أنقرة و طهران: باروميترات الأمن القومي بين التهديد والتوازن”
اسماعيل ديوب
في خضم التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، أبدت تركيا إدانتها الشديدة للهجمات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية، مشيرة إلى أن هذه الهجمات تمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي. تمتلك تركيا، الدولة الواقعة بين قارتين، تاريخًا طويلًا من العلاقات المعقدة مع كل من إيران وإسرائيل، ويسعى هذا الموقف إلى تحقيق توازن دقيق بين مخاوفها الأمنية ومبادئها المتعلقة بالسيادة الوطنية.
عبرت أنقرة عن قلقها العميق إزاء التصعيد العسكري الذي شهدته المنطقة، محذرة من أن هذه الانتهاكات ليست فقط تهديدًا مباشرًا لإيران، بل تشكل أيضًا خطرًا على استقرار المنطقة بأسرها، إذ تحمل الهجمات الإسرائيلية أبعادًا تتجاوز النزاع الثنائي، وتثير مخاوف من اتساع دائرة النزاع في منطقة تشهد بالفعل الكثير من الصراعات وتحولات القوى السياسية.
من المهم أن يتم تناول الموقف التركي في السياق الأعمق للاحتواء والتحذير من التداعيات المحتملة للخيار العسكري، فقد دعت الحكومة التركية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم لمنع توسع العدوان الإسرائيلي، معتبرة أن المجتمع الدولي مسؤول عن حماية الأمن والسلم الدوليين، وتظهر تصريحات المسؤولين الأتراك حرصًا على تنسيق الجهود مع الأطراف الفاعلة الدولية لتحقيق الاستقرار وحقن الدماء.
ورغم إدانتهم الكبيرة لهذه الهجمات، فإن تركيا لم تعلن عن نيتها الدخول عسكريًا في الصراع بين إيران وإسرائيل. وفي واقع الأمر، تمثل هذه الخطوة جزءًا من سياسة تركية أوسع تهدف إلى تجنب التصعيد العسكري والتأكد من عدم اتساع نطاق الصراع بما يهدد الأمن القومي التركي، فتاريخ العلاقات بين تركيا وإيران قد عكس تناقضات عديدة؛ لكنه تبقى هناك قواسم مشتركة سواء في مجال المصالح كأمن الطاقة أو النفوذ الإقليمي.
تتخذ تركيا تدابير احترازية على المستوى الدبلوماسي والعسكري في ظل هذه الأوضاع المتدهورة، إذ تسعى إلى تعزيز قواتها المسلحة في المناطق الحدودية وتطوير استراتيجية دفاعية مرنة للتعامل مع الأحداث المتسارعة. وبالإضافة إلى ذلك، يعمل المسؤولون الأتراك على إجراء مشاورات متزايدة مع حلفاء إقليميين ودوليين لضمان عدم تفاقم الأوضاع.
تستند المواقف التركية إلى دولة ذات سيادة وقوة اقتصادية وعسكرية مؤثرة في المنطقة، مما يتيح لها أن تكون صوتًا داعمًا للعدل والسلام في خضم الأزمات. وعليه، فإن تركيا، من خلال دعمها لإيران بخصوص الهجمات الإسرائيلية، تعمل على الترويج لرؤيتها هذه.
