نحن اشد المخلوقات غموضا وتعقيدا في هذا العالم فالإنسان لغز كبير

بقلم / هبة عبد العزيز- ما أعجب وأغرب هذا المخلوق ولعل الاحداث والتجارب التي تحدث لنا أو تحدث لمن حولنا تؤكد هذا المعنى باستمرار، ولعل الانسان قد استطاع بالفعل تنظيم وادارة معظم ما يخص اموره السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية ايضا بطرق تميل الى القواعد الثابتة في اغلبها ، وربما استطعنا كذلك بالعقل سن القوانين التي تنظم العلاقات بيننا ، ولكننا لم نستطيع حتى الآن ولا أرى اننا سنستطيع فى يوم ما سن قوانين وقواعد للتحكم او السيطرة على مشاعرنا وعواطفنا، فالقلوب لا سلطان عليها في عالم الإحساس.

ولعلي كنت قد توقفت بعض الشيء وروحت اتأمل كل ذلك واكثر ، بعد قراءتي لمذكرات الفنان الفرنسي الكبير رينيه بنجامان) والتي ذكر فيها قصة واقعية.

كانت قد دارت احداثها اثناء الحرب العالمية الثانية في قرية صغيرة في فرنسا، وسأحاول أن أروى لكم ملخص اهم احداثها باختصار شديد ، فقد كان يحكى عن راهب ورجل علم ارستقراطي كان يميل الى العزلة والقراءة والتأمل، وكان يبلغ من العمر ٦٧ عاما ، عاش حياة تقوم على الانضباط، وكان قد وهب حياته كلها للعبادة الدائمة لله وخدمة البشر، وبتسلسل وتطور الاحداث يقع في حب وغرام شهواني لفتاة تبلغ من العمر ١٧ عاما.

وتمضي الاحداث ويتزوج هذا العجوز من تلك الفتاة الريفية البسيطة، الساحرة الجمال، غير المهتمة بالثقافة أو التأمل وما شابه على الاطلاق ضاربا عرض الحائط بكل الاعراف والتقاليد السائدة التي قد تبارك هذا النوع من الحب ، ولكنها تستهجن زواج شخصين من طبقتين وعمرين متفاوتين بهذا الشكل.

ويذكر لنا بنجامان ان الراهب اخذ يقول لكل من يتحدث معه عن غرابة زواجه من كارولين) زوجته الفلاحة الجميلة الصغيرة : لم يعد في رأسي الا اسم “كارولين” وصورتها وجسمها الناصع الرائع … ان هذه المرأة في بيتي بمنزله النهر الصغير في الوادي المجدب …

وتأتي النهاية بموت الراهب العاشق الولهان بعد شهر واحد من زواجه !!!

وقد خرجت من الرواية يشغلني التفكير فيما يمكن ان نسميه بـ ( اللحظات الحرجة من اعمارنا ، وهي اللحظات التي تحاصرنا في وقت من الاوقات و قد تدفعنا دفعا الى الانقلاب على انفسنا ومعتقداتنا ومبادئنا بشكل ابعد ما يكون عن العقل، وربما تأتي لنا عبر تعرضنا لاغراء كبير كما حدث في الرواية ، أو ربما بسبب خوف كبير يطاردنا، ويجرنا الى مغامرة كبيرة لانعلم قد تكون سببا في تدمير حياتنا أو ربما إصلاحها فمن يدرى ..

واعود معكم من حيث بدأت بأن الانسان كان ولازال لغز ، وعلامة استفهام وتعجب كبيرة مليئة بالاسرار التي لم تكتشف بعد ، وتظهر هذه الأسرار والالغاز وتعمل عملها في وقت الازمات التي نمر بها وكان الله في عون هذا الانسان المعرض للمخاطر والمحن والمفاجآت سواء من داخله او خارجه – طوال حياته ، وقريبا أو بعيدا عن احداث تلك الرواية ، فاعتقد ان اكثر ما نحتاجه وخاصة في الأزمات أو ونحن نمر بلحظة من اللحظات الحرجة فى حياتنا تلك الأزمة او اللحظة التي قد تعمى فيها العيون وتشل حينها الارادة ، فيجب ان ننتبه جيدا، ونحاول بذل كل ما نستطيع من جهد كي نستدعى قوتنا الروحية والعقلية ورصيدنا الايماني ، ومبادئنا الاخلاقية، حتى ننجو من اللحظة الحرجة) في حياتنا ونكمل الرحلة بسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *