دور القبائل في تحقيق المصالحة الوطنية وترسيخ الاستقرار في ليبيا

إنّ نزع السلاح من الجماعات المسلّحة في ليبيا يعتبر خطوة أساسية لتحقيق أي مصالحة وطنية، وتلعب القبائل دورًا محوريًّا فيها نظرًا لطبيعة المجتمع الليبي الذي يعتمد بشكل كبير على البنية القبلية والاجتماعية التقليدية، فالقبائل تتمتع بقدرة كبيرة على التأثير في المجتمع المحلّي وهي تحظى بثقة واحترام أفراد القبيلة، ما يجعل منها وسيطًا فعّالًا وضروريًّا في حلّ النزاعات، ولا يمكننا أن نغفل تاريخ القبائل الطويل في حلّ الخلافات المحليّة من خلال الأعراف والتقاليد.

رغم كلّ المحاولات الأمميّة والإقليميّة والدوليّة في تعزيز فرص الحوار الوطني والتي وصلت إلى طريق مسدود، يبدو جليًّا أنّ دور القبائل سيكون أكثر فعالية في تحقيق المصالحة الوطنية وترسيخ دعائم الاستقرار، هنا يميّز الدكتور الصدّيق حفتر مواقف القبيلة المشرّفة وتضحياتها في سبيل وحدة ليبيا، مشيرًا إلى “أن القبائل في ليبيا كانت ولا تزال الركيزة الأساسية للحفاظ على وحدة المجتمع الليبي بكافة مكوّناته”.

ويشدّد حفتر على أن القبائل في ليبيا قادرة حتمًا على بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة في كافة المناطق التي تشهد توتّرات، خاصة أن تقاليدها تقوم على مبدأ التسامح والعفو. ويرى “أن دور القبائل في يومنا هذا يتجاوز البعد الاجتماعي، ليشمل الجانب السياسي والأمني والاقتصادي والتنموي، إذ يمكنها أن تكون عاملًا فعالًا في تحقيق المصالحة الوطنية في البلاد من أجل بناء مستقبل مزدهر”.

في مجتمع يتّسم بالطابع القبلي ويسوده الولاء القبلي، فإن ملامسة الاستقرار والمصالحة والوحدة الوطنية لن يتحققا إلّا بتوظيف القبيلة لتجاوز المصاعب، ويمكن للقبائل أن تلعب دور الوسيط الموثوق بين الأطراف، والمساعدة في تقريب وجهات النظر، وهي قادرة على دعم الجهود لبناء مؤسسات الدولة من خلال تشجيع أفرادها على الانخراط في العمل الحكومي والمؤسساتي. ويلفت الدكتور حفتر إلى “أن القبائل تمثل مختلف مكوّنات المجتمع الليبي ويمكنها لعب دور أساسيّ في توحيد هذه المكوّنات تحت مظلّة المصالحة الوطنية، كما أنها أداة لتعزيز الانتماء الوطني والابتعاد عن النزاعات المناطقية وضمان للأمن والاستقرار”. يُعوّل الدكتور حفتر على “دور القبائل في تسهيل عودة النازحين والتقارب بين المجتمعات المحلية، ومساهمتها في إنجاح العدالة الانتقالية من خلال دعم مبادرات المصالحة كالتعويضات والاعتذارات وغيرها”.

تُمثّل القبائل الليبية عماد البنية الاجتماعية في ليبيا ودورها سيكون محوريًّا في تحقيق المصالحة الوطنية التي باتت ضرورة ملحّة لبناء الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي من أجل النهوض بليبيا الجديدة، والتي يطمح إليها الليبيون بعيدًا عن أيّ انقسامات أو صراعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *