إبحار بين الأمواج بقلم: حسين أحمد سليم
أكتب اليك كلماتي وخواطري من وحي نجمة الصّبح التي وسمتك بها تيمّما … ومضات حروفيّة في كلمات حانية في سيّالات وجدانيّة , والتي تسري في كل قطرة من دمي المنساب في عروقي … دمي الذي أصرفه إلى تغذية جوع الفكر والثّقافة والوعي الباطني والكتابة , عن تغذية جوع الجسد … فأنا مذّ تعرّفت اليك , أكتبك في نثري وشعري , وأشكّلك في لوحاتي الفنّية , حيث تتجسّد قوّة العاطفة النّبيلة عندي , وبساطة الأحاسيس الشّفيفة لدي , لتزخر بهما كلماتي ونصوصي النّثريّة والشّعريّة إليك , وتزهو ألوان لوحاتي التّجريديّة الفلسفة والسوريالية المنحى بك , رغم كلّ الكيد الذي يمارس سرّا وعلانيّة من أصحاب النّفوس المريضة والعقول القاصرة …
إنّ البهاء والتّألّق والعنفوان , الذي تشرق به كلماتي وخواطري أحيانا , مستمد من بهاء اللون , الذي تشرقين به يا صديقتي وحبيبتي القدريّة … سماتك الآسرة لي , أنطبع بمعالمها , وهي هي في نثائري وخواطري وكتاباتي ولوحاتي الفنّية , لا فرق …
أنا بك , أغدو قلبا رقيقا مترنّما , وطبعا رومانسيّا ورومانطيقيّا , ووجدانا هائما في عوالمك الملهمة … أهتف حبورا بك , وأصرخ حزنا بك , مزاجي كمزاج طفل , وسرعة انفعالي , براءة حبّ وصداقة عشق لك …
أحبّك بصدق واخلاص , وصداقة الحب أصل كل عاطفة عندي , أغضب إذا ما غضبت بدافع الحب , وأكره إذا ما كرهت بدافع الحبّ , وأخطئ إذا ما أخطأت بدافع الحبّ … فالحبّ صداقة رفيعة , لا يستعبد لمنطق ما , ولا تستبد به مقاييس , ولا تلزمه أصول مصطنعة …
أنا كالقيثارة الأسطوريّة … أنفخي بي أنفاسك الحرّى , أبوح صادقا بالحبّ فيها , في كلّ مكان وزمان , على السّفوح وفوق التّلال , في السّهول الخضراء , وبين الرّياض الغنّاء , أمام عيون الفجر , وأشعّة الشّروق , ولدى الغروب الحالم , أغنّيك بعفّة ونعومة , وان كنت نهما وقاسيا في صداقتي وحبّي وعشقي …
ستبقين يا عروس الرّوح , قصّة الحبّ الخالدة في حروفي وكلماتي وخواطري … أترنّم بها ترنيما , وأغنيها غناء رقيقا في كلّ زمان ومكان , وأهتف بها بصخب بعض
الأحيان , إلاّ أنّها تبقى وستبقى صافية تنطلق من صدري , شفيفة تنساب مع الأثير تبحث عنك في كلّ مكان …
جميع الذين يحيطون بي , وكلّ من حولي في القرب والبعد , ما عرفوا مني سوى شكلي الخارجي ولم ولن يعرفوا أكثر … فليس لمثلهم , القدرة على سبر أغواري , أو الغوص في مثل أعماقي , أو الوصول إلى كنه ذاتي … لأنّني بعيد وبعيد أكثر مما يتوقّعون , وعميق عميق أكثر مما يفكّرون , وأسراري دفينة ودفينة كما الدّر ّ المرصود المكنون … ولا يرود دفائني أحد , الاّ من تفتح له أبوابها …
أنا في محوري الثّابت , أتّخذ الاتّجاه الذي أتنسّم منه النّسيم العليل , المنعش لروحي , المحيي لنفسي , فنفسي مكثّفة في إنائها الجسدي الفاني … وروحي أثيريّة شفيفة , تطوف في رحاب الله …. وأمّا عقلي وليد اقتران الرّوح بالنّفس , يعتصر نثراته وشذرات أفكاره , نغمة شجيّة , في عاطفة انسانيّة , ورومانسيّة حالمة فوق مفهوم البشر , أقدّمها وفاء قدريّا واخلاصا زمنيّا اليك …
إن كنت أحيا غالب الأحيان , بالحزن والكآبة والألم والقهر والانكسار في معترك هذه الحياة … فكثيرا ما أبكي بقوّة وأضحك بقوّة وأستهزيء بقوّة في آن واحد … لأنّني أحمل التّنوّع والتّناقض … وأمنح نفسي السّعادة والرّاحة في قلب الحزن والألم والكآبة …
أكتب الكلمات , وأنا حروف الكلمات , أكتب بلغة مبسّطة , عن وجع النّاس , وهموم النّاس , وآمالهم , في قريتي البقاعيّة التي أحب , والتي تركت فيها قبر جدّي النّبيّ محروسا بالتّخاطر الباطني , وأتيت منها إلى بيروت , مكسور الخاطر كئيب النّفس , وما زلت , وكانت هي حزينة بمصابها لفقدي وما زالت تئنّ ألما لبعدي عن أجوائها …
أشعر بالقهر والانكسار والألم واللوعة والحزن والأسى والضّياع , رغم سكني وسكينتي في حيّ الفقراء في ضاحية بيروت الجنوبيّة … التي هناك شبه كبير وكبير جدّا بيني وبينها وأهلها , وهناك شبه أكبر بيني وبين بيروت التّاريخ اليوم … وهناك تخاطر هارموني قديم ومعرفة روحيّة من نوع آخر , بيني وبين من أسميتها قدرا نجمة الصّبح …