مثل “داعش” و”جبهة النصرة”. تورط في جرائم قتل جماعية، وكان له دور بارز خلال فترة سيطرة “داعش” على مناطق واسعة في العراق وسوريا. تشير التقارير إلى أنه مطلوب للقضاء العراقي ومحكوم عليه بالإعدام لدوره في مجازر شهدتها مناطق غربية عراقية.

ورغم هذا التاريخ الحافل، يُثير الدعم الذي يتلقاه الشرع من بعض الأطراف السياسية، خاصة في العراق، العديد من التساؤلات. تصريحات مؤيدة من شخصيات سياسية مثل خميس الخنجر تُعطي إشارات خطيرة حول قبول مثل هذه الشخصيات في المشهد السياسي، وكأنها جزء من الحل وليس المشكلة.

هذا الدعم يُمثل خيانة صريحة لدماء الشهداء العراقيين الذين سقطوا ضحية الإرهاب الذي كان الشرع أحد رموزه. بل ويضعف الموقف الوطني أمام محاولات التلاعب بالحقائق من قبل قوى إقليمية ودولية تسعى لإعادة تدوير الشخصيات المتورطة في جرائم إرهابية.

على الرغم من كل محاولات التلاعب، فإن الشعب العراقي أظهر في أكثر من موقف أنه واعٍ تماماً لهذه المخططات. لا يمكن أن تمر محاولات تلميع صورة قاتل ومجرم على شعب عانى طويلاً من ويلات الإرهاب والتدخلات الخارجية.

إن محاولة تقديم أحمد الشرع كقائد مدني هي جزء من لعبة سياسية قذرة تُحاول طمس الحقائق وتبييض الجرائم. لكنها لن تنجح طالما أن هناك أصواتاً حرة ترفض التواطؤ مع قتلة الأبرياء، وطالما أن الشعوب تبقى واعية لما يُحاك ضدها.

“الخلاصة” لا يمكن لمجرم مثل أحمد الشرع أن يتحول إلى بطل أو قائد لمستقبل سوريا. الماضي لا يُمكن محوه، خاصة إذا كان مليئاً بالدماء والجرائم. الشعب السوري مظلوم بحقبة الأسد وعانا الأمرين و يستحق قيادة نظيفة تُعبر عن تطلعاتهم في العدالة والحرية، بعيداً عن وجوه الإرهاب التي تحاول تغيير أقنعتها دون تغيير حقيقتها.

” لعبة الوجوه المتبدلة لن تمر، والتاريخ لن يرحم من باعوا دماء الأبرياء بثمن بخس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *