الصديق حفتر ودور المجتمع المدني في ليبيا
إتسمت تنظيمات المجتمع المدني في ليبيا خلال الفترات السابقة بالضعف، إذ كانت مغيبة وليس لها أي دور، بل غلب على معظم تلك التنظيمات أوالجمعيات الطابع الدعائي، وكانت مكبلة بقيود عديدة لا تسمح لها بحراك طبيعي .
وربما يعود ضعف نشاط مؤسسات المجتمع المدني خلال تلك الفترة والحقبة إلى أسباب عديدة، منها الأسباب الإجتماعية التي تتعلق بتركيبة المجتمع الليبي، والإتجاهات الثقافية التي تتناقض مع فكرة ومفهوم المجتمع المدني ، بسبب سيطرة الإرتباطات العائلية والقبلية على أنماط التفاعل في المجتمع، ما دفع بإتجاه أن تصبح القبيلة أداة لتحقيق المصالح كبديل عن مؤسسات المجتمع المدني .
وقد إفتقرت معظم التنظيمات والجمعيات إلى أي خصوصية قانونية أوإستقلالية مالية أو برامجية أوهيكلية ، فمثل هذه التنظيمات كانت تنشأ غالبا ًبقرارات عليا وتخضع لإجراءات الحل وإعادة التنظيم من قبل الدولة.
إلا أن المجتمع المدني، شهد بعد عام 2011 نشاطا ملحوظاً من خلال المؤسسات التي بينتها سجلات مفوضية المجتمع المدني، حيث سجل عدد المنظمات غير الحكومية في أنحاء ليبيا إرتفاعًا، إذ بلغ عدد مؤسسات المجتمع المدني المسجلة رسميًا في المفوضية 5415 مؤسسة بين عامي 2011 و2018 ولكن الإقبال على إنشاء تلك المؤسسات وتسجيلها، لا يعني أنها ذات فاعلية وكفاءة ، حيث تراجعت بعض الأنشطة المتعلقة بدورالمجتمع المدني منذ العام 2014 ولا سيما منها ما يتعلق بحرية التجمع وحق التظاهر، كما تراجعت أيضًا حرية التجمع السلمي بسبب الحروب والنزاعات المسلحة، بينما تبقى عملية تأسيس حركات مدنية متاحة للجميع، حتى في ظل غياب قانون جديد ينظم هذا الأمر.
ولعل من أبرزالتحديات التي يواجهها المجتمع المدني في ليبيا،غياب الإطار التشريعي، إذ بعد عام 2011 تم تعطيل القانون رقم 19 لسنة 2001 بشأن إعادة تنظيم الجمعيات الأهلية، ولم يتم سن أي قانون بديل، ويضاف إلى ذلك ضعف تجاوب الجهات المعنية مع الإجتهادات الخاصة بتقديم إقتراح قانون ينظم عمل منظمات المجتمع المدني.
وقد أسفرت الإجتماعات واللقاءات التي عُقدت لهذه الغاية عن تقديم قانون من قبل مفوضية المجتمع المدني لمجلس النواب مطلع عام 2017 لكنه لم يُقر حتى الآن وهذا الأمرساهم في تشتت عمل منظمات المجتمع المدني، وأضعف دورها كشريك رئيسي في عملية التنمية وصنع القرار.
وإنطلاقاً من قناعاته بمشاركة كل فئات المجتمع الليبي في بناء مستقبل ليبيا، يرى الدكتورالصديق خليفة حفترأنه لا بد من التكامل بين الجميع ويجب إعطاء مؤسسات المجتمع المدني دورها وإيجاد الإطار التشريعي والقانوني لها، سيما وأنها شاركت وكان لها دور في مساعدة أبناء ليبيا خلال الأزمات والملمات.
ويعتبر الدكتورالصديق أن الكل معني وشريك في بناء مستقبل ليبيا ولا أحد يأخذ من طريق أحد، فهذه المؤسسات والمنظمات تستطيع أن تلعب دوراً مهما حتى على صعيد المصالحة الوطنية ولا تتناقض مع الأدوار الأخرى التي نُقدرونحترم والتي تستند على جهود التنظيمات والجمعيات القرابية والقبلية.
وقد بلغ عدد مؤسسات المجتمع المدني التي تتصدى للفساد وتهتم بالشفافية والإصالح بشكل عام 25 منظمة فقط، وصفت بأنها رقابية بحسب دليل منظمات المجتمع المدني الليبية، 12 مؤسسة منها في بنغازي، و9 مؤسسات في طرابلس، ومؤسسة واحدة في تازربو، وواحدة في جخرة، وواحدة في المرج.
وتبلغ نسبة هذه المؤسسات 0،5 في المائة فقط من مؤسسات المجتمع المدني الأخرى التي تركز نشاطاتها في الإغاثة والمساعدات، والأعمال الخيرية، والثقافة والفنون، والشباب والرياضة، والمرأة وشؤون الطفل، والقانون وحقوق الإنسان، والمصالحة الوطنية، والسياحة.