
الذكاء الاصطناعي بين تعزيز التعليم والتحديات الافتراضية
اعتدنا أن يكون التعليم قالباً واحداً يسير فيه كلّ طالب من خلال مناهج متطابقة، لكن ومع ظهور الذكاء الاصطناعي وانتشاره في كافة المجالات، أضحى هذا الأخير منافساً لا يُستهان به للتعليم التقليدي كونه أكثر عصرية وقدرة على تمكين الطلاب من اكتساب رؤىً أعمق تتناسب مع متطلّبات العصر الحديث.
مما لا شك فيه أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تعمل على تعزيز الشمولية في التعليم من خلال تقديم الدعم للطلاب ما يُعزّز بيئة تعليمية أكثر سهولة. وتتيح قدرة الذكاء الاصطناعي إنشاء تجارب تعليمية مخصّصة تُلبي احتياجات الطلاب وتفضيلاتهم الفردية كما أنها تمكّن المعّلمين من إطلاق تجارب تفاعلية وجذّابة تعزّز مشاركة الطلاب وتُحفّزهم.
ومع التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي ساهمت في ابتكار أدوات مثل الروبوتات والبرامج الأوتوماتيكية، وجدت المؤسسات التعليمية نفسها مضطرة على تحسين جودة التعليم وتوفير بيئات تعلّم أكثرتطوراً. فالذكاء الاصطناعي أصبح قادراً على محاكاة الأنشطة الذهنية البشرية بفعاليّة ودقّة أكبر، مما يعزز من دور التعليم الإلكتروني ويساعد في ابتكار أساليب تعليمية جديدة.
ولأن مزايا الذكاء الاصطناعي تنساق على كافة أقطار الأرض، فمن الطبيعي أنّ تؤثر مزاياه إيجابياً على كافة القطاعات في العالم العربي ومنها التعليم، فهو قادر على تسريع عملية البحث عن المعلومات، وتعزيز مشاركة الطلبة في العملية التعليمية وتخفيف الأعباء الإدارية على المدرسين وتحسين الأداء الإداري للمؤسسات التعليمية، وتيسير عملية التقييم التعليمي وتحسين جودة المواد التعليمية، ودعم البحث العلمي. من هذا المنطلق يعوّل الدكتور الصديق حفتر على أهمية إحداث نهضة نوعية في مجال التعليم في ليبيا، اقتناعا منه “بأنّ الذكاء الاصطناعي سيخلق ثورة في طريقة التدريس والتعّلم، مما يجعل التعليم أكثر كفاءة وفعالية“.
إلا ان التعليم في ليبيا قد يواجه أسوة بباقي دول العالم،تحدّيات الذكاء الاصطناعي وما أكثرها، استسهال الحصول على المعلومة وشلّ القدرات العقلية البشرية، وقد يهدد العلاقات التربوية ويُربك عمليات التقييم. من هنا وقبل إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي في ليبيا لا بدّ وبحسب الدكتور حفتر من“إصلاح أنظمة التعليم وضمان الاستفادة الصحيحة من هذه التقنيات، وتهيئة الأطر التربوية والإدارية للتعامل مع الذكاء الاصطناعي من خلال تدريب المعلمين على استخدام التكنولوجيا الحديثة وتطوير المناهج التعليمية لتركّز على مهارات البحث وتوعية الطلاب بأهمية استخدام التكنولوجيا بشكل رشيد. ولا بدّ أيضاً من الحفاظ على التفاعل الإنساني في العملية التعليمية والتأكيد على دور المعلم كمرشد تربوي لا يمكن الاستغناء عنه“.
بالمحصّلة، يُمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في التعليم عبر تطوير منصات تعليمية ذكية تقدّم دروساً تفاعلية وتوفير مساعدات “افتراضية” للطلاب وتحليل بيانات التعلّم لتحسين المناهج ودعم التعلّم عن بعد لذوي الاحتياجات الخاصة أو للقاطنين في المناطق النائية.



