رفعت: الإعلام سلاح الحسم في حرب غزة

رفعت رشاد
يكتب

الإعلام سلاح الحسم في حرب غزة

 

ميزان العدالة المختل لدى الدول الغربية الاستعمارية يسمح لها ولشعوبها بأن تمارس كل أنواع القوة والمقاومة وتستحلها لتحقيق أهدافها.

في وقت الحرب يكون الغربي ثوريا ومقاوما يتصف بالشجاعة مهما ارتكب من جرائم، طالما أنه أوروبي أو أمريكي، بينما يحرم على غيره من الأوطان الأخرى ممارسة حقها الشرعي والقانوني والإنساني في الدفاع عن نفسها.

كانت الحربان العالميتان في أوروبا مجالاً خصباً للمقاومة في دولها وأبرزها المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال الألماني، فرنسا الاستعمارية تعرضت للاحتلال الألماني فثار أهلها مقاومين بينما كانت تقمع بكل عنف أي مقاومة في مستعمراتها التي قهرت فيها أهلا وسلبت ثرواتها.

تاريخهم يذكر المقاومة ضد الألمان بكل فخر ولكنهم يوصمون المقاومين لمشروعاتهم الاستعمارية بالإرهاب.

لا يقتصر هذا الأمر على فرنسا فحسب، بل على كل الدول الأوروبية التي قاومت ضد الاحتلال.

ونتذكر ذلك عندما احتلت فرنسا فيتنام، واحتلت إنجلترا الهند ومصر وغيرهما من الدول، بل نفس الموقف عندما ثارت أمريكا كمستعمرة بريطانية ضد الملك الإنجليزي وتقوم الآن بضرب دول العالم في كل مكان.

تروج الدول الغربية لمصالحها وحروبها باستخدام سلاح الإعلام، الأكثر تأثيراً في الحروب، من خلاله تشيطن الآخرين وتستفيد في ذلك من أنها الأكثر قوة في هذا المجال، فهي تملك شبكة الإنترنت وملايين المواقع الإلكترونية وكذلك مئات القنوات الفضائية المؤثرة حول العالم وبالطبع آلاف الصحف وذلك في كل العالم وبالأخص في الدول التي تدور في الفلك الغربي مثل كندا وأستراليا وغيرها.

تستخدم الدول الغربية الإعلام حتى ضد الدول الكبيرة مثل روسيا والصين وهي تمتلك خبرة كبيرة في تطويع الإعلام لتوجهه ضد عقول وقلوب الرأي العام بتطبيق سيكولوجية القطيع.

استخدمته ضد روسيا في حرب أوكرانيا وصورت بوتين على أنه شيطان وطاغية دموي واستعادت صورة هتلر لتخدم أهدافها باعتباره الشيطان الأعظم لدى الرأي العام الغربي.

طبقت سياستها الإعلامية ضد الصين أيضا بسبب قضية تايوان، والآن تستخدمها ضد المقاومة الفلسطينية في غزة وتصويرها على أنها إرهاب وليست مقاومة مشروعة ضد احتلال شرس يستخدم كل أنواع القهر والعنف ضد المدنيين ويقتل الأطفال ويدمر المستشفيات ويقطع المياه والكهرباء ويمنع دخول الوقود، ورغم ذلك يناصره الغرب الاستعماري الذي زرع الدولة الصهيونية في قلب الوطن العربي.

كان وما زال سلاح الإعلام فعالا ولطالما استخدمته الصهيونية على مدى تاريخها لغسل مخ العالم والتأثير عليه خاصة أنها تمتلك أدوات الإعلام في العالم وتسيطر عليها بما في ذلك استوديوهات هوليوود التي تشوه صورة العربي والمقاوم الإسلامي لصالح الصهيونية وإسرائيل.

لقد أدركت الشعوب المقاومة قيمة الإعلام في المعركة، ولم تنتصر فيتنام إلا بالإعلام، فهي لم تدحر امريكا العتية بكل قواها وإنما استطاع الجنرال جياب الأسطوري أن يؤثر على الرأي العام الأمريكي بتصوير أفلام وإرسالها إلى محطات التلفزيون هناك وبثها لكي يدرك الرأي العام حقيقة ما يحدث في فيتنام . كانت تلك الخطوة نقطة تحول في أمريكا وبعد جهد جهيد تحول الرأي العام الأمريكي بقوة ضد الحرب وتجار السلاح وأجبر إدارته على الانسحاب من فيتنام.

لقد خسرت فيتنام ما يقرب من مليون ونصف مليون إنسان ودمرت بلادهم تدميرا عنيفا بأبشع الأسلحة الأمريكية، لكن في النهاية انتصر الفيتناميون ووحدا وطنهم.

في حرب غزة تفتقد المقاومة الفلسطينية الجانب الإعلامي المؤثر، وإن كانت وسائل التواصل الحديثة قد ساهمت في نقل جزء من الصورة والدمار الحادث في غزة إلى العالم وأدى هذا إلى قيام المظاهرات في العديد من الدول بما فيها أمريكا.

لكن في ظل وجود عدو ماكر وماهر في استخدام الإعلام يجب على المقاومة أن تتسلح بسلاح الإعلام وأن تنقل إلى الرأي العام العالمي حقيقة ما يجري في غزة، ليس لمجرد كسب التعاطف، وإنما لكسب الحرب ونيل الحرية وتحرير الوطن ودحر عدو من أشرس الاعداء في التاريخ ومن أسوأ انواع الاستعمار والاحتلال.

إن الإعلام لابد أن يكون سلاحا فعالا في هذه الحرب، ليظهر الإعلام أننا نقاوم احتلالا ولسنا إرهابيين وإذا كتبت علينا الشهادة فلنمت ونحن نقاوم وإذا كانوا يريدون لنا الإبادة فلن نمكنهم من إبادتنا وليعلموا أننا جذور وبذور.. تمتد إلى أعماق الأرض وتنمو مجددا حتى لو تم قطافها.

إن الناس في كل مكان يعشقون البطولة والأبطال، فلنقدم لهم النموذج المقاوم البطل، لنقل لهم أننا قد أرقنا دماءنا لنروي أرض وطننا.. لقد نمنا في الخيام.. لكننا سنعود إلى بيوتنا.. إذا قطعتم عنا الكهرباء.. سنخرج قناديلنا القديمة ونعمرها بدمائنا لكي تضئ حياة أبنائنا.. إذا أقمتم أسوارا وأسلاكا شائكة.. سنقتحمها بصدورنا.. وإذا اجترأت علينا ضباعكم.. فإن مثواها خنادقنا ندفنها وندوس عليها.

لقد عشنا الألم وفقدنا العزيز الغالي وشربنا كأس القهر والقسوة والظلم حتى الثمالة.. وحان الوقت لتتكلم بنادقنا.

رسالة إعلامية يجب أن تصل للجميع.. المجتمع الدولي الصامت المتآمر ضد الأطفال والعزل يجب أن يستفيق على بطولات المقاومة.. فالعالم لا يعطي لأحد حريته وإنما تؤخذ الدنيا والحرية غلابا.. وما أخذ بالقوة.. لا يسترد بغير القوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *