زيادةُ الطاقةِ المتجدِّدةِ وخفضُ انبعاثِ الكربون
يتبدّلُ المشهدُ العالميُّ للطاقةِ جذريّاً، وتتحوّلُ الاستثماراتُ نحوَ مصادرِ الطاقةِ المتجدِّدةِ. وفقاً لآخرِ التقاريرِ، سيحصُلُ العالمُ خلالَ السنواتِ الأربعِ المقبلةِ على 90% منَ الكهرُباءِ من مصادرِ الطاقةِ المتجدِّدةِ، نظراً لانخفاضِ تكاليفِها، ولمُحاكاتِها تغيُّرَ المُناخِ.
تتمتعُ ليبيا بإمكاناتٍ عاليةٍ لطاقةِ الرياحِ والطاقةِ الشمسيةِ، وهي وإن استغلَّتْها بنحوٍ جيِّدٍ، ستتمكنُ في عامٍ واحدٍ، بسببِ وقوعِها في قلبِ حزامِ الشمسِ، من إنتاجِ طاقةٍ تُعادل 1.5 مليونِ برميلٍ منَ النفطِ الخام.
ورُغمَ المشاكلِ السياسيةِ في ليبيا، هناكَ عزمٌ وإرادةٌ على إنشاءِ خطٍّ كهرُبائيٍّ يسمحُ بتصديرِ الطاقةِ المتجدِّدةِ بكلفةٍ منخفضةٍ إلى أوروبا، تضافُ إلى عاملِ الاستثمارِ في الهيدروجين الأخضرِ. وتتبنّى ليبيا استراتيجيةً وطنيةً للطاقةِ المتجدِّدةِ تهدِفُ إلى زيادةِ حِصَّتِها في كهرُباءِ الشبكةِ العامةِ إلى 22% بحلولِ عامِ 2030، وتتضمنُ الاستراتيجيةُ خططاً لتطويرِ مشاريعِ الطاقةِ الشمسيةِ وطاقةِ الرياحِ وطاقةِ الحرارةِ الأرضيةِ.
صحيحٌ أنّ دولَ شَمالِ أفريقيا تواجهُ عدداً منَ التحدياتِ التي يجبُ التصدي لها قبلَ أن تُصبِحَ مُنتِجاً رئيسياً للهيدروجين والأمونيا الأخضرين، وتشمَلُ هذه التحدياتُ تكلفةَ الإنتاجِ التي لا تزالُ مرتفعةً نسبياً، إضافةً إلى الحاجةِ لتطويرِ البِنيةِ التحتيةِ لنقلِ حواملِ الطاقةِ الخضراءِ وتخزينِها، وضرورةِ تطويرِ أسواقِ الهيدروجين والأمونيا الأخضرين، لكنَّ ليبيا تحتاجُ أيضاً إلى إجراءِ تغييراتٍ جذريةٍ تتمثّلُ بِسَنِّ قوانينَ للكهرُباءِ تحفِّزُ استثمارَ الطاقةِ المتجدِّدةِ وجعلَها قادرةً على المنافسةِ. وهنا يرى الدكتور الصدّيق حفتر أنه “لا بدّ من إعادةِ هيكلةِ نظامِ تعرفةِ الكهرُباءِ ودعمِ الطاقة المتجدِّدةِ، وجذبِ المستثمرين وتنفيذِ سياساتِ كفاءةِ الطاقةِ وإنشاءِ هيئةٍ تنظيميةٍ للمراقبةِ وحمايةِ المُستهلِكِ”.
يعتمدُ الاقتصادُ الليبيُّ كثيراً على صادراتِ النِّفطِ والغازِ، وهو يلبّي حوالى 80% منَ احتياجاتِ الكهرُباءِ منَ النِّفطِ، وتسعى طرابلس لزيادةِ حِصّةِ المواردِ المتجدِّدةِ في الطاقةِ لتلبيةِ الطلبِ المتزايدِ وتوفيرِ النِّفطِ والغازِ للتصديرِ. وفي هذا الإطارِ يؤكدُ الدكتور حفتر “أنَّ ليبيا تهدِفُ إلى توليدِ 22% منَ الكهرُباءِ من طريقِ الطاقةِ المتجدِّدةِ بنهايةِ هذا العقدِ، ولديها طموحاتُ بزيادةِ الإنتاجِ في العقدِ المُقبِلِ”. ويشرحُ الدكتور حفتر أنَّ “رؤيةَ ليبيا لقطاعِ الطاقةِ المتجدِّدةِ تتجاوزُ حدودَها وتهدِفُ إلى الاستفادةِ من موقِعها الاستراتيجيِّ كبوابةِ شَمالِ أفريقيا إلى أوروبا، وهي قادرةٌ على تزويدِها بالطاقةِ المتجدِّدةِ بما يتماشى معَ الالتزاماتِ المشتركةِ بالمسؤوليةِ البيئيةِ وخفضِ انبعاثِ الكربون”.
هذه الرؤيةُ تجعلُ من منطِقةِ شَمالِ أفريقيا، وليبيا تحديداً، جوهرةَ التاجِ لرغباتِ أوروبا في تخضير مصادرِ طاقتِها، وإنهاءِ الاعتمادِ على الغازِ الروسيِّ. ويجبُ أيضاً التعاونُ الكلّي بينَ جميعِ الأطرافِ داخليّاً وخارجيّاً من أجلِ حمايةِ النُّظُمِ البيئيةِ فيها.