دروس و عبر
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي
دروس و عبر
إن ما عشناه من حالة هلع و فزع و ترقب و حذر بعد الهزة الأرضية الأخيرة و التي ضربت جل ربوع المملكة المغربية الشريفة و التي تسببت في أضرار و خسائر جسيمة ، تجعلنا نقف وقفة اعتبار مع انفسنا و نتأمل جيدا حقيقة دورنا و ، قيمة وجودنا ، و ندرك أننا في هذه الحياة موكول لنا مهمة الصلاح و الإصلاح و العمارة الحق لها ، لا إفسادها ، فنحن لا نملك المال لكي نترف به و نطغى بل لننجز به أعمالا صالحة و نتصدق منه ، و لم نؤت العقل كي ننكر وجود الخير و نفتري على الخلق بل لكي نميز الخبيث من الطيب و نظهر الامتنان لعباد الله بالقلب و اللسان .
إن هذه الفاجعة التي كتبها الله علينا هي مرحلة تغييرية فارقة في مسار الحياة كي نعي أن الشدة الرخاء و مع الابتلاء اصطفاء و مع كل عسر يسرا و مع كُل فشل هُناك نجاح عَظيم ، و مع كل ثِقة بالله هناك رفعة و مع كل سقوط هناك وَقوف مِن جديد ، و لعلها مرحلة فيصلية في التغيير نحو الأفضل و التوجه نحو الاعتبار ، لهذا وجب الوقوف على الرسالة الربانية التي وجهها الله تعالى لنا في طياتها ، و نأخذ الدروس و العبر منها مع ضرورة تجاوز الألم و الجراح و النهوض من جديد ، إذ إننا إذا ركّزنا فقط على الآلام و الجراح سوف نبقى نتألم دائما ، لكننا إذا ما ركّزنا مع العبر و الدروس فإننا حتما سنتطوّر و نطور آليات جديدة للحياة و تكبر نظرتنا الشمولية للحياة ، فنسعى إلى الصلاح .
إننا ندرك بعد الفاجعة أننا مخطئون و أننا كدنا نفقد هويتنا الإنسانية ، فتأتي الرسائل المولوية حاملة معها معالم التذكير و التفكر و إن كانت صعبة و شديدة الخطورة إلا أنها ميزاب الرجوع و الإنابة ، و معيار للاصطفاء ، فعندما لا يكون من نصيبنا شيء اخترناه فلنتأكد أن ما سيكون هو شيء أفضل مما كان حتى و إن كان محنة ، فهو سبحانه من اختاره ، فلا ندع الأحداث المفجعة تحبطنا لأنها تعطي نتائج جيدة بعد الابتلاء ، و لنتذكر أن الله يمنحنا هذه العثرات ليختبر الإيمان في قلوبنا و ، يشد عضدنا بمن استقرت في قلوبهم معالم الإنسانية ، فندرك أن غدا لن يكون أفضل اذا لم نجعله نحن أفضل ، و لا نحسب أن لنا حول أو قوة إلا بالله تعالى ، أو نظن أن أنفسنا هي التي دفعتنا إلى فعل الخير بل أنما نحن عباد أحبهم الله فألهمهم فعل الخيرات و المبادرة نحو الصالحات .
و لعلنا و بعد هذه الفاجعة نستوعب أن لا يمكن تغيير المستقبل دون المرور باختبارات الحياة ، و وجب علينا تغيير المفاهيم و العادات و السلوك ، وعندها بالتأكيد ذلك التغيير على مستوى الشخصية الإنسانية سيغير معالم المستقبل بصفة عامة ، و ندرك أن كل ما نملكه فهو نعم من نعم الله تعالى كي تستمر عجلة الحياة، و أن كل ما لا نملكه هو من حكمة الله تعالى كي لا تكفى النفوس و لا تمرض القلوب و لا نظيف الارواح .
إننا بعد هذه الفاجعة ، علينا أن ندرك أن أفضل الدروس التي يمكن أن نتعلمها في هذه الحياة هي اتقان المحافظة على سيرورة الحياة بالصلاح و الإصلاح و عمرانها ، و نستمر في السير قدما نحو الأفضل بكل هدوء ؛ و لنجعل أيامنا ذات قيمة إنسانية تاريخية بالخير و الصلاح ، ” فما كان لله دام و اتصل و ما كان لغير الله انقطع و انفصل “
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي