ماذا سیکون رد فعل ایران؟
يوسف حسن- لقد بلغ الصراع علی مختلف جبهات اسرائیل ذروته و اغتیال حسن نصرالله غیّر معادلات کثیرة. لکن احدی القضایا المهمة التي یتابعها الرای العام بقوة هي مسالة کیفیة رد فعل ایران علی اغتیال حلیفتها.
ان دراسة وتمحص سياسيات ایران یمکن ان تساعدنا في تحدید مسار العمل التالي لهذه الدولة. في بدایة تاسیس الجمهوریة الاسلامية لم یکن لایران الکثیر من الحلفاء. کانت دول المنطقه و المجتمع الدولي تنظر الی هذه الحکومة الجدیدة بعین الریبة.
لقد تسببت الحرب التي اندلعت بین ایران و العراق في بدایة قیام الجمهوریة الاسلامیة في تشكل نظرة سلبیة لدول العالم، خاصه العربیة، تجاه ایران و الحد من التعاملات فیما بینها.
خلال سنوات الحرب الثمانیة مع العراق، عانت ایران من صعوبات فی بیع نفطها، کما ان محدودیة الموارد المالیة جعلت من الصعب علیها مواصلة الحرب.
و بعد انتهاء الحرب و عدم انسحاب ایران من حدودها، توجهت کل جهود ایران نحو اقامة علاقات مع الدول الاسلامیة الاخری و کان من بین هذه الاجراءات تشكيل المؤسسات الاسلامیة من قبيل المؤتمر الدولي للوحدة الاسلامیة، و المجمع العالمیة للصحوة الاسلامیة و المجمع العالمي للتقریب بین المذاهب الاسلامیة و کذلك الجمعیات الاقتصادیة الاسلامیة.
بالاضافة الی هذه الجهود الدبلوماسیة علی ما یبدو، اتخذت ایران تدابیر خاصة في تأسيس ودعم فصائل وتيارات بالنيابة. و بهذه الطریقة يمكننا الآن رؤیة یأس اسرائیل في وجه هذه الجماعات.
علی سبیل المثال یمکن ان نشیر الی حماس التی یترأسها یحیی السنوار، حيث تبین ان التیار الیمیني المائل لإیران هو السائد في هذا الفصيل.
او حرکة الحوثیین في الیمن التي حولت النقل البحري لاسرائیل الى جحيم، و التي تنفذ هجمات یومیة ضد القواعد الامریکیة و الاسرائلیة.
و الان علینا ان نری ما هو موقف حزب الله من ایران. کان حزب الله اللبناني منذ بدایة تاسیسه مجموعة صغیرة محدودة الاعضاء و لم یکن حتی کل الشیعة في لبنان اعضاء فیه.
و مع مرور الوقت، دخل هذا الحزب مجال النفوذ الداخلي من خلال انشاء فرع سیاسي له. و تظهر اللقائات المنتظمه لاعضاء هذا الحزب مع سفراء الدول الاخری اهمیة حزب الله في شؤون لبنان الداخلیة.
و من ناحیه اخری فان تطور الصناعة العسکریه مثل ما شهدناه في مستودعات الصواریخ عماد 4، یظهر ان حزب الله تمکن من توسیع علاقاته المالیة و تعزیز خططه بشکل مستقل عن ایران.
وصلت المعرکة بین اسرائیل و حزب الله في حرب 33 یوما، التي یدعی الاسرائیلي النصر فیها، الی هذا الحد، حیث مر اکثر عن 350 یوما علی المعرکة و لا تزال المهمة النهائیة للحرب غیر واضحة.
فمن ناحیة، فان تعزیز قوة حزب الله و اهمیة الجماعات المختلفة بالنسبة لایران عبر عن عدة رسائل.
اولا اذا شعر الایرانیون انهم علی وشك خسارة حزب الله، فسوف یتصرفون بقوة. و هذا یعني انه حتی مع اغتیال حسن نصرالله فان ایران لم تصل الی نتیجةٍ مفادُها أن ضررا لا یمکن اصلاحه قد ألحق بحزب الله.
و الاحتمال الآخر هو انه بما ان ایران لم تنخرط في مواجهة عسکریة مباشره فمن المرجح انها ستسعی الی القیام بعمل اکثر اهمیة. ان نشر صور نتانیاهو في مکتبه و کذلک منصات اطلاق الصواریخ علی قواعد الموساد و خاصه منصات اطلاق الصواریخ التابعة للقاعدة 8200 الاسرائیلیة، هي مؤشرات علی تخطیط ایران لضربات قاتلة علی اسرائیل.
و الآن، هل ستتحرک ایران بشکل مباشر ام ستتحرک من خلال حلفائها؟ لکن یمکن القول انه في حال قیام ایران بعمل میداني فلا أمل في مشاركة امریکا في هذه المعرکة.
حرب اسرائیل تجري بینما أمریکا منخرطة في الانتخابات الرئاسیة. أمر الدخول في الحرب بید الرئیس الذي لا یزال مجهولا. و من الطبیعي ان مجلس الشیوخ الامریکي لن یسمح لبایدن باتخاذ قرار في الایام الاخیرة من رئاسته ستؤثر نتائجها على امیرکا لسنوات طویلة.
کما ان تاثیرات الحرب في افغانستان و العراق و فیتنام جعلت الراي العام الناس سلبیا حول قیام حرب جدیدة ستؤثر علی الاقتصاد و العائلات الامیریکة.
خاصة و ان المجتمعات الامیرکیة خذلت اسرائیل في الوصول الی اهدافها المحددة سلفا. العدید من سکان المناطق الشمالیة هم مواطنون امریکیون عادوا الی بلادهم بسبب الحرب او استقروا في مخیمات اللاجئین.
و حتی مع اغتیال حسن نصرالله، لا أمل في ان تکون الاوضاع في المناطق الشمالیة مريحة لعودة الشمالیين.
بل ان نتیجة اغتیال حسن نصرالله هي ارتفاع مستوی التوتر. و بحسب رئیس بلدیة کریات شمونه فان قوات حزب الله الرضوانیة متمرکزة علی الحدود و مستعدة لمعرکة بریة.
کذلک، کتب میراف میخائیلي، عضو الحزب الدیمقراطي، علی قناتة x ان تصفية القادة، مهما کانوا کبارا، لا یغیر الحقیقة البسیطة المتثملة في ان اسرائیل لا تزال في حرب دون استراتیجیة خروج.
کما اشار الی مصیر الرهائن الاسرائیلین الذین ما زالوا في الاسر، و تصاعد التوتر قد لا یفیدهم.
في المقابل، و رغم انه کان من المتوقع ان یؤدي هذا الاغتیال الی تفکك البنیة السیاسیة فی لبنان، الا انه زاد من المحاور التي تؤکد علیها الاحزاب السیاسیة.
حيث أکد ولید جنبلاط و میشال عون و طلال ارسلان و سعد الحریری ادانة اغتیال حسن نصرالله و مواصلة طریق المقاومة ضد اسرائیل کما تاثر الراي العام اللبناني بالهجوم العسکري علی بیروت، مطالبا بتدخل الجیش الوطني ضد اسرائیل. و یبقی ان نری ما هي الخطوة التالیة التي ستتخذها اسرائیل و ماذا سیکون رد فعل ایران؟