أعطينا التوجيهات لبناء قوة اقتصادية زراعية تنافسية تحقق الأمن الغذائي وتشجع على الاستثمار في القطاع

عرف القطاع الزراعي الليبي منذ انطلاقته الأولى عدة مبادرات زراعية من القطاعين العام والخاص، وقوانين تهدف إلى الإستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية، إلا أن السياسات الزراعية المنفذة إتسمت في الثلاثين سنة الأخيرة بعدم الاستمرارية،  وعدم نجاحها في تحسين أداء القطاع .

وعلى الرغم من أنّ القطاع الزراعي في بلدنا الحبيب ليبيا محدود وصغير، إلا أن الزراعة، مثل تربية المواشي، وأنشطة إنتاج المحاصيل والإنتاج الحيواني والمواد الكيميائية الزراعية لها جذور راسخة في التقاليد. نحن نستورد حاليا معظم المواد الغذائية التي نستهلكها. وتتصور رؤية إعادة إعمار ليبيا 2030 وجود قطاع فعال وحديث ومنتج، يلبي احتياجات الناس في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية ومصائد الأسماك، ويضمن الأمن الغذائي،  ويلعب دورا رئيسيا في التنمية الاقتصادية الريفية.

اليوم لدينا فرصة لتنشيط القطاع الزراعي للحدّ من وارداتنا الزراعية ، وضمان الأمن الغذائي، وخلق الفرص الاقتصادية وتعزيز النظم الغذائية الصحية.

وعلى الرغم من حزمة من الاصلاحات التي شهدها القطاع الزراعي في السنوات العشر الأخيرة إلّا أنه لا يزال يتبع المناهج والأساليب التقليدية في استخدام الموارد والإنتاج والتخزين والتسويق، وبات يعيش وضعا مختلفا لم يصل به إلى الأهداف المسطرة له ومن بينها تحقيق الأمن الغذائي للسكان بمعنى آخر تحقيق الاكتفاء الذاتي ، وهو ما صنف ليبيا ضمن مناطق العجز الغذائي التي تعتمد على الاستيراد لسد نقص في تلبية المتطلبات الاستهلاكية من السلع الغذائية الاساسية .

وأمام هذه التحديات باشرنا بالعمل مع الخبراء والمهندسين في القطاع الزراعي بالخطوات العملية الآيلة لتحقيق التنمية الريفية والزراعية المستدامة، كي نرفع عن بلدنا الحبيب عبء التبعية الغذائية، ونمكنها من النهوض باقتصادها الهش للمنافسة، وتحقيق الميزة التنافسية والريادية،  في مجال الإنتاج الزراعي من جهة، والقضاء على الفقر والحرمان في الأوساط الريفية من جهة أخرى.

كل هذا نابع من ثقتنا بالإمكانات الطبيعية المتجددة التي يتميز بها بلدنا وتؤهله لذلك، لكن دون الوقوع في فخ استنزافها وبطرق تمكننا من الحصول على أكثر النتائج الإيجابية وبأقل التكاليف، بحيث تسمح لنا بتحقيق أكبر منفعة ممكنة للأجيال الحالية والمستقبلية،  لأن الارض ملك لجميع الأفراد الذين سيعيشون عليها ونعني هنا التنمية المستدامة  .

في الواقع  إن تحقيق رهانات وطموحات القطاع الزراعي الليبي المتمثلة في الاكتفاء الذاتي، الأمن الغذائي ووتحقيق فائض في الميزان التجاري الزراعي، وبناء قوة اقتصادية زراعية وطنية تنافسية لا يرتبط حصريا بالقطاع الزراعي، ولا بالسياسات الزراعية فقط،  إنما يرتبط قبل كل شيء بمستوى التنمية الاقتصادية بصفة عامة  ولا سيما بالقطاع الصناعي وتنوع الجهاز  الإنتاجي الوطني والقدرة الشرائية للسكان، لذا فالتأخر المسجل في تنمية القطاع الزراعي يجد جذوره في التأخر الاقتصادي والاجتماعي في جميع بيئته: تخلف في التنمية الصناعية، البحث العلمي، والتبعية الغذائية، وضعف أداء القطاع الزراعي ما هو إلا تعبيرعن الانعكاسات الحادة للاقتصاد الوطني أمام الصدمات الخارجية  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *