بوح

بقلم: د. حسين أحمد سليم الحاج يونس

بوحٌ

بقلم: د. حسين أحمد سليم الحاج يونس

أديب، كاتب صحفي ومهندس فنّان تشكيلي / رئيس تحرير القسم الثّقافي

همسَ شغف الحُبُّ عِشقاً، بمودّة ورحمة،  في أُذُنِ البُعدِ بالأملِ المُرتجى, وتَفرّسَتْ نظراتُ العيونِ في ومضاتِ أطرافِ العيونِ، فارتعشت سيّالات الخلق والإبداع، تتموسق على أوتار الحروف والكلمات، تُشكّل القصائد المُجنّحة، لروح تُغنّي أناشيد عابد، وأغاريد شاعر، يُدندنها على قيثارة الحبّ والعشق، في رحاب حدائق الآلهة، المُوشّاة بالورود الفردوسية، يُرصّعها اللينوفار المُقدّس…

فتشاغفتْ سيّالات حنايا القلوبِ، برؤى الأملِ الموعودِ, تنتعشُ موسقةً بأثيريّاتِ أحاسيسِ الإنسجام الرّوحي، من وحي ذكريات الماضي، لعاشقٍ مُتيّمٍ، تائه في بيداء الحياة، يُغنّي الحُبّ أناشيد الحياة، يتقمّص البلبل الشّادي، يبوح بأسرار الرّوح، في غاب البنفسج، حيثُ ينبوع السّعادة، يتماهى في قمّة جبل المسرّات، فراديس الإلهات…

وراحتْ ترتعشُ الأحلامُ في هجوعها القدريّ, تصحو من هجودِ ضجعتها في هدأةِ السّكينةِ, تمسحُ الكرى عن جفنِ طرفها النّاعسِ الأحداقِ، تنتابها العواطف والعواصف، تُنشد نشيد الأنشاد، على قيثارة أورفيس، في ابتهالات روحيّة خشوعيّة، في قصص غريبة وأساطير عجيبة، تحكي سيرة عشتروت وأدونيس، توشوش أسرار الآلهة على قيثارة الآلهة، تُنمنم مفاتن الشّعر المنثور، لروح جرّحتها النّبال والنّصال، تتلبّس ضجعة الموت…

تُمسكُ الميلَ الدّقيقَ بأناملَ مُفترّةً بدفء الحُبِّ, تُولجهُ لطافةً فعلٍ, قلبَ المُكحلةِ العربيّةِ المتهايمةِ, تُغمسُهُ في غباريّات الكحلِ الحجريِّ, الممزوجِ بضوعِ الطّيبِ والشّذى, وتمسحُ الطّرفَ ليغدوَ مكحولاً بومضاتٍ من أنسامِ الحُبِّ…

بوحُ الرّوحِ أملُ الرّؤى في خفقِ النّفسِ الأمّارةِ بكلِّ الأشياءِ, والغادةُ الحوراءُ, هِبةُ العُمَرِِ سيّالٌ ناصرٌِ في وَمَضِ الإشراقِ, نورٌ يتلألأ كوكباً وضّاءاً فوقَ القُننِ عند تجريديّاتِ الأفقِ, فتتماهى لوحةُ الإبداع في فلسفة سورياليّةِ الشّفقِ, تُحقّقُ وطراً منشوداً في مطاوي الوجدانِ, لِتُبنى سعادةُ النّفسِ في طُمأنينةِ الذّاتِ, ويُولدُ الحُبُّ من قلبِ الحقيقةِ, يتشافف بتموّجاتٍ من أنسامِ العشقِ …

الوعدُ عهدٌ بيننا سيّدتي, والقبلةُ الجمريّةُ قسمُ العهدِ…

عظيمٌ قسمنا بطيبِ القُبلِ, مسؤولٌُ عهدنا بما تعاهدنا قداسةً عليهِ, صادقٌ وعدنا بما تواعدنا طهارةَ وفاءٍ بهِ…

ليسَ الخوفُ سيّدتي من الوعدِ الصّادقِ, وليسَ الرّعبُ من العهدِ المسؤولِ, وليسَ الحذرُ من مساراتِ البعدِ في المجهولِ…

غدرُ الأيّامِ لا يُحتملُ في مساراتِ الحياةِ, عارٌ كبيرٌ إذا ما غدرتِ النّفسُ بالنّفسِ, فتنزفُ الجراحاتُ دمها ولا تلتئمُ الجراحاتُ معِ الأيّامِ…

عرفتكِ بالأمسِ القريبِ تقديراً آخر في رحمةٍ ومودّةٍ من الحقِّ, لحكمةٍ أجهلها في كُنهِ الفلسفةِ, رُُغمَ فلسفتي, فعقلنتُ قلبي وقلبنتُ عقلي, وتوكّلتُ, وعقلتُ أمري في رحابِ صومعةِ الحُبِّ, وأودعتُ بذرةَ الحياةِ في رحمِ الأملِ, أنتظرُ الأملَ يشقُّ الثّرى, مُتفتّقاً بأكمامِ التّرابينِ مع ومضةِ الحُبِّ في رؤى العشقِ…

وغدوتُ عندما أشتاقُ إليكِ, أتخاطرُ بكِ في البعدِ, أحملُ طيفكِ في وجداني, أحاكيهِ ويُحاكيني, أسامرهُ ويُسامرني, أتشاغفُ به ويتشاغفُ بي…

يُلهمني ويُوحي إليَّ بالكثيرِ, فأبوحُ بصمتٍ خوفاً من غدرِ النّفسِ, وتتناهى الخواطرُ لتفكّري, فينزفُ قلمي من الألمِ, ألمُ الشّوقِ موجِعٌ في الشِّغافِ, ولكنْ منْ يدري المُعاناةَ في عذاباتَ الآلامِ…

أرسمُ بالدّمِ القاني حروفَ الكلماتِ, فتشتعلُ الأوراقُ من دمي, وتتّقِدُ الكلماتُ بالحروفِ, وأهيمُ جنوناً بطيفكِ, وتهيمُ النّجومُ ويهيمُ طيفكِ والقمرُ ونجمةَ الصّبحِ…

أخاطرُ طيفكِ حتّى الفجرَ, وأحاورهُ حتّى طلوعَ الشّمسِ, وأهيمُ معهُ في الإمتداداتِ واللامتناهياتِ حتّى طُلوعَ الصّبحِ…

وعندما يُسافرُ طيفكِ في غيبوبةِ الحُبِّ آخرَ الليلِ, ويبوحُ لي أنّهُ هو الآخرُ يثملُ بالعشقِ…

أمسكُ قلمي وأمسّدهُ حتّى يفترَّ بالدّفء, وأشكّلكِ لوحةً تجريديّةً تنبضُ بالجمالِ سحراً, وأرسمُ طيفكِ فلسفةً سورياليّةً كما يحلو لي…

أتخاطرُ بكِ, وأكتبُ اسمكِ بحروفٍ من دمي, فتشرقينَ نجمةً لألاءةً من هلالي الوامضِ في عتمةِ الليلِ, وتتموسقُ من حولنا كُلُّ الأشياءِ بالحُبِّ والعشقِ…

وعندما أتشاغفُ بِكِ تخاطراً وتتشاغفينَ بي إستشعاراً أثيريّاً, أناديكِ في هيامِ الرّوحِ, حبيبتي, فيصرخُ الصّدى في كُوّةِ الأبديّةِ, يتناهى لروحي رجعُ الصّوتِ, لعينيكَ حبيبي…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *