خبير سياسي لبناني يتحدّث عن تبعات إغتيال هنية

بقلم الدكتور خليل الخليل– لا شك ان لإغتيال القيادي الفلسطيني و السياسي اسماعيل هنية ابو العبد تأثيراته على مستقبل الصراع العربي و الإسلامي مع الحركة الإستعمارية الصهيونية فهنية لم يكن رجلا عاديا بل قائدا استثنائيا تمكن من اعادة تصويب البوصلة السياسية لحركة حماس بعد ان اضلت طريق تحرير فلسطين، وانخرطت في الصراع الى جانب التنظيمات الإرهابية التي تقاتل الدولة السورية والجيش العربي السوري، وبقي ممسكا بالقرار  الفلسطيني المقاوم الى جانب قيادات الحركة الحمساوية الواعين لمخاطر الإبتعاد عن محور المقاومة للمشروع الصهيوامريكي الرامي لتصفية القضية الفلسطينية والتخلي عن بندقية المقاومة الرامية لتحرير فلسطين كهدف انساني نبيل.

وبعد ان فقدت القضية الفلسطينية الكثير من بريقها والتأييد العالمي لها بسبب التطبيع الذي قامت به دول إعرابية هم حكامها المحافظة على عروشهم ولو على جماجم شعوبها ، فعملية ٧ اكتوبر ( طوفان الأقصى ) التي اسفرت عن مقتل المئات واسر العشرات من المستوطنين والتي يعتبر الشهيد هنية احد رموزها  اعادت للقضية مجدها وتألقها رغم الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات التي تكبدها الشعب الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، فلا شك ان تحرير فلسطين واقامة دولة فلسطينية تتطلب الكثير من التضحيات و بذل الدماء، وهذه التضحيات والدماء البريئة التي اريقت كانت كفيلة بتغيير نظرة الشعوب العالمية للقضية الفلسطينية ونصرتها الى حد ان كثير من الحكومات الغربية الأوروبية اعترفت بالدولة الفلسطينية وبحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره …اغتيال الشهيد اسماعيل هنية في طهران عاصمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم يكن عن عبث ، فكان بإبمكان اسرائيل اغتياله في قطر او تركيا او مصر او اي مكان آخر في العالم ولكن اغتياله في ايرن هو لمحاولة استدراج ايران وفرض حرب عليها لتأتي الدول الغربية من اميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول لتحارب الى جانب اسرائيل وتدافع عنها، وهذا بإعتقادي ضعف وهزيمة للقيادات الإسرائيلية التي تعبت من الحرب وبات عليها الإستعانة اكثر بالحكومات الغربية لتدافع عن الكيان الصهيوني المؤقت المحتل لفلسطين.

اغتيال الشهيد هنية في طهران بأسلحة موجهة بتكنولجيا الكترونية متطورة باعتقادي لم يكن بأصابع صهيونية فقط انما بأصابع راعاة الصهيونية وهنا اريد ان اورد مثالا وتساؤلا: عندما تقرر اسرائيل قصف او اغتيال شخصية ما على الأراضي السورية فان طائراتها لا تدخل الأجواء السورية الا نادرا وانما تقصف الهدف اما من فوق البحر الابيض المتوسط او من الأجواء اللبنانية او اجواء الجولان السوري المحتل.

بينما اذا ارادت قصف او اغتيال هدف في لبنان فإن طائراتها الحربية تحلق في سماء لبنان وتأتي مباشرة لتقصف الهدف وهذا ان دل على شيئ يدل على ان التقنية الإسرائيلية هي بحاجة للمساعدة من التكنولوجيا الغربية سواء اكانت اميريكية ام بريطانية او فرنسية او غيرها من الدول حليفة اسرائيل .هنا يبقى ان التكنولوجيا بحاجة لعمليات استخباراتية تقوم بها عناصر بشرية مساعدة من على الارض المستهدفة ، ربما تكون من ابناء الارض المعادين للنظام كتنظيم مجاهدي خلق ( منافقي خلق ) ، او من قبل مخدوعين بالحضارة الغربية وبشعارات زائفة كالحرية والنأي عن الإيديولجية الدينية .  ومتى توفر للعمليات الإستخباراتية العنصر البشري المساعد توضع معلوماتها التجسسية بتصرف التكنولوجيا المتطورة التي تحدد الهدف اما من خلال هاتف او من خلال صورة او اجهزة تعقب وبالتالي تجمع كافة المعطيات وتلقن لحاسوب صاروخ متطور يسير بكل سهولة نحو الهدف …

ان اغتيال القيادي اسماعيل هنية وفي ايران تحديدا سيكون كما اسلفنا له تداعياته السياسية والعسكرية فهنية كان المفاوض باسم القيادة العسكرية للمقاومة المسلحة في قطاع غزة وفي اماكن مختلفة من مناطق الحكم الذاتي في الضفة الغربية، وهذا سيعيق او ربما يوقف الحل السياسي والتوصل الى اتفاق هدنة ووقف اطلاق النار المتبادل بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية الى مدة زمنية غير معلومة.

وسيؤدي حتما الى المزيد من شلالات الدماء وربما سيقود الأمر الى حرب اقليمية وجودية كبيرة لن تنتهي قبل انتصار يحققه احد الفريقين اما محور المقاومة واما اسرائيل وحماتها من الغربيين ، وهنا استذكر قولا للإمام الخميني الراحل :قتلوا مطهري فبقي في الساحة الله ، وقتلوا رجائي فبقي في الساحة الله ، وقتلوا شمران فبقي في الساحة الله فإن استطاعت اميركا ان تنزع الله من الساحة فستنصر ولكنها لن تستطيع اذا فنحن المنتصرون.

خليل الخليل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *