المصالحةُ الوطنيّةُ: الطّريقُ نحوَ العَيشِ معًا بسَلامٍ وكرامةٍ ضِمنَ مَبادئِ الحقِّ والعدالةِ
“المصالحةُ الوطنيّةُ” مُصطلحٌ يحملُ في طيّاتِهِ الكثيرَ مِن المعاني العميقةِ، وتَكمنُ أهميّتُها في النّتائجِ التي يُمكنُ أن تَترتّبَ على نجاحِها، في حالِ عرَفَ القادةُ المُشاركونَ فيها تطبيقَ أفضلِ الآليّاتِ المطلوبةِ بكلِّ شَفافيّةٍ وحياديّةٍ، ومِن أبرزِ هذهِ الآليّاتِ وضعُ مصلحةِ الوطنِ فوقَ كلِّ اعتبارٍ.
إنَّ تحقيقَ المصالحةِ الوطنيّةِ الحقيقيّةِ يتطلّبُ حوارًا بنّاءً وعادلًا بين مُختلفِ الأفرقاءِ، للمُضِيِّ قُدمًا في رحلةٍ مُشترَكةٍ لبناءِ الوطنِ، مِن شرقِه إلى غربِه، ومِن شَمالِه إلى جنوبِه، بعزيمةٍ قويّةٍ، وبحكمةٍ ودرايةٍ، بِخِبراتِ الشّبابِ الليبيِّ أصحابِ القلوبِ الصّادقةِ في إخلاصِها لوطنِها، كي نرى ليبيا تَعمُرُ وتَزدهرُ، فالإرادةُ السّياسيّةُ الصّادقةُ والقُدرةُ على التّنفيذِ يُمكنُهما أنْ تَصنعا الفارِقَ.
في العصرِ الحالي تُعتبَرُ المصالحةُ الوطنيّةُ مِن أهمِّ أدواتِ ما صار يُعرَفُ بـِ “تحويلِ النِّزاعِ ” والذي رأينا كيفَ ساهم في العديدِ مِنَ البلدانِ العربيّةِ الصّديقةِ التي طُبّقَ فيها على تَعافي المجتمعاتِ منَ النّتائجِ السِّلبيّةِ للعُنفِ.
نحنُ ننظرُ إلى عمليّةِ المُصالحةِ الوطنيّةِ كمشروعٍ متكاملٍ لتجاوُزِ حالاتِ العُنفِ والاختلافِ في المُقارباتِ ووُجهاتِ النّظرِ، ومحاولةِ وضعِ حلٍّ نهائيٍّ لمشاكلِ البلدِ، يُؤسِّسُ لسلامٍ دائمٍ وإيجابيٍّ، ولنهضةٍ عُمرانيّةٍ واقتصاديّةٍ وتكنولوجيّةٍ تَشملُ القطاعاتِ كافّةً.
إنَّ المصالحةَ تقوم على الصُّلحِ الذي هو سيِّدُ الأحكامِ، الصُّلحُ يمحو الجروحَ، وبذلكَ تكونُ المصالحةُ التي نسعى جاهدينَ إلى تحقيقِها مع كلِّ القياداتِ في ليبيا العمليّةَ الأسمى التي تتضمَّنُ البحثَ عن الحقيقةِ والعدالةِ والتّسامُحِ وتضميدِ الجِراحِ، فهِيَ أفضلُ حلٍّ وضمانٍ لعدمِ عودةِ العنفِ الذي وقعَ في الماضي.
نحنُ نُؤمنُ أنّه سيكونُ للمواطنِ في المستقبلِ القريبِ ما يَكفي مِنَ النُّضجِ للعُبورِ إلى قيامِ دولةِ القانونِ والمُؤسّساتِ والحريّةِ المسؤولةِ، وأنَّنا سنسيرُ سويًّا مِن خلالِ المصالحةِ الوطنيّةِ إلى بناءِ ليبيا الحرّةِ العزيزةِ وطنًا للجميعِ، وطنًا نعيشُ فيه بسلامٍ وكرامةٍ، تسودُه مبادئُ الحقِّ والعدالةِ.