أزمة أسمدة عالمية تلوح في الأفق ومجاعة عالمية قادمة.
عام 2023 سيكون هو الأسوأ وسيأتي حاملاً معه “كارثة المجاعة” لا مَحال…!!!
القهوةُ الصباحية والخبز والفطور والشاي والألبان والأجبان والغداء والعشاء أمورٌ جهِزوا أنفسكم لفقدان معظمها …؟!؟!
نعم لقد أخطأوا في الحسابات والتقدير حين صارحونا بالحقيقة ولأول مرة وعلناً بأن ” المجاعة قادمة في الأعوام المقبلة لأن العام 2023 سيحمل لقب عام المجاعة وهلاك الإنسان وذلك بحسب خبراء ألمانيين حين قالوا بأنه أكثر من 100 مليون شخص سيكونوا جياعاً حول العالم…؟!؟!
والدليل أن أكبر مصانِع الأسمدة في أوروبا تعلن الإقفال الرسمي وذلك بِعلم الأمين العام للأمم المتحدة لذلك رأيناه يحذر من مجاعة قادمة…؟!؟!
وإنتقالاً إلى الأسباب فيبدوا أنها كثيرة وأبرزُها:
– إنقطاع الأسمدة، بسبب حرب روسيا مع أوكرانيا وخاصة في روسيا وبلاروسيا الذين يُعدان من أكبر مُصدري الأسمدة في العالم، إذ أنه وخلال الحرب أُوقف تصدير الحبوب من أوكرانيا وروسيا إلى العالم وأيضاً أوقفوا تصدير الأسمدة…؟!؟!
– إن الأسمدة النيتروجينية يعتمد 90 % من انتاجها على الغاز الروسي والأخير توقف عن الإمداد لذلك واجه الأوروبيون الكثير من المصاعب عندما راحوا يبحثون عن الحلول لإنتاج الأسمدة عبر مصانعهم.
– الكارثة الإنسانية هذه المرة تفوق كل الكوارث التي حدثت حول العالم ،والأسمدة مادة أساسية لإنتاج المحاصيل الزراعية ، فكيف إذا أصبحت غير مُتاحة وإنتاجُها غير وارد خلال سنوات عدة .
من هنا لا بد من إلقاء نظرة على دور الأسمدة وأهميتها :
إن الأسمدة الزراعية هي من تُزود المحاصيل بالمغذيات الضرورية من أجل نُمو أفضل مِما يجعلها ضرورية لإمداد العالم في الغذاء المطلوب لحياة الإنسان وبالتالي عند فقدان المطلوب من الأسمدة بالطبع سترتفع أسعارها وسيتأثر النظام الغذائي العالمي في مجمله . وهذا ما سنَشهده اليوم وغداً بسبب الحرب على أوكرانيا وأيضاً ما سيرافقه من إرتفاع في أسعار الطاقة…؟!؟!
وبالتالي فإن إنخفاض المعروض من الأسمدة يؤدي إلى إرتفاع جنوني لأسعار المنتجات الزراعية المطلوبة وستظهر آثار هذا النقص في جميع أنحاء العالم وستكون البلدان النامية هي من بين الأكثر تضرُراً من هذه الآفة القادمة…؟!؟!
وللملاحظة فإن أكثر من نصف ما نأكُله اليوم هو بفضل الأسمدة المعدنية الثلاثة وهي:
النايتروجين، البوتاسيوم والفوسفات…
سنقوم لكم بشرح بسيط عن الأسمدة المعدنية:
يأتينا البوتاسيوم من مناجم عميقة وتتم مُعالجته حتى يصبح من الممكن إستخدامه للنبات…
والفوسفات أيضاً هو سلعة ضرورية جداً وهو يأتي من مناجم سطحية…
أما النايتروجين موجود في كل مكان حولنا وتُشكل نسبته 78 % من الغلاف الجوي للأرض لكن لا يمكن للنباتات أن تستفيد منه رغم حاجتها إليه إلا في الطريقة المُثلى لإستخدام النايتروجين في النباتات ومعالجته مع نيترات الأمونيوم أو غيرُها من المنتجات لتتمكن النباتات من هضمها…؟!؟!
والعالم لم يعرف الأسمدة النيتروجينية إلا في عام 1905 م وذلك عندما تمكن شخصان من إكتشاف ما يُسمى بعملية هابربوش ومن خلال تلك العملية تمكن من دمج النايتروجين مع بعض العناصر لتتمكن التربة من هضمه..
نعم إنها الطريقة التي يَزرع بها العالم وحتى الآن تُعتبر هذه العناصر هي الطريقة الأفضل لإنتاج محاصيل موثوق بها وكل تربة تحتاج إلى أنواع مختلفة من الأسمدة…
على سبيل المثال:
التُربة في البرازيل تُعاني من نقص البوتاسيوم وبالتالي فهي بحاجة إلى إستيراد المزيد منه…
واللافت أن العالم اليوم يعاني من أزمتين:
– الأولى هي أن العالم لن يستورد الحبوب من روسيا وأوكرانيا بسبب الحرب الدائرة بينهُما..
– الثانية ستظهر في عام 2023 م وهي أزمة الأسمدة اللازمة لتخصيب الأراضي الزراعية…
وكيف لا ؟ وروسيا وبلاروسيا هما من يُنتجان كميات كبيرة من تلك الأسمدة العالمية المطلوبة للبلدان ولكن العقوبات الدولية هي التي ستمنع إستيراده وتُسبب أزمة غذائية كبيرة لعدم توفر بديل عن الدُول المُعاقبة وصادراتها في الأسواق العالمية ..
رغم أن بلاروسيا تنتج لوحدها سُدس الإنتاج العالمي من البوتاسيوم وتنتج روسيا أيضاً 23% من نيترات الأمونيوم المتداولة عالمياً وهُناك العديد من الأسمدة الأُخرى التي تُنتج بسبب وجود موارد الغاز الوافرة لديهم…؟!؟!
ولو ذهبنا بإتجاه فرضية قرار إنتاج أوروبا للأسمدة وتوفير البدائل عنها فبالتأكيد هي بحاجة إلى الغاز الروسي، والغاز يُشكل 90% من تكاليف إنتاج الأسمدة النيتروجينية مثل الأمونيا وغيرُها..
وهناك العديد من مصانع الأسمدة في أوروبا قد توقف إنتاجها من مواد الأمونيا وغيرها مما تسبب في تعطيل المزارعين ومُنتجي المواد الغذائية منذ بداية عام 2021 م حتى مُنتصف العام الجاري عندها زادت أسعار الأسمدة ثلاثة إلى أربعة أضعاف وذلك سبب الإرتفاع في تَكاليف الإنتاج…
والدليل أن شركة يارا هي أكبر شركات الأسمدة في العالم ومقرُها في النرويج لقد أعلنت قبل أسابيع عن خفضها إنتاجها من مادة اليوريا والأسمدة النيتروجينية القائمة على الأمونيا بنسبة 50 %…
وأيضاً جاء القرار بعد أقل من 24 ساعة عن إغلاق المصنع سي أف وهو أكبر مصنع بريطاني للأسمدة وكما أعلن إثنان من مُنتجي الأسمدة الرئيسيين الآخرين في بولندا التوقف عن الإنتاج مؤقتاً وأيضا أعلنت الشركة الليتوانية بأنها ستغلق وستتوقف عن الإنتاج في سبتمبر، وفي المجر توقفت شركة نيتروجين موزاييك عن إنتاج الأسمدة كما توقف في فرنسا مصنع بورياليس غراند بويتس. ووفق مجلة كومبارت الألمانية فإن الأسمدة قد تتسبب في المجاعة لأكثر من 100 مليون شخص عام 2023 ويؤكد الإقتصادي الألماني مارتن كايم وجهة نظر المجلة…
أما رئيس بُرنامج الغذاء العالمي دايفيد بيزلي قد أكد أن العام 2023 م سيكون الأسوأ مما سبقه من أعوام سيئة ،كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس من أزمة غذاء عالمية في العام 2023 إن لم يتحقق الإستقرار في سوق الأسمدة لعام 2022 ، أما السبب الذي سيجعل العالم يتحسس الأزمة في عام 2023 فهو لأننا نستهلك الغذاء الذي تم إنتاجه قبل 6 أشهر أو سنة، لذا فإن أزمة الأسمدة التي ستظهر نتائجُها في العام 2023 واليوم تتجه أنظار العالم إلى المغرب الذي يُمثل بالفعل 40 % من واردات أوروبا من الفوسفات ويتوقع أن يزيد الإنتاج بشكل أكبر…
فقد سَجل المغرب خلال الربع الأول من العام الحالي مبيعات بقيمة 24 مليار يورو مع زيادة عن الاعوام السابقة وقدرها 77 % مقارنة بالأعوام الماضية وتَعتبر أوروبا أن شمال إفريقيا والشرق الأوسط تُمثلان البديل المناسب لتفادي جزء من الأزمة العالمية…
وفي الختام . كيف سيكون وقع هذه الأزمة في الغذاء العالمي على شعوب المنطقة والعالم ؟… وهل سيشهد الشرق الأوسط إزدهاراً وإستقراراً من خلال توجه أوروبا إليه لأن البدائل النفطية والأسمدة متوفرة لديه؟ أم سنشهد المزيد من الحرُوب والأزمات نتيجة الصراع العالمي ؟…
خالد زين الدين.
رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية.
عضو إتحاد الصحفيين الدوليين في بروكسل.
عضو نقابة الصحافة البولندية.