يقيناً لم يستشهد العاقل فينا السيد حسن نصرالله !

جهاد أيوب-    قد يُعتبر ذاك العنوان حالة من الخرافة، أو من التمني الداخلي العاطفي، ولكنها الحقيقة المشرقة مع البراهين والادلة:

هو ذاك الطفل الجنوبي العفيف، تأكُل عائلته من تعبها ومن خير أرض جبل عامل، تربى على حب الشرف والوطن والفضيلة، ومساندة المظلومين، والإيمان بالله وكتابه، والذوبان في حب فلسطين!

كبر اليانع جميل الوجه والتصرف والحنكة والحكمة كما تكبر شجرة الأرز في لبنان، واشتد عوده كنخيل شبه الجزيرة العربية، وتثقف من الإنجيل وتألق بحب القرآن وتفوق بعشق الرحمن!

منذ بداياته كان مختلفاً هذا الشاب المدعو حسن نصرالله، وكل من جالسه عشقه وسحره وتمنى أن لا يفارقه، وحينما تستشيره يسألك عن خدمة المظلوم وتحجيم الظالم، وأن الهدف تحرير فلسطين، فمن اغتصبها سيعاود الفعلة في بلادنا!

سقط السيد عباس الموسوي شهيداً فتحقق دعاء والد الشهيد ليستلم مكانه خير من في الارض، وكان السيد حسن اميناً حاسماً مهذباً ومبتسماً، وقائداً لم تنجب الأمة مثله، وحنوناً يقرأ كتاب الله ودعاء كميل، ويبكي إذا توجعنا، ويستجيب لنا إذا صرخنا، ويصر أن يحرث أرض الوطن ليزرعها بالخير والكرامات وبعنفوان الشهادة، وحُسن التصرف والبوح!

يتكلم في الوقت المناسب حيث يصمت الجميع خاصة حكام العرب وادعياء الإسلام، وكلما اشتدت من حولنا الأمور يطل من مكانه ليخفف علينا بحسمه وصدقه ووعوده الذهبية، وكبرياء الإيمان، وضحكته السحرية، ويضع النقاط على الكرامات وحكام العرب في غياب!

يتحدث فيفعل دون تربيح بالجميل على عكس ما يفعله أصحاب الأصوات المرتفعة المليئة بفراغات الضجيج ولا يحمون شرفهم من عربان ومسلمين ومسيحيين!

عرضوا عليه حكم البلد والعيش في قصور أكبر من ملوك وامراء وحكام العربان واثرياء الأرض، فرفض، وأصر أن يعيش كما يعيش الشرفاء المقاومين وأهل الأرض، ومع ذلك، ونحن عشاقه وننتظر خلف العمر طلته ولا مرة عرفنا كيف يعيش وأين ينام ومتى، وهل يتنفس الهواء كما نتنفس والأرض من حوله مقفلة تضيق؟!

هل يضحك كما يطل علينا وبنا وهذا الكم العظيم من الفرح والتسامح الذي يوزعه علينا ويبقى لديه الكثير؟!

ما هذا التسامح الذي يغلف مفرداته رغم خيانات أبناء العم والخال وشركاء الوطن والدين، وحارب اعداء الأمة نيابة عن الأمة فحاربته الأمة نيابة عن الاعداء، ومع ذلك “كمش” دماء الأطهار من شهداء الطريق، ورفعها إلى الرحمن طالباً المغفرة لمن اساء إليه وخانه!

يدرك هذا الذي لا نستحقه سيدنا وتاج الرأس ومفتاح الفكر حسن نصرالله أن إسرائيل زُرعت في بلادنا الثرية بخيرات الرب بعد الحرب العالمية الثانية وبعد تشكيل النظام الدولي من قبل أميركا الشيطان الأكبر والغرب المنافق الدجال، هذا النظام المعني باشعال الحروب بين البشر وسرقة الخيرات والأرباح والأرواح!

شعر السيد المقاوم الشريف قبل غيره بأن الغرب يعيش الاهتزاز الوجودي، وعصابتهم إسرائيل التي تعيش على ذبح العرب والمسلمين والمسيحيين منذ أن قتلت عيسى المسيح إلى اللحظة مشغولة بهمجية الذبح والقتل وتزوير الإنجيل والقرآن وكل مقدسات الرحمن، وبأن الله لن يتركها هكذا فأعد العدة لمجابهتها ومجابهة مشغلينها، والمصادفة أن السيد العفيف الشريف الحاسم النبيل يعلم كما تعلم إسرائيل يقيناً إنها غير شرعية وركيزتها عصابة وليست شعباً، و80 عاماً وهي تذبح، وهذه الحقيقة جعلتها أكثر فتكاً وكفراً، لذلك كل من جاء إليها يعلم بإنها إلى زوال!

اشتغل السيد حسن نصرالله على قيمة نهج المقاومة كحالة عربية إسلامية إنسانية نادرة فثبت مداميكها الراسخة في عمق معرفة الله والخوف منه، ولا يضرها من يستشهد من شبابها وقادتها، فالهدف مقاومة وليس أشخاصاً نجوماً في المقاومة، وهنا القوة والاستمرارية!

قدم إبنه شهيداً من أجل أرض العرب والمسلمين والمسيحيين، ولرفع كراماتهم بينما حكام العرب في ملاهي مدينة الضباب ما بين أبناء لوط وبنات مدام X!

عام 2000 طرد إسرائيل من لبنان، وأذلها، وجعلها تنسحب من لبنان دون اتفاقية تطبيع معها، وهذا ما لم يحدث مع اي دولة عربية، ولم يحدث مع من طبع من العرب حيث أخذوا قطعة أرض صغيرة فأخذت إسرائيل كل بلادهم!

وانتصر عام 2006 على شياطين الأرض في تموز، وأفشل مشروع الشرق الاوسط الجديد التي نادت به الشمطاء كونداليسا رايس.

حارب جيش التكفيريين في سوريا ولبنان، والممول من السعودية وكل العربان والمنظم أميركياً جراء فكرة بريطانية خبيثة لتشويه الإنسان في الاسلام!

ولأنه اوقف صفقة القرن للمجنون ترامب، وحافظ على دين الله خارج دين الشياطين “الدين الابراهيمي” لا بد من مجابهته.

أدخل إسرائيل المؤقته في الملاجئ، وهذا لم يحدث في تاريخ صراعنا معها!

وأعاد إلى العرب والمسلمين والمسيحيين العزة والكرامة واليقظة والفكر الرباني، وهذا ما افتقدوه منذ عهود!

وهو من ايقظ الأمل في أمة مغرقة بالظلام والجهل والجنس والغدر والتراشق بالخناجر!

وقف كمقاوم فكراً وعقيدة وشهادة أمام مشاريع الشيطان أميركا والغرب واسرائيل والعربان طيلة ثمانين عاماً حيث رسخوا فكرة الانكسار عند شبابنا، والهزيمة في نفوس مثقفينا، واليأس عند علماء الدين حيث ذهب غالبيتهم إلى بلاط الملك والامير والحاكم الجاهل الظالم المنافق عديم الدين، وأصروا احتلال الشاشات كالراقصات!

وقف سداً منيعاً مع مقاومته ضد الغرب الذي نشر في بلادنان فكرة فقدان الأمل بمجابهة العدو الصهيوني والتخلص منه، وبمساعدة الإعلام العربي الممول من السعودية والإمارات والعربان حيث لوحوا بأن الكيان المؤقت لا يُقهر، فخرج السيد قهاراً لمشاريعهم، وابدلها بأن المجد للمؤمنين المقاومين، وحقق الانجازات التي رسخت معادلة “ولى زمن الهزائم وحل زمن الانتصارات، وإني اعدكم بالنصر مجدداً كما وعدتكم سابقاً”.

…كل هذا وسيتركه الأعراب حيث يكشف عوراتهم الصهيونية؟!

…كل هذا وسيتركه الغرب والشيطان أميركا حيث أفشل مشاريعهم الهدامة، والتي هي ضد الرحمن وكتابه؟!

فعمل الأعراب على دفع المال لأميركا كي تغتاله، وأميركا كلفت ربيبتها وعصابتها إسرائيل بالمهمة، وتكالبت مخابرات الغرب والعرب على كشف الأهداف…خانوا أنفسهم فخانوه!

باختزال عميق جداً، لقد قتلتم العاقل المصغي المبتسم المستمع في اغتيال السيد حسن نصر الله، ولكنكم اليوم ستجدون من لا ينتمي إلى العقلانية ولا يسامح شجرة أخطأت النمو فكيف بعدو جزار هو سفياني العصر؟!

يا ويلكم يا عرب ويا حكام العرب والمسلمين من بعده، فلن يقيم لكم وزناً، بل ستعيشون أذلالاً بين بارات اللهو وتخدير الحياة ومع الشيطان دائماً!

يا ويلكم يا صهاينة من بعد الحكيم في الصراع معكم، فمن سيأتي هو من مدرسته، لكنه سيطالب بثأره، ولا رحمة بعد اليوم!

الشهيد السيد حسن نصرالله ترك في الميدان حكمة المقاومة، وحكمتها في تنظيم صفوفها، وصفوفها سرية تشكل ذاتها بذاتها، ولو أن دولة تعرضت ما تعرضت له المقاومة من اغتيالات لقادتها، لكانت انتهت…وها هي المقاومة لا تزال راسخة ثابتة مدافعة، لذلك السيد حسن نصرالله لم يستشهد فهو بيننا وفي الخطوط الأمامية من جبهة الله على الأرض، والله كان يحبه، وهو يحب الله فذهب إليه بعد أن اصبح العبئ كبيراً منا عليه، وكمية الظلم والافتراء من قبل أدعياء الدين لا يوصف…استشهد حيث اراد فارتاح، وترك كل شيء في عهدة الله، والله سينتقم، وانتظروا وعد الله المنتقم الجبار قريباً!

لم أكن لأتوقع أن أعرف فك الحرف والكتابة عن السيد حسن بعد اغتياله، وترددت، ولكن الله آمر، وحاولت…إن الله خير المنتقمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *