فاطمة مشيك تجربة نضجت قبل أوان الحصاد-فن – نقد
قلم: لويس الحايك
قبل أن الج في تقييم ديوانٍ حروفُه تصلي، وهو نبضُ عطية توهب بقَدَر وتتألق بخفر، وقد جمعتِ الشاعرة قصائده برصانة وحذر حتى أعجزتنا عن تقويمه، لذا سعيت قدْر المستطاع، كما في كل ولوجٍ لي في كتاب مثل كتابها يشدّني اليه التألق والإبداع، ان يكون موقفي صريحاً وصارماً وبعيداً عن المدح المبتذل وبخوره المصنع.
اقول إن فاطمة التي سبق لها ان كتبت الشعر نثرا وكان الاعتراض عليها مدوياً من اطراف لا تعترف بما نسميه الشعر المنثور او الحرّ او الطليق ولا تعترف ايضا بعباءته الحداثية التي تبرّر وجودَها بوجوده، ولصدّ هذه السهام التي وجهت اليها من المحبين الغيورين، كان التحدي الذي واجهته تحديا بطوليا في دخولها معركةً ضَمنتْ نتائجها بجولة واحدة فبلسمتْ قلوبَ مشجعيها وهي في سنتها الاولى الجامعية، وعلى الرغم من تخصصها بالادب الانكليزي، عبرت بلغتها القدسية السمحاء التي تعشّقتها في الصغر حتى الثَمَـل وصقلتها في الكبر بمنحات إيمانها وصفاء سليقتها وجعلتْ حروفَها تصلي.
دخلت المعركة قبل ان تلحظ ان في مخزون شاعريتها موهبة مضافة ما ان اهلّت حتى فاضت غنائيتُها بالاوزان والقوافي موحية لمن يجهل ان صناعتها الجديدة هذه مرت بتمرس طويل ولم تكن فحسب عطية من عطايا رب العالمين.
أما الإدهاش الآخر في ديوانها فهو دخولها الجريء في منافسة مع شعراء الملاحم الذين اعتادوا رفع قبابهم الى سِدرة المُنتهى، فبرعوا بوصف البطولات العظيمة لكنهم اهملوا اشجان الوطن الجريح ونزيف الدماء في ترابه. اقول هذا وللقول صلة في مناسبة أخرى تسمح بالشرح والتطويل.
لن ابحر في ديوان لا يقنعنا انه تجربة اولى تخوضها شاعرة بعمر البراعم
لذا قلت فيها:
فاطمة مشيك شاعرة ملهمة تخطّت في عبورها رائيّ عبقر. موهبتها لم تتعثر بعوائق اللغة التي تمرست بها منذ الصغر نطقا وتجويدا وإنشادا. تهبط العبارة في حروفها مضمخة بالأطياب ومغمورة بالوحي ومعززة بقدرة من وهبها عطاياه لتبتهل اليه وتصلي.
وبعد ماذا اقول عن الملاحم في ديوانها؟
في قصيدتها “عمّة الشّرق” كانت الاربع والعشرون بيتا كافية لتسميتها بالملحمة، تعرج فيهاعلى صهوة جواد الى أرض معراج النبي وبيت لحم وبدعاء بريء تطلق صيحاتها مجلجلة : \ للقدس نفسي تستحيل فراشة \ وتجول في احلامها اسفاري \ بعد ان تساءلت : \ اين العروبة في الظلام ركودها \ يا بئس عرب شتت فجار \
ومن صيحات المقاوم الى ملحمة متحررة من أصولية التفعيلة الى تقاسيم مشبعة بالموسيقى لا اوتاد فيها ولا عوارض، قد تكون الشاعرة زاوجت فيها بين بوحها النثري وصلابة اصوليتها في النقلة المفاجئة وكان للعنوان مدّ عطائي في صرختها: قدسٌ أنا.
اخيرا اقول: هنيئا لبيروت المدينة المثقفة بعودتها الى محراب مقاماتها الاصيلة مع نبض مثقَّفيها من الشباب وهنيئا لنا نشهد اعراسهم على الرغم من قحط الأرض وغضب السماء.
دخلت المعركة قبل ان تلحظ ان في مخزون شاعريتها موهبة مضافة ما ان اهلّت حتى فاضت غنائيتُها بالاوزان والقوافي موحية لمن يجهل ان صناعتها الجديدة هذه مرت بتمرس طويل ولم تكن فحسب عطية من عطايا رب العالمين.
أما الإدهاش الآخر في ديوانها فهو دخولها الجريء في منافسة مع شعراء الملاحم الذين اعتادوا رفع قبابهم الى سِدرة المُنتهى، فبرعوا بوصف البطولات العظيمة لكنهم اهملوا اشجان الوطن الجريح ونزيف الدماء في ترابه. اقول هذا وللقول صلة في مناسبة أخرى تسمح بالشرح والتطويل.
لن ابحر في ديوان لا يقنعنا انه تجربة اولى تخوضها شاعرة بعمر البراعم
لذا قلت فيها:
فاطمة مشيك شاعرة ملهمة تخطّت في عبورها رائيّ عبقر. موهبتها لم تتعثر بعوائق اللغة التي تمرست بها منذ الصغر نطقا وتجويدا وإنشادا. تهبط العبارة في حروفها مضمخة بالأطياب ومغمورة بالوحي ومعززة بقدرة من وهبها عطاياه لتبتهل اليه وتصلي.
وبعد ماذا اقول عن الملاحم في ديوانها؟
في قصيدتها “عمّة الشّرق” كانت الاربع والعشرون بيتا كافية لتسميتها بالملحمة، تعرج فيهاعلى صهوة جواد الى أرض معراج النبي وبيت لحم وبدعاء بريء تطلق صيحاتها مجلجلة : \ للقدس نفسي تستحيل فراشة \ وتجول في احلامها اسفاري \ بعد ان تساءلت : \ اين العروبة في الظلام ركودها \ يا بئس عرب شتت فجار \
ومن صيحات المقاوم الى ملحمة متحررة من أصولية التفعيلة الى تقاسيم مشبعة بالموسيقى لا اوتاد فيها ولا عوارض، قد تكون الشاعرة زاوجت فيها بين بوحها النثري وصلابة اصوليتها في النقلة المفاجئة وكان للعنوان مدّ عطائي في صرختها: قدسٌ أنا.
اخيرا اقول: هنيئا لبيروت المدينة المثقفة بعودتها الى محراب مقاماتها الاصيلة مع نبض مثقَّفيها من الشباب وهنيئا لنا نشهد اعراسهم على الرغم من قحط الأرض وغضب السماء.