مابين تجارية المسرح وجديته شبابنا أين؟
سمير السعد – تفضيل الشباب للمسرح يعتمد على عدة عوامل، تتبع توجهاتهم الشخصية وتوجهاتهم الثقافية.
فالمسرح التجاري، يهدف في الغالب إلى تحقيق أرباح مالية عبر تقديم عروض ترفيهية تستقطب جمهوراً واسعاً، قد يجذب شريحة كبيرة من الشباب الذين يبحثون عن الترفيه والاستمتاع.
ومع ذلك، هناك نقاش حول ما إذ كان المسرح التجاري يقدم محتوى ذا قيمة ثقافية أو أنه يركز بشكل أكبر على الربح المادي على حساب الارتقاء بالذوق العام وتعزيز الثقافة.
بعض النقاد يرون أن المسرح التجاري قد يساهم في تسطيح الثقافة من خلال تقديم أعمال تفتقر إلى العمق الفني والفكري، بينما يؤمن آخرون بأنه يلعب دوراً مهماً في نشر الفن المسرحي وزيادة جمهور المسرح.
في المقابل، هناك نوع آخر من المسرح يُعرف بالمسرح “غير التجاري” أو “البديل”، وهو المسرح الجاد الذي يركز على تقديم أعمال تحمل رسائل ثقافية أو اجتماعية قوية، وقد يفضل هذا النوع من المسرح فئة معينة من الشباب المهتمين بالقضايا الثقافية والاجتماعية.
بالتالي، الاختيار بين المسرح التجاري والجاد يعتمد على اهتمامات الشباب وتفضيلاتهم الثقافية والفنية.
ولمناقشة تأثير المسرح التجاري مقارنة بالمسرح الجاد يتطلب النظر في جوانب أخرى تتعلق بجمهور الشباب ودور المسرح في المجتمعات.
فالمسرح التجاري قد يتعرض للنقد لأنه يختار موضوعات تجذب الجمهور الواسع، مثل الكوميديا السطحية أو الاستعراضات الموسيقية، مما قد يؤدي إلى إهمال القضايا العميقة أو الثقافات المحلية. هذا النوع من المسرح يساهم في نشر ثقافة الاستهلاك السريع للمحتوى، وقد يؤدي إلى تقليل التفاعل مع القضايا الثقافية والفكرية المعقدة.
على الرغم من هذه الانتقادات، فإن المسرح التجاري يمكن أن يلعب دوراً إيجابياً في جمع الناس حول تجارب مشتركة وإدخال فئات جديدة إلى عالم المسرح. يمكن لهذا النوع من المسرح أن يكون بوابة للتعرف على الفن المسرحي لمن ليس لديهم خلفية ثقافية قوية، وقد يشجعهم على استكشاف المزيد من الأعمال المسرحية.
أما المسرح الجاد غالباً ما يكون أكثر جرأة في طرح المواضيع الاجتماعية والسياسية والثقافية. إنه يسعى لتحدي الجمهور وفتح نقاشات حول قضايا هامة قد تكون مُهملة في الإعلام السائد. هذا النوع من المسرح يتطلب جمهوراً أكثر اهتماماً بالتفكير النقدي والإبداع، وغالباً ما يجذب الشباب الذين يبحثون عن معنى أعمق في الفن والثقافة.
من الممكن أن يكون هناك توازن بين المسرح التجاري والجاد، حيث يمكن لكليهما أن يزدهر ويخدم احتياجات مختلفة للجمهور. المسرح التجاري يمكن أن يوفر الدعم المالي اللازم لدعم الإنتاجات الفنية الأكثر تجريباً وجرأة التي قد لا تكون مربحة من الناحية التجارية، ولكنها تضيف قيمة ثقافية هائلة للمجتمع.
في الختام، يمكن القول إن المسرح، سواء كان تجارياً أو جاداً ، يلعب دوراً مهماً في تشكيل الوعي الثقافي لدى الشباب.ويسهم المسرح التجاري مثلاً في تقديم محتوى ترفيهي يسهل الوصول إليه وجذب جمهور واسع، فيما يبقى المسرح الجاد ميداناً حيوياً لنقاش القضايا العميقة والمواضيع الجريئة.
التوازن بين هذين النوعين من المسرح هو ما يمكن أن يخلق تجربة مسرحية غنية وشاملة، تجمع بين المتعة والفائدة الثقافية. الشباب، بقدرتهم على اختيار ودعم ما يعبر عنهم، يملكون القوة في توجيه مستقبل المسرح نحو آفاق جديدة تلبي احتياجاتهم الثقافية والفنية المتنوعة.