الصين ودورها الدوَليّ

لقاءٌ تاريخي جمع رَجُلانِ نادراً ما يجتمعان في غرفةٍ واحدةٍ ، ولعلّه لقاؤهما الأوّل :

هذا هو السيّد مساعد بن محمد العيبان ، وزير الدولة ومستشار الأمن الوطني السعودي ،وهذا هو السيّد علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران . أمّا من جمعهما فهو وانغ يي وزير الخارجيّة الصينيّة السابق ، وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني المسؤول عن الشؤون الخارجيّة والمعروف عنه أنّه مُهندس السياسة الخارجيّة الصينيّة في عهد الرئيس شي جين بينغ . وقّع الرجلان إتفاق مُصالحة تاريخيّة بين السعودية وإيران برعاية صينيّة وأنهيا به سبع سنواتٍ من القطيعة .

هذا ما رأيناه جميعاً، ولكن ما لم يخبركم به أحد ،هو ما يختمر في عقول القادة وراء الكواليس .فهذه ليست قصّة ثلاثة رجال إجتمعوا ووقّعوا إتّفاقيّة معاً ، بل هي أكبر ممّا تتخيّلونه، هي حكاية ثلاث دولٍ إجتمعت في لحظة تاريخيّة وحسّاسة ومُعَبِّرة، وفي الكواليس هناك من يُراقب عن كثب وبدقّة ما يحدث بحذرٍ وترقّبٍ .

-فما الذي تغيّر ؟
ولِمَ إجتمع الخصمان في وقتٍ يشهد العالم تحوّلاً وإقتتالاً وحروباً ؟

ولماذا كان لقاؤهما على بُعدِ آلاف الأميال في الصين ، بينما المسافة بين البلدين أقلّ بكثير؟

السعوديّة وهي ثاني أكبر مُنتِجٍ للنفط في العالم والّتي يتراوح إنتاجها بين 10 إلى 12 مليون برميل نفط يوميًّا ، وثاني أكبر إحتياطي نفطي على وجه الأرض والّذي يتخطّى 26 مليار برميل . وللإنتفاع من هذه الموارد لا بُدّ من تأمين عمليّات إستخراجٍ لهذا النفط ونقله وبيعه. بفعل ذلك تحالفت السعودية مع أمريكا عبر إتّفاقٍ يتضمّن تقديم السعودية النفط الّذي يُحرِّك الإقتصاد الأمريكي، وبالمُقابل تُقدِّم الثانية السلاح والمُساعدات الأمنيّة لردع خصوم السعوديّة .

خدم هذا التحالف مصالح الطرفين لعقودٍ حتّى تغيّرت بعض الأمور ، وإكتشفت أمريكا إحتياطات نفطيّة ضخمة في كاليفورنيا الأمريكيّة وأصبحت أكبر مُنتجٍ للنفط في العالم، ولم يعد الوفاء بإحتياجات الرياض الأمنيّة ضرورة مُلِحّة ،بل بدأت الخلافات وحانت لحظة الحسم، لحظة تضارُب المصالح الأمريكيّة مع الرياض .

وقد ظهر ذلك من خلال الهجوم بالصواريخ والمُسيِّرات من قبل الحوثيين في اليمن على مُنشآت النفط السعوديّة ،وأدّى ذلك إلى تعطيل مؤقَّت لحوالي نصف الإنتاج السعودي، وإنتظرت الرياض ردّة الفعل الأمريكيّة لكنّها لم تأتِ قطّ. وأيقن صاحبو القرار في المملكة حينها بأنّه بات عليهم إعادة النظر في عقيدتهم الأمنيّة، وبأنّ الولايات المُتّحِدة الأمريكيّة لم تعد حليفاً مؤثِّراً وموثوقاً به في الضمانة الأمنيّة .
عندها قرّرت المملكة التوجُّه نحو سياسة الإنفتاح على الآخرين وتنويع تحالُفاتِها العسكريّة.

فبدأت بالتّحالف مع خصوم واشنطن الأبرز حين وقّعت إتفاقيّة تعاون عسكري مع موسكو ، وذلك بعد زيارة “بوتين” إلى الرياض عام 2019. ثمُ إتّفاقيّة الشراكة الإستراتيجيّة الشاملة مع الصين ، وبدأت بعدها بكّين فعليًّا بمُساعدة الرياض على تطوير الصواريخ البالستيّة – التصنيع بدأ في غرب الرياض كما أكّد تقرير لشبكة سي إن أن – وصرّح بالمناسبة وزير الخارجيّة السعودي فيصل بن فرحان خلال لقاءٍ مع شبكة سي إن أن: “بأنّ المملكة العربيّة السعوديّة سوف تشتري أنظمة دفاع صاروخيّة ، أو أيّة أسلحة دفاعيّة في أيّ مكانٍ يُوَفِّر إحتياجاتنا، ولكنّنا نرى بأنّ الولايات المُتّحدة شريكٌ أساسيّ في المُشتريات الدفاعيّة .ولكن بالطبع إذا لم نتمكّن من الحصول على مُعدّاتٍ أمريكيّة فسنبحث في مكان آخر” .

هنا بدأت القواعد تتغيّر منها الأمنيّة والجيوسياسيّة والتحالُفات في المنطقة، وتغيّرت معها المُسلّمات السياسيّة السائدة: فليس على السعوديّة وإيران أن تكونا خصمين .
إيران رغم كلّ شيء تبقى جارة
المملكة ، جارة مُنافِسة ، مُشاكِسة ، لدودة ، مُزاحِمة كما نريد تسميتها، لكنّها موجودة وستظلّ موجودة ، والأهمّ أنّها تُشاركنا الكثير من المصالح وأهمّها إستقرار السوق النفطي. فكلٌّ من إيران والسعوديّة بحاجة لإستقرار أمني لإنتاج النفط وبيعه ،وخاصّةً إيران في ظلّ العقوبات والحصار على مُنتجاتها النفطية .

فالبلدانِ معاً يُسيطِران على أكثر من 35 % بالمئة من إحتياطات مُنظّمة أوبك النفطيّة ،ولكليهما مصلحة في تأمين الإمدادات وإستقرار الأسواق ممّا يعود عليهما بفوائد مادّية كثيرة، وكلاهما بحاجة لتلك العائدات ، إيران لحلّ أزماتها الداخليّة وخاصّة بعد المُظاهرات بسبب تردّي الأوضاع المعيشيّة. والسعوديّة بحاجة لتلك العائدات لتستطيع الإستمرار في مشاريعها الّتي وضعتها وأصبحت قيد الإنشاء .

إيران التي هي صاحبة رابع أكبر إحتياطي نفطي في العالم، رغم أنّ الإنتاج الحالي لا يتناسب مع قدراتها ، وتملك أكثر من 158 مليار برميل ، لا تَعتبر السعوديّة عدوّتها بل خصماً ومُنافِساً على القيادة الإقليميّة. مُنافَسة عزّزتها الثورة الإسلاميّة لكنّها لم تخلقها.

العدوّ الحقيقي كان وما يزال ، كما تُشير التصريحات، هو العدوّ الإسرائيلي ومن ورائه أمريكا. فالعدوّ الإسرائيلي بالأخصّ ، بات يُشكِّل خطراً أكبر من قُدرة إيران على مُواجهته بمفردها ، فهو من يُواصِل بإستهداف أنشطتها ومواقعها في سوريا، ويغتال العلماء الإيرانيين حول العالم وداخل إيران وأينما حلّوا وتنقّلوا ، ويشنّ هجمات عسكريّة على المُنشآت داخل إيران ،تماماً كما حدث في هجوم أصفهان الأخير. والأهمّ من ذلك أنّه لم يعُد كياناً منبوذاً عند بعض الدول العربيّة من خلال ما شاهدناه من مُعاهدات سلام في الآونة الأخيرة. بل ويُقيم علاقات رسميّة ومُصالحات مع عدّة دُول والبعض منها جارٌ لإيران، وكان الهدف من هذه العلاقات الدبلوماسيّة والعسكريّة والأمنيّة والإقتصاديّة هو التصدّي لإيران نفسها .
كلّ ذلك يحدث في وقتٍ يختنق فيه الإقتصاد الإيراني من الحصار والعقوبات الأمريكيّة والغربيّة الخانقة، والّتي تسبّبت بإحتجاجاتٍ داخليّةٍ في إيران بسبب تردّي الأوضاع المعيشيّة والإقتصاديّة.
عندها توجّب على قادة إيران إعادة النظر في سياساتهم ، وأيقنوا بأنّ السعوديّة والدول العربيّة خُصومٌ يُمكِن التصالح معهم ، بعكس الكيان المُحتلّ أو الولايات المُتّحدة الأمريكيّة .

وللتّصالح ميّزاته وحسناته:
قد يُثني مزيداً من الدول العربيّة عن التطبيع مع المُحتل ،وسيُبطئ وتيرة العلاقات بينها وبين الدول المُطبِّعة فعليًّا ،وخاصّة إذا رأت هذه الدول أنّ طهران لم تعد تُشكِّل تهديداً، والأهمّ بأنّه سينفي الرواية الأمريكيّة ويُعزِّز حجج طهران بأنّنا لسنا من يُهدِّد أمن الشرق الأوسط وسلامته بل أمريكا وحلفائها هم من يفعلون ذلك :”

السبب الوحيد أو لِنقُل السبب الرئيسي في نجاح هذا الإتفاق هو تراجُع الولايات المُتّحدة الأمريكيّة، وكلّما ضعفت أمريكا ،كُلّما كانت هناك فرصة للدول لتأسيس وتحسين علاقاتها، ليس فقط في غرب آسيا ولكن في القارة كلها ” ،هذا التصريح نُقِل عن مُحمَّد مرندي أحد أعضاء الوفد الإيراني في بكّين .

ولنذهب بعيداً نحو الراعي الأساسي لهذا الإتفاق ، نحو مصنع العالم كما يُقال ، ألا وهي الصين، المُستورِد الأكبر للنفط في العالم والوجهة الأبرز لكلٍّ من النفط السعودي والإيراني معاً ، حوالي 10 ملايين برميل يوميًّا ، والبلد صاحب المصلحة الأكبر في توفير الإستقرار لإمدادات الطاقة من الشرق الأوسط، ولدى الصين أيضاً حضور واسع وكبير في المنطقة يتعلّق بالتجارة والإقتصاد ،وتعزَّز ذلك الحضور منذ الإعلان عن إنطلاقة مُبادرة الحزام والطريق في العام 2013 .فطهران كما نعلم هي نقطة عبورٍ محوريَّة في مشروع طريق الحرير البريّ الّذي يمرُّ عبر آسيا الوسطى وغرب آسيا وصولاً إلى أوروبا .وأمّا فيما يتعلّق بالموانئ السعوديّة على البحر الأحمر تصبّ أيضاً في طريق الحرير البحري المُمتدّ إلى الموانئ الأوروبيّة على البحر المتوسط .

هذا الحضور الإقتصادي يلزمه دبلوماسيّة قويّة تُثبِت بها بكّين قُدرتها على إنجاز ما إستعصى على واشنطن ،وذلك يتمثّل بعلاقات جيّدة مع السعوديّة وإيران معاّ . وبإنجاز الإتّفاق الإيراني السعودي بات طريق الدبلوماسيّة الصينيّة مُمهّداً في الشرق الأوسط :أوّلاً ، في اليمن أو سوريا أو ليبيا حيث الصراعات لا تزال تنتظر من يعمل على إنهائها ،ثمّ إلى أوكرانيا حيث تتطلّع الصين للعب دور الوسيط بين روسيا وأوروبا ، ولا سيّما بعد وثيقتها للسلام بين روسيا وأوكرانيا الّتي عرضتها على هامش مؤتمر ميونخ للأمن ، وقد لاقت إستحساناً أوروبيًّا ورفضاً أمريكيًّا.

أمام هذه التطوّرات ، ماذا عن الولايات المُتّحدة الأمريكيّة؟

إنُها الدولة الأجنبيّة صاحبة أكبر وجود عسكري في الشرق الأوسط، حيث يتجاوز عدد جنودها 40 ألف جنديّ ينتشرون في القواعد الأمريكيّة في دول الخليج العربي والعراق ،وجودٌ وظّفته أمريكا تاريخيًّا لمُباشرة مصالحها، ودعم حُلفائها، وردع أعدائها، ولكن ليس بعد هذا الاتفاق!!

اليوم لا تفعل واشنطن الكثير لمساعدة حلفائها أو إحتواء أعدائها، وتصف الصين بالمنافس الأكبر دون أن تُقرِّر بعد طريقة التعامل معه .

إذ يُساوِر الولايات المُتّحدة القلق بشأن الحضور الصيني، لكنّها تُرحِّب علناً بالمُصالحة معه. بينما على الجانب الآخر، هناك نتنياهو ، حيث يدور كلّ شيء في المنطقة بأسرها حول إيران، والتي يعتبرها هي الخطر الّذي يُزعزِع أمن الكيان، وأمن جيرانه العرب ،وعلى هذه الدول أن تتعاون لمُواجهة إيران ومنعها من التحوّل إلى قوّة نوويّة . فلا إتفاقيات ولا مُفاوضات، القوّة العسكريّة فقط ما يُمكِّنها من حسم المواجهة مع إيران . ولا عجب في ذلك إذْ نتكلّم عن نتنياهو ، أكبر المُعارضين لإحياء الإتّفاق النووي مع إيران. فهو يسعى بكلّ ما يُتاح له من الوسائل والسُبل لعرقلة أيّة مُصالحة مُحتملة بين طهران والرياض.

لماذا يُعَدُّ هذا الإتّفاق مُهمًّا؟

إنّ ما حصل هو مُصالحة بين قوّتين ضمناً الأكبر في المنطقة، بينهما خصومة كبيرة وتاريخيّة ، وحدث هذا برعاية من الصين الشعبيّة وليس من الولايات المُتّحدة الأمريكية وهو لا شكّ به تحوّلٌ كبير ،ولكنّه لايعني بأنّ السعودية ستتخلّى عن تحالفها مع الولايات المُتّحِدة الأمريكيّة ، هي فقط تؤكِّد أنّ ذلك التحالف لم يعد حصريًّا وأنّ هناك بدائل قائمة. وما يجب الإنتباه إليه أنّ هذه المُصالحة لا تزال في بدايتها ،ولا يزال ينتظرها الكثير من العقبات .
فهل سيصمد قطار المُصالحة السعودي الإيراني ؟
أم أنّ الخلافات الداخليّة والتحفّظ الأمريكي الإسرائيلي والعراقيل ستتغلّب وتُعيد الأمور إلى نقطة الصفر ؟

إنطلاقاً من أهميّة هذا الإتفاق بين السعوديّة وإيران ، لا بُدّ لنا من أن نتعرّف إلى راعي هذه المُصالحة ، والدور الذي يلعبه على أصعدة أُخرى ، وعلاقته بأميركا .

إنّه وانغ يي وزير خارجيّة جمهوريّة الصين الشعبيّة السابق ،
دبلوماسي وسياسي رفيع المستوى ، حيث كان نائباً لوزير الخارجيّة الصينيّة وسفير جمهوريّة الصين في اليابان ومديراً لمكتب شؤون تايوان.
شغل منصب وزيرٍ للخارجيّة منذ آذار من العام 2013، وكما أصبح مستشار الدولة منذ آذار من العام 2018، وهو عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم منذ العام 2022، وقد عمل سابقاً وزيراً للخارجيّة ما بين العام 2012 وحتّى العام 2022 .
وُلِدَ وانغ يي في أكتوبر / تشرين الأول من العام 1953 ميلادي. وبعد تخرُّجه من المدرسة الثانويّة في سبتمبر / أيلول من العام 1969 ، أُرسِل إلى شمال شرق الصين ، ولاحقاً خدم في فيلق إنشاءات الشمال الشرقي في الجيش في مقاطعة “لونه تشاني” مُدّة ثماني سنوات .

في ديسمبر/ كانون الأول من العام 1977 ، عاد وانغ إلى بكين ، وفي العام نفسه التحق في قسم اللّغات الآسيويّة والإفريقيّة في جامعة بكين للدراسات الدوليّة، وقد درس اللغة اليابانيّة في الجامعة ليتخرّج في فبراير/ شباط من العام 1982 بدرجة بكالوريوس ،وهو يتكلّم الإنكليزيّة واليابانيّة بطلاقة .

قام وانغ برحلة تاريخيّة للشرق الأوسط في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2013، حيثُ زار الكيان الإسرائيلي وتناقش مع القادة هناك حول أهميّة الإتّفاقيّة النوويّة مع إيران ، وأهميّة إستمرار مُحادثات السلام فهي الطريق المُناسب والوحيد .وفي التاسع عشر من يوليو/ تموز عام 2021 بدأ وانغ يي زيارةً رسميّة على رأس وفد هام إلى الجزائر ، حيث أكّدت الخارجيّة الجزائريّة أنّ هذه الزيارة تندرج في إطار تعزيز علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين البلدين اللّذيْنِ تربطهما إتّفاقيّة إستراتيجيّة شاملة تمّ إبرامها عام 2014 .

كما شارك وزير الخارجيّة الصيني في مؤتمر التعاون الإسلامي الذي أُقيم في الثاني والعشرين من آذار من العام 2022 والّذي إستضافته باكستان ،وقد أعلن من هناك بأنّه يُشارك الأمل ذاته مع مُنظّمة التعاون الإسلامي فيما يتعلّق بكشمير ،وأعلن بأنّ الصين تقف إلى جانب المُنظّمة فيما يخصّ قضيّة “جامو كشمير”. وفي الثالث والعشرين من مارس / أذار من العام نفسه، أبدت الخارجيّة الهنديّة إعتراضها على تصريحات المسؤول الصيني، وأكّدت بأنّ إقليم “جامو وكشمير” المُتنازَع عليه بين نيودلهي وإسلام آباد، لا يحقّ للصين الحديث عنه ،وهو ما إستدعى إعلان زيارة وانغ يي إلى العاصمة الهنديّة والّتي تُعتبَر الأولى من نوعها لمسؤول صيني رفيع المستوى إلى الهند منذ التوتّرات العسكريّة التي وقعت على حدود البلدين في العام 2020، هذه الزيارة دفعت الكثير من المُراقِبين لينظروا إلى وانغ يي بأنّه يلعب بدهاء في الأمور السياسيّة بين البلدين، فبات يُعرَف في الأوساط السياسيّة “بهنري كسنجر الصيني” نتيجة شدّة دهائه. فهو يزور الكثير من البلدان حول العالم واضعاً في جدول زيارته النقاط الأهمّ : وهي توسيع تجارة بلاده ، وإقامة أسس التعاون السياسيّة والإقتصاديُة وهو ما أدّى إلى ازدهار ونموّ السياسة الخارجيّة الصينيّة.

وقد بدأ اسمه يلمع على الساحة الدوليّة خلال الفترة الأخيرة على خلفيّة مُشاركته لوفد الصين في مؤتمر ميونخ للأمن ،والّذي عُقِد في ألمانيا ، حيث عرض الوثيقة الصينيّة للسلام الدولي والذي جاء فيها: أنّ الصين تؤمن كونها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي بضرورة إحلال السلام في العالم ،وعليه تُقدِّم الصين وثيقتها للسلام على مستوى روسيا وأوكرانيا حيث تتضمّن الوثيقة تجميد تحرّكات الجيش الروسي في أوكرانيا، كما على الدول الأوروبيّة أن تُوقِف دعمها العسكري ومواصلة إستفزازها للروس ، ما سيؤدّي إلى تلاشي فكرة إنطلاق الحرب العالميّة الثالثة ، والتي يُتوقّع أن تكون أوكرانيا المنشأ لها .
وقد نالت الوثيقة إستحساناً أوروبيًّا ،ولم تنل مُوافقة بايدن ، حيث أعرب عن رفضه للوثيقة التي صفّق لها بوتين حسب تعبيره ، لكن ألمانيا وفرنسا دفعتا الرئيس الأوكراني زيلينسكي لطلب زيارة إلى الرئيس الصيني بهدف مُناقشة فحوى الوثيقة والتأكيد على أنّ أوكرانيا تدعمها ، ولكن يبدو أنّ الرفض الأمريكي سيّد الموقف ،لذا لم تتحرّك تلك الوثيقة الصينيّة نحو الأمام قدر أُنمُلة .

لكن الدور الأبرز لوانغ يي والأحدث على الساحتين الدوليّة والإقليميّة هو إعادة العلاقات بين إيران والمملكة العربيّة السعوديّة ، بعد إنقطاعٍ دام قُرابة ثماني سنوات . حيث جمع وانغ يي مسؤولين عن الدولتيْنِ في العاصمة الصينيّة بكين ووقعوا جميعاً إتّفاقيّة السلام والصلح بعد مُشاوراتٍ ومُباحثاتٍ بين الجانبيْنِ برعاية صينيّةٍ إستمرّت لنحو أربعة أيّام، وإنتهى المطاف بتوقيع إتّفاقيّة السلام بين الدولتيْنِ. حتّى بات الكثير من المُحلِّلين يُطالِبون وانغ يي بالتدخّل في أوكرانيا من أجل إنهاء الصراع الدائر هناك وإحلال السلام في المنطقة وتجنيب العالم شر الدخول في حربٍ عالميّةٍ ثالثةٍ .

هل سيصبح وانغ يي رجل السلام في العالم وصاحب المبادرات المستحيلة على أمريكا ؟
وهل سينجح بإحلال السلام في ليبيا والسودان وأوكرانيا ؟
وهل ستتحول الصين لمصنع السياسات ورعاية السلام والمعاهدات؟
أم كل ما رأيناه كان بمباركة وضوء أخضر أمريكي وكان دور الصين الحصري فقط بإلتقاط الصور وإيهام العالم بأنها حققت ما عجزت عنه واشنطن؟

خالد زين الدين
رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية
عضو إتحاد الصحفيين الدوليين في بروكسل
عضو نقابة الصحافة البولندية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *