التعليمُ الرياديُّ في ليبيا: خيارُنا التربويُّ لمواكبةِ متطلباتِ العصرِ وتحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ
يُعَدُّ العقلُ البشريُّ أبرزَ ما يميِّزُ الإنسانَ عن باقي المخلوقاتِ، نظراً لمجموعةٍ من الميزاتِ الفكريةِ، وأبرزُها القدرةُ على الإبداعِ وابتكارِ أفكارٍ لمشاريعَ رياديةٍ، وهذا ما يدفعُنا إلى التفكيرِ والمُضيِّ قُدُماً نحوَ دعمِ التعليمِ الرياديِّ في المدارسِ والجامعاتِ الليبيةِ الرسميةِ والخاصةِ.
وتُجمِعُ الدراساتُ والأبحاثُ العلميةُ على أنَّ التعليمَ الرياديَّ يشكلُ إحدى أبرزِ الآلياتِ والحلولِ المواكبةِ لمتطلباتِ العصرِ نحوَ خيارِ العملِ الحُرِّ (ريادةُ الأعمالِ)، مستندةً إلى العديدِ منَ التجاربِ التعليميةِ الناجحةِ في المدارسِ والجامعاتِ في الدولِ العربيةِ، لجهةِ نشرِ منظومةِ التعليمِ الرياديِّ في المجتمعِ وتوزيعِها وتعزيزِها، حيثُ حقَّقتْ حتى اليومِ نتائجَ جيدةً ورزمةً منَ المكتسَباتِ المستقبليةِ، والآثارِ الإيجابيةِ، خصوصاً لجهةِ دورِ الطلابِ في تحقيقِ أهدافِ التنميةِ المستدامةِ، كُلٌّ في بلدِهِ.
وتتجسَّدُ الفئةُ الأكثرُ قدرةً على إحداثِ الفارقِ بفئةِ طلبةِ الجامعاتِ، نظراً لما يتمتعونَ بِهِ من ميولٍ وشَغَفٍ، بالبدءِ بمشاريعَ رياديةٍ صغيرةٍ، انطلاقاً منَ امتلاكِهِم مهاراتٍ شخصيةً أو تكوينيةً. وتتميزُ هذه الفئةُ بالثقةِ والحماسةِ، وبثروةٍ منَ المعرفةِ، وأثبتَتْ أنها جديرةٌ بأن تكونَ قاطرةَ الدولِ الساعيةِ للتنميةِ في المجالاتِ كافةً.
والسؤالُ هنا: كيف تتحققُ هذه السماتُ لدى هذه الفئةِ من الفئاتِ العُمريةِ في وطنِنا الحبيبِ ليبيا؟
تتمحورُ أهدافُ التعليمِ للريادةِ التي بدأنا بتعزيزِها في مدارسِنا وجامعاتِنا حولَ خَلقِ ذهنيةِ وثقافةِ المبادرةِ، التي بدورِها تُركزُ على الابتكارِ وحلِّ المشكلاتِ والمواطَنةِ النشطةِ، حيثُ يبحثُ أعضاءُ الهيئةِ التعليميةِ في صروحِنا العلميةِ عنِ الطلابِ المؤمنين بقُدُراتِهم على النجاحِ في كلِّ ما يختارونَ من تخصُّصاتٍ، وذلك بهدفِ مساعدتِهم كي يصبحوا مبتكِرين ومشارِكين فاعلينَ في سوقِ العملِ الليبيِّ.
أمّا في ما يتعلقُ بالأُسُسِ التي ستعتمدُها الهيئاتُ التعليميةُ في المدارسِ والجامعاتِ، فقد أعطينا توجيهاتِنا كي تكونَ مستندةً إلى مجموعةٍ منَ التجاربِ المختلفةِ التي توفِّرُ للطلابِ القدرةَ والرؤيةَ للاستفادةِ من الفُرصِ المختلفةِ.
وستعملُ هذه الهيئاتُ أيضاً على رفعِ قدرةِ الأفرادِ على استشرافِ التطوراتِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ، ومن ثَمَّ التجاوبُ والتفاعلُ معها، بعدها ستعمَدُ الهيئاتُ إلى تشجيعِ الطلابِ على تطويرِ الذاتِ، واتخاذِ المبادراتِ وتحمُّلِ المسؤوليةِ والمخاطرِ.
وفي سبيلِ رفعِ درجةِ فعاليةِ طُرُقِ التدريسِ عندنا، فإنَّ القيِّمين على القطاعِ التربويِّ (في المدارسِ والجامعاتِ) باشروا بدمجِ هذه الطُّرُقِ مع بعضِ الأنشطةِ العمليةِ، كالتعليمِ بالممارسةِ، والتعليمِ الفعّالِ، وذلكَ بهدفِ تشجيعِ وتطويرِ مهاراتِ ريادةِ الأعمالِ؛ حيثُ تُعَدُّ ريادةُ الأعمالِ بمثابةِ توجُّهِ الأشخاصِ وسعيِهِم نحوَ تأسيسِ أعمالِهِمِ الخاصةِ، كالمبادراتِ المجتمعيةِ الصغيرةِ، والمؤسساتِ المصغرةِ الرياديةِ، بدلاً من البحثِ عن وظيفةٍ في هذهِ المؤسسةِ أو تلك.
وفي الختامِ، ليس غريباً أن تصبحَ ريادةُ الأعمالِ محطَّ أنظارِ العديدِ منَ القادةِ والحكامِ العربِ، بعد أن أثبتَتْ جدواها في إحداثِ تغييرٍ جذريٍّ لمشاكلِ البطالةِ والفَقرِ، بفضلِ قدرتِها على توفيرِ فُرَصِ العملِ التي تمثلُ بدورِها بيئةً مناسبةً لاستثمارِ الطاقاتِ البشريةِ، وإنشاءِ مشاريعَ جديدةٍ مهمةٍ في المجتمعِ، باعتبارِها المحركَ الرئيسيَّ للتنميةِ والنموِّ الاقتصاديِّ.