من يعيش العبودية يرى الحرية جرما.
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
من يعيش العبودية يرى الحرية جرما.
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
هناك أقوام عاشوا ردحا طويلا من الزمن تحت العبودية الفرعونية ، و كان أبناؤهم يخلقون بين جدران قفص هذه العبودية النثنة ، و يرضعون الإستعباد ، و يترعرعون تحت ظل النخاسة و العبودية ، فكان من المستحيل على أحدهم أن يتحدث عن الحرية ، أو يحاول التحرر ، لأنهم قد ألفوا جميعا هذا النمط من الحياة ، فاستسلموا لها و تعودوا عليها ، بل إنهم استعذبوها ، حتى و لو توفرت لهم كل فرص التحرر و أسبابها كانوا يرفضون تلك الحياة الجديدة باعتبارها جرما و عملا شنيعا.
و لهذه السبب وجد الانبياء و المجددون منهم سيدنا موسى عليه السلام صعوبة كبيرة في إقناع بني إسرائيل بالتحرر من عبوديتهم للفراعنة ، فبمجرد أن اغرق الله فرعون و نجاهم هم من بطشه و استعاده لهم ، لم يستطيعوا مقاومة غريزة العبودية تلك التي نشأوا عليها بحثوا عما يجعلهم تحت وطأة الاستعباد ، فعبدوا العجل ، و استمروا يقاومون فكرة الحرية التي كان يقود دفتها سيدنا موسى عليه السلام بالتعليم و التوجيه من الله ، ففي كل يوم كانوا يعملون أعمالا تتعارض مع الحرية ، و توحي بأنهم يتوقون الى
العبودية و الإستعباد ، و يبين جليا أن ذلك المرض أصبح مستعصيا و مستشريا فيهم و لا يمكن علاجه.
فأثبت ذلك الجيل بأنه غير صالح لحياة كريمة ، فقد كان جيلا استرضع العبودية ، و لا يمكنه أن ينعم بالحرية و يتعايش معها ، لذا فرض الله عليهم التوهان في الأرض أربعين سنة (أنها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون في الأرض ) و هذا زمن كافي لأن يموت هذا الجيل و ينقرض ، فيخرج من بين أصلابهم جيل جديد يرضع الحرية منذ نعومة أظافره ، كي يتناسب مع الحياة الجديدة .
إن حياة الحرية و الكرامة ، و التي ترفض عبودية الإنسان للإنسان و تجعله معافى من مرض نفسي الا هو الاستعباد هي حق واجب ، فلا عبودية إلا للخالق سبحانه و تعالى.
إن نوع البيئة و الحيثيات المعتادة التي يخلق فيها الإنسان ، هي التي تحدد نوع شخصيته ، و نمط حياته ، فإن كانت تؤمن بالحرية و تقام الخنوع و الإضطهاد ، فسيكون أبنائها وقودا للحرية و الكرامة و الإنسانية ، أما إن كانت ترضى بالإضطهاد و الخنوع و الإستعباد و الإذلال ، فسيولد أبناؤها من رحم الذل و الاهانة و بالتالي يصعب على المجددين تغيير المفاهيم لديهم ما لم يغيروا ما بانفسهم قال تعالى” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ” .
إن في موقف العرض الأكبر ، سوف يقال لأولئك الصنف ممن أطاعوا كبراءهم و استحلوا العبودية ، و جعلوهم سادة لهم يطيعونهم في كل شي ، حتى في معتقداتهم و إختيار دياناتهم بما هو العبودية الفاسدة المفسدة ، و قد قال تعالى ” و قالوا ربنا إننا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل ” و لن يعفيهم عذرهم القبيح بعد الاستفسار من استحقاق العقاب و الاستمرار في الذل و الهوان .
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي