بدأنا بإدخالِ تكنولوجيا المعلوماتِ والاتصالِ في العمليةِ التعليميةِ لتحقيقِ جَودةِ التعليمِ العالي وتعزيزِهِ
إنَّ العلمَ هو السِّرُّ المتأصِّلُ وراءَ رفعةِ الشعوبِ وتفوُّقِها، إذ تتطلَّبُ عمليةُ بناءِ المجتمعاتِ الحديثةِ الاهتمامَ بالبناءِ المعرفيِّ. ويُعَدُّ التعليمُ من أهمِّ ركائزِها، فيما تمثِّلُ تكنولوجيـا المعلوماتِ والاتصالِ في عصرِنا هذا قفزةً نوعيةً إيجابيةً كبيرةً في البيئةِ التعليميةِ، إذ إنها تساعدُ على إيصالِ المعلوماتِ والبياناتِ العلميةِ التربويةِ، وحتى السلوكيةِ للطالبِ.
إنَّ عصرَنا اليومَ يُعرَفُ بعصرِ التقدُّمِ التكنولوجيِّ الهائلِ والجذريِّ، وهذا كلُّهُ يقودُنا إلى الاطلاعِ على المعاييرِ التي تضمَّنَتْها الاستراتيجيةُ الجديدةُ التي باشرْنا باعتمادِها، والمواكبةِ لعصرِ تكنولوجيا المعلوماتِ والاتصالِ للسنواتِ العَشرِ المُقبلةِ، إذ بدأَ فريقُ العملِ الذي شكَّلناهُ لهذه الغايةِ بتوفيرِ كلِّ المتطلباتِ لجامعاتِنا الرسميةِ في سبيلِ خَلقِ البيئةِ الإلكترونيةِ الكفيلةِ بالرُّقيِّ بعناصرِ التعليمِ العالي الأساسيةِ (الآنفة الذكر) بشكلٍ تزامُنيٍّ وعادلٍ ومتبادَلٍ.
إنَّ نجاحَ التعليمِ يُقاسُ بمدى ما يحقِّقُهُ من نتائجَ مفيدةٍ ومدى الاستفادةِ التي يتحصَّلُ عليها الطالبُ من مهاراتٍ وقُدُراتٍ فكريةٍ تُسهِمُ في تنميةِ المجالاتِ الاقتصاديةِ والإداريةِ والاجتماعيةِ في المجتمعِ الذي ينتمي إليهِ. وما دامتِ الحياةُ قد أصبحَتْ إلكترونيةً، سواءٌ على مستوى العلاقاتِ بينَ الأفرادِ عبرَ شبكاتِ التواصلِ الاجتماعيِّ بكلِّ مستوياتِها وإمكاناتِها، أو من خلالِ الشَّبكةِ العنكبوتيةِ (الويب) بما تُقدِّمُهُ من تسهيلاتٍ للتواصلِ عبرَ الحاسوبِ، فإنَّ الاهتمامَ بتكنولوجيا المعلوماتِ في قطاعِ الخِدماتِ المتمثِّلِ بمؤسَّساتِ التعليمِ العالي أمرٌ ضروريٌّ ومُلِحٌّ.
فالتعليمُ الإلكترونيُّ أصبحَ خِياراً أساسياً يجعلُ الطالبَ نشِطاً وفعالاً وباحثاً عنِ المعلومةِ، ومدركاً لأهميةِ التعلُّمِ، وقادراً على اكتسابِ مهاراتِ حلِّ المشكلاتِ والاستقصاءِ والتواصلِ والإبداعِ، وعليه فإنّ تكنولوجيا التواصلِ والمعلوماتِ باتَتْ من أهمِّ الوسائلِ لتحسينِ جَودةِ التعليمِ الجامعيِّ، وإحدى أبرزِ أولوياتِنا في العمليةِ التعليميةِ والبحثيةِ، لما لها من تأثيرٍ بالجوانبِ الأخرى، وخصوصاً لجهةِ دورِها في تحقيقِ المتطلباتِ المتنوعةِ من جهةِ سوقِ العملِ، ومن جهةٍ أخرى تدعيمُ البحثِ العلميِّ.
لقد أثّرتْ هذه التقنياتُ والآلياتُ الإلكترونيةُ التعليميةُ حتى في نَمَطِ طُرُقِ التدريسِ ومناهجِ التعليمِ، فأصبحَتْ تُشكِّلُ مركزَ اهتمامِ المدرسينَ والطلابِ على وجهِ الخصوصِ، حيثُ يستعينُ التربويون بتقنياتِ الإعلامِ والاتصالِ (من قبيلِ الوسائلِ السمعيةِ البصريةِ، شبكةِ الإنترنت) في تعزيزِ التعلُّمِ الذاتيِّ والبحثِ الشخصيِّ وتطويرِ أساليبِ التعليمِ ومناهجِهِ.
ومن هنا تبرزُ أهميةُ دورِ تكنولوجيا الإعلامِ والاتصالِ في تحسينِ جَودةِ العمليةِ التعليميةِ ورفعِها، سواءٌ من ناحيةِ التطبيقاتِ الخاصةِ بهذه العمليةِ، أو ما يخصُّ الجانبَ التحصيليَّ والمعرفيَّ للطالبِ، وسنترجمُ هذا الدورَ في رفعِ مستوى التعليمِ والتدريبِ واستحداثِ طُرُقِ التعليمِ عن بُعدٍ في الجامعاتِ الليبيةِ. كذلك سننقُلُ خِدماتِ التعليمِ والتدريبِ إلى المناطقِ النائيةِ المعزولةِ، إضافةً إلى إفساحِ المجالِ أمامَ الطالبِ لرفعِ أدائهِ وتطويرِ مهاراتِهِ، فضلاً عن تقديمِ الدعمِ القويِّ للمناهجِ المعاصرةِ القائمةِ على تأكيدِ المهاراتِ، وخصوصاً توليدَ المعرفةِ، لا مجرَّدَ نقلِها، وأخيراً الاستفادةِ منَ التجاربِ العالميةِ في مدينةِ التعليمِ عموماً، وخصوصاً ما يتعلقُ باستخدامِ تقنياتِ الإعلامِ والاتصالِ المدمَجةِ في التعليمِ.