الغابة السّوداء
بقلم: نجوى حسين سليم ( ختساء العصر ) / مراسلة القسم الثّقافي من جبل لبنان
حُطامٌ رُكامٌ وانهيار
لا بيوتَ لا اهلَ بل فِرار
قد جاثوا خِلالَ الدّيار
فلا عَرِفوا ليلاً ولا نهار
بساتينُ جُثثٍ وجُلْنار
دُفنوا بعِزّةٍ وافتخار
طابَتْ بِكُم الأرضُ يا أطهار
ومنكم مَن ينتظِرْ وما بُدِّلوا القَرار
غابةٌ سوداء يؤجّجُها حصار
طحينٌ رماديٌّ وماء مُضار
وعجينُ خبزٍ محروقٍ دون نار
وفُتاتُ أشلاءٍ و وحنينُ أوتار
أخافُ لإن هبّتْ ريحٌ صِرار
تَمحوَ رائحةَ الدّمِ والدّمار
فلا يتبَقّى سوى طرقاتٌ خاليةٌ و اصفرار
ويُنتَسى الظُّلمُ وتُسْتَباحُ الأبْرار
فإن اغتَسَلْتُم بماءٍ و أمطار
تَيمّموا بفَتيلِ الشّمعِ المَحْروقِ المُنهار
ولأنّكم مِن غَزّة ومِن سَوادِ الوقار
سَتَشُدّونَ بعضَكم اهلَ فلسطينَ أطوار
سيُخَلّدُكُم التاريخُ وتُنْشِدُكُم الأشْعار
ويُقَبّلونَ أَيْمانَكُم واليسار
ويَغوصونَ بملحِ مائِكمْ إبحار
ويَسْبَحونَ بأفلاكِ سمائِكم وأَوْطار
كمْ نَجْمٍ هَوى مِن سماءٍ مدرار
ونجومُ فِلَسْطينُ كلُّ جُرْمٍ مِنكم يغار
ارتقَيْتُم ونِعْمَ القرار
وهنيئاً جُعِلْتُم قِبّةً ومزار
غابةٌ سوداءَ دونَ سِتار
تلوحُ بالأفُقِ كأنّها أقدار
فِلسطينيُّ العقيدةِ بإجْهار
وثَأريّ الدّمِ دونَ إنذار
عرشٌ لبَلْقيسَ رُدَّ بِطَرْفِ عَيْنٍ واحتار
والقدسُ نَسْتَرِدّها بقُدْسيّةٍ وأسرار
إن كانت أرضكم مَفادَ الأحْوار
فهي قبلاً رُنُوّ الأحْبار
وما بينَ المسيحِ وطهَ المُختار
رجالٌ منَ الله لتحريرِ القُدسِ هم أغوار