“المُصالحةُ الوطنيّةُ” خُطوةٌ نحو تلاحُمِ الشّعبِ اللّيبيِّ ومستقبلٌ مُزدهِرٌ

المصالحةُ الوطنيّةُ في ليبيا ضرورةٌ حتميّةٌ مِن أجلِ بناءِ دولةٍ تَجمعُ شملَ اللّيبيينَ، وهي قاعدةٌ أساسيّةٌ للتّعايشِ السِّلميِّ بين مُكوِّناتِ المجتمعِ الليبيِّ. وتعدُّ المصالحةُ حاجةٌ مُلِحّةٌ لتحقيقِ الوِحدةِ والأمنِ والاستقرارِ والتّنميةِ الشّاملةِ، وهي قضيّةٌ جوهريّةٌ ومصيريّةٌ يجبُ أن يتمسّكَ بها كلُّ مسؤولٍ ومواطنٍ ليبيٍّ، ويسعى إلى تحقيقِها، لأنّها وحدَها القادرةُ على إعادةِ اللُّحمةِ الوطنيّةِ وبناءِ جُسورِ الثِّقةِ بين أبناءِ الوطنِ.
وتَرتكزُ المُصالحةُ الوطنيّةُ على عدّةِ مَحاورَ، يأتي في طَليعتِها إعادةُ الثِّقةِ بينَ الأطرافِ وردمِ الفجوةِ بينَ الجهاتِ المتصارعةِ، سواءً عبر حواراتٍ سياسيّةٍ أو لجانِ مُصالحةٍ بهدفِ تخفيفِ التّوتُّرِ بين الأطرافِ، وتعويضِ المُتضرِّرينَ وجبْرِ الضّررِ، أي وضعِ الآلياتِ المناسبةِ لتعويضِ العائلاتِ المتضرِّرةِ مِنَ النّزاعاتِ والصّراعاتِ ماديًّا ومعنويًّا، والتّركيزِ على عودةِ النّازحينَ.
ولا بدَّ أن تشملَ المُصالحةُ الوطنيّةُ – مِن وِجهةِ نَظرِ الدّكتورِ الصّدّيق حفتر-“توحيدَ المؤسّساتِ السّياسيّةِ والعسكريّةِ والاقتصاديّةِ، كالبنكِ المركزيِّ والجيشِ، بهدفِ تحقيقِ الاستقرارِ وإرساءِ دولةٍ قويّةٍ قادرةٍ على الإيفاءِ باحتياجاتِ المواطنينَ، وضرورةِ معالجةِ انتهاكاتِ حقوقِ الإنسانِ، وتقديمِ المسؤولينَ عنها للقضاءِ والمُساءلةِ القانونيّةِ”.
هنا يلفِتُ الدّكتورُ حفتر النّظرَ إلى “أهميّةِ الدّورِ الذي تلعبُه القبائلُ في تحقيقِ المصالحةِ”، مُشدّدًا على “عدمِ تناسي أيِّ مكوّنٍ من مكوّناتِ المجتمعِ تكونُ له القُدرةُ والفعاليةُ في حلِّ النّزاعاتِ وتعزيزِ الاستقرارِ”، مؤكِّداً على ضرورةِ “إنهاءِ الخلافاتِ العميقةِ بين الأطرافِ المتنازِعةِ بعيدًا عنِ التّدخّلاتِ الخارجيّةِ، وانتشارِ السّلاحِ والميليشياتِ، لأنّ هذهِ الأمورَ هي التي تُعيقُ أيَّ مُصالحةٍ حقيقيّةٍ وشاملةٍ. مشيرًا إلى “أهميّةِ قيامِ انتخاباتٍ نزيهةٍ لإعادةِ الشّرعيّةِ السّياسيّةِ وإنهاءِ حالةِ الانقسامِ”.
يُمكنُ لحملةِ المُصالحةِ الوطنيّةِ أن تُؤثِّرَ إيجابيًّا على تلاحُمِ الشّعبِ الليبيِّ إذا تَمّتْ بشكلٍ عادلٍ وشاملٍ، مع التنبُّهِ إلى المُعوِّقاتِ التي قد تُعيقُ تحقيقَها، إذا لم تُراعِ الاختلافاتِ العميقةَ بين الأطرافِ المتنازِعةِ، ومِن أبرزِ التّأثيراتِ الإيجابيّةِ لتلكَ الحملةِ، برأيِ الدّكتورِ حفتر، “أنّها تُساهمُ في تجاوزِ حالةِ الانقسامِ المُجتمعيِّ مِن خلالِ فتحِ قنواتِ حوارٍ بين أبناءِ الوطنِ، وتُعزِّزُ الوِحدةَ الوطنيّةَ والتّلاحُمَ بينَ اللِّيبيين بعيدًا عن الانقساماتِ القبليّةِ أو المناطقيّةِ، وستخلقُ بيئةً مُستقرّةً وتُعزّزُ شعورَ الأمانِ والانتماءِ”.
ممّا لا شكَّ فيه أنَّ المصالحةَ ستَدعَمُ السِّلمَ الأهليَّ وتُعزّزُهُ، وتُقلّلُ العُنفَ بين أفرادِ المُجتمعِ، وستُقلّلُ مِن النّزعةِ الانتقاميّةِ إذا شعَرَ المتضرِّرونَ أنَّ حقوقهُمْ قد أُعيدتْ، وهذا ما سيُخفِّفُ مِن شعورِ الحقدِ عندَ أبناءِ الوطنِ، وستفتحُ المُصالحةُ البابَ حتمًا أمامَ استئنافِ المشاريعِ التّنمويّةِ ممّا يُعزِّزُ التّلاحُمَ عبر العملِ المُشتركِ مِن أجلِ بناءِ ليبيا الجديدةِ.
حملةُ المُصالحةِ الوطنيّةِ إذا ما نجحَتْ، ستكونُ خُطوةً عظيمةً نحو تلاحُمِ الشّعبِ اللّيبيِّ، وبناءِ مستقبلٍ مزدهرٍ، إلّا أنّ نجاحَ المُصالحةِ يجبُ أن يكونَ مصحوبًا بالتزامٍ كاملٍ وتامٍّ، وبإرادةٍ سياسيّةٍ حقيقيّةٍ لدى القادةِ اللّيبيّينَ والمسؤولينَ في ليبيا، مِن أجلِ إنجاحِ تلكَ المُصالحةِ، والابتعادِ عن أيِّ أجَنْداتٍ خارجيّةٍ يُمكنُ أنْ تُعرقلَها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *