الالتزام بقواعد اللعبة في الإدارة وبمبادئها هو مفتاح الرقي والازدهار بمؤسساتنا الرسمية

بقلم الدكتور الصديق حفتر

تعد الادارة بمختلف انواعها مسؤولة عن نجاح او اخفاق المنظمات والمجتمعات، فهي بمثابة القلب النابض الباعث للحياة في جسم الانسان ، بسبب احتلالها المركز الحيوي في المنظمات ، فهي الجسر الرابط بين الفكرة والنجاح ، بين الاحلام والانجازات .
ولما كانت التنظيمات الرسمية كبيرة ومعقدة ، فهي تستدعي وجود ادارة باعتبارها السبيل الامثل لتحقيق اهدافها من خلال عمليات الادارة ومراحل الانجاز ومعايير الاداء وتوفير نظام رقابي لها .
فالادارة هي عملية توجيه وقيادة للجهود البشرية ، واستثمار عاجل وآجل في نفس الوقت لهذه الجهود ، وبواسطتها يتم تقنين الوسائل والادوات التي تضمن الاستخدام الامثل للموارد المتاحة لها .
وتهتم الادارة بالقيم بتحفيز مجموعة من القادة الفعليين الذين يهدفون الى جعل العامل يحس بأنه مالك للمكان الذي يعمل فيه ، وامداده بكل ما يمكن لاستخراج افضل ما فيه من قدرات وطاقات ، كما يدعم فرصته للمشاركة باعتباره من عناصر رأس المال وانه الداعم الرئيسي لعمليات الرفع في الانتاجية السنوية .
ان الادارة بالقيم تدعم الثقافة التنظيمية لتحقيق اهدافها ، فالقيم والاتجاهات والمعتقدات تلعب دورا هاما بالنسبة لادارة الافراد ، فلا شك انها تؤثر على دوافع وسلوك العاملين في مختلف المستويات التنظيمية ولو امعنا النظر في التقدم الحضاري الذي حققته بعض الدول كالولايات المتحدة مثلا نجد انه يستند الى قيم معينة كاحترام وحب العمل، قبول المخاطر والرغبة في تحملها ، وكذلك قبول مبدأ التنافس من اجل الافضل .
إن نجاح ورشة إعادة إعمار بلدنا الحبيب ليبيا يتطلب منا العمل كجماعة وكوحدة متراصة البنيان، فالمشاركة تعد حجر الاساس في بناء الحكم الراشد، وهي من المبادئ التي تهدف للرشاده في الحكم، وتعبر عن مدى كفاءته، وتعمل على تحقيق مشاركة المجتمع في صنع القرار . وهذا لا يتم إلا تحت حكم وسيادة القانون، الذي يعتر أساس التنظيم لكونه يعبر عن درجة ثقة المواطنين بالقواعد القانونية المفروضة في المجتمع، ومدى عدالة الجهاز القضائي.
وتتمثل سيادته في كونه يطبق على الكل دون تمييز، ويهدف حكم القانون إلى الحفاظ على حقوق وواجبات الأفراد وضمان حرياتهم وتوضيح العلاقات داخل السلطات والجهاز الإداري.
بالطبع علينا أن لا ننسى وجوب تعزيز مبدأ الشفافية كونه من المفاهيم الاداريه الحديثه حيث يقوم هذا المصطلح على الكشف عن المعلومات للذين لهم مصلحة في التصرفات الادارية وفق اجراءات واضحة.
ونرى أن هذه الشفافية لا يمكن أن تترجم عمليا إلا إذا تزامنت مع مبادىْ مهمة كحسن الاستجابة والمساواة والكفاءة والفعالية، وكم سيكون مجتمعنا ديناميكيا حين يلاحظ مواطنينا السرعة والدقة في تقديم الخدمات والمرونة في الاستجابة للمطالب بكفاءة وجودة، مع المساواة التي تضمن تحقيق مبدا تكافؤ الفرص من اجل تحسين الاوضاع وتحقيق العدالة التوزيعية إن لجهة الرواتب أو لجهة المكافآت والجوائز التحفيزية.
فالكفاءة والفعالية في الدوائر الرسمية تعني قدرة موظفي القطاع العام على تحسين الخدمات وتطوير المؤسسات التي يعملون بها كي تصبح قادرة على التكيف مع البيئة المحيطة بها ، حيث تكون قادرة على تحقيق النتائج المرجوة بكفاءة وعلى الاستخدام الامثل للموارد .
ولا يكتمل التحديث الإداري في مجتمعنا وتمتين الوحدة الإجتماعبة والوطنية إلا إذا تمتع بالمساءلة، وتحديدا لجهة خضوع صناع القرار سواء في الحكومه القطاع الخاص والمجتمع المدني، للمساءلة والرقابة من قبل افراد المجتمع المدني والمؤسسات المعنية ومنظمة التعاون الاقتصاديه والتنميه ودول منطقه الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وضرورة المحاسبة وتقديم اجابات أو تفسير ما قدمه صناع القرار، وترتكز هذه المسائل على توفر المعرفة والمعلومات .
وفي المحصلة إن المضي قدما في ورشة إعمار بلدنا الحبيب تتطلب من كل منا التحلي بروح المسؤولية والالتزام بالحقوق والواجبات، ما يعني العمل على تدعيم وسائل وآليات الرقابة، والتداول على الحكم و لقد جاء في القرآن والحديث الشريف احكاما وضوابط تركز على القيم والمبادئ التي يجب ان تتوفر في الحاكم الصالح وأهمها العدل وهو ميزان الله الذي وضعه للخلق عنوانا للحق وهو القاعدة والركيزة التي يقوم عليها النظام، وتصلح به احوال المجتمعات . حيث قال تعالى” إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا ( سورة النساء الآية 58 ) وقال ايضا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ( سورة النساء الآية 135 ) . وبهذه الاستراتيجية الإدارية المتعددة القواعد والمبادىء يمكن إنجاز خدمات الصالح العام ، فالمدير والموظف كلاهما مسؤول عن موقعه وفق القاعدة العامه ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *