الدّكتور داهش شخصيّة كونيّة والدّاهشيّة حركة فلسفيّة روحانيّة
الدّكتور داهش شخصيّة كونيّة والدّاهشيّة حركة فلسفيّة روحانيّة
بقلم: حسين أحمد سليم الحاجّ يونس
رئيس تحرير القسم الثّقافي بالجريدة الأوروبّيّة العربيّة الدّوليّة
باحث، مهندس محلّف لدى محكمة بداية بيروت، فنّان تشكيلي دولي، عربي من لبنان
الدّكتور داهش، سليم موسى إلياس العشّي (1909-1984)، هو شخصيّة إنسانيّة كونيّة، تجسّدت سيّالاته الرّوحيّة السّامية العلويّة، بشرًا سويّا في رحاب الكينونة الكوكبيّة الأرضيّة، وفق نظم القانون الطّبيعي للخلق والمخلوقات، واستحقاقات الجزاء العادل الهادف دعوتيّا وإصلاحيّا، بصفات سيّالات تجسّديّة عديدة، كاتب، أديب، شاعر، وفيلسوف روحاني لبناني، حاملاً هويّة الأرز المُقدّس…
هو أديب وفيلسوف لبناني، كتب اكثر من مائة كتاب، مؤسّس العقيدة الدّاهشيّة… في سنّ الحادية والعشرين إتّخذ إسم “داهش”. تميّز بقدرات روحانيّة كثيرة. طورد في لبنان، وفي عام 1944، جـُرِّد من الجنسيّة اللبنانيّة وطرد من لبنان… وفي عام 1953، مع رئيس جديد، أعيدت إليه الجنسيّة اللبنانيّة… وقد بدأ الدّكتور داهش في جمع الأعمال الفنّيّة منذ عام 1930، وعرضها في متحف داهش للفنّ في مدينة نيويورك…
جمعية داهش في نيويورك تصدر مجلّة أدبيّة، صوت داهش، وتقوم بأنشطة ثقافية…
جمع الدّكتور داهش في سيّالات شخصيّته الأرضيّة، المتعدّدة التّقمّصات الرّوحيّة الأثيريّة، قدراته التي وهبه الله إيّاها، وحفّزها تحفيزًا روحانيّا إصلاحيّا هادفًا… مطلقًا الحرّيّة الفكريّة لبصيرته الباطنيّة العرفانيّة العقليّة، مُتفكّرًا ومُتأمّلاً ومتمعّنًا ومتعمّقًا، باحثاً عن أسرار عظمة خلق الكون، المُتجسّدة في عظمة خلق الإنسان، وعن أسرار عظمة خلق الإنسان، المُتجسّدة في أسرار عظمة الكون، التي تتجلّى في جوهر جوهرها، وحقيقة حقيقتها، عظمة الخالق جلّ وعلا…
الشّخصيّات الرّوحانيّة الأثيريّة، المُتقمّصة تجسّدًا وتلبّسًا روحيّا، لكينونة الدّكتور داهش الجسديّة الأرضيّة، جعلت منه ناشطًا ديناميكيّا هادفًا، لتحقيق رسالته التّكليفيّة الأخلاقيّة الإصلاحيّة، متوسّــلاً في مضامينها، كشف النّقاب عن البعد الكونيّ الآخر، بالبوح الجريء لمراميّات الكلمة النّقيّة الشّفيفة الصّافية، ذات المضامين الرّساليّة الحكيمة، وذات سموّ الرّفعة التّأمّليّة التّمعّنيّة المُعمّقة، الرّافضة للإفتراضيّات الخياليّة، والأوهام والهرطقات التّكهّنيّة، النّابذة للمادّة التّرابيّة الزّائلة، المحلّقة في الإمتدادات الكونيّة المُتّسعة، تواصلاً كونيّا لا محدودًا، مع سيّالات العقل المُدبّر، والوجدان العادل، والفكر الحرّ، والفلسفة المنطقيّة، والرّؤى البعيدة المرمى، والعوالم الميتافيزيقيّة، من خلال الإبداع والإبتكار، في غمار الإبحار بعوالم أجناس الفنون الأدبيّة المختلفة، كالشّعر، والقصّة، والأسطورة، والملحمة، والمقالة، والرّواية، والخاطرة…
فيما اكتنزت منظومة إبداعاته الفكريّة الفلسفيّة والأدبيّة والرّوحانيّة، التي تتطلّب التّركيز الإستقرائي المُعمّق، لوعيها وفهمها باطنيّا، في مواجهة واستيعاب قانون الباطن، تطبيقًا عمليّا للنّظام الطّبيعي الكوني، باعتماد منظومة فنون التّواصل الإنساني، لمدى أهمّيّة مصداقيّة الإيمان بوحدة وجوهر الأديان، والإيمان بالسّببيّة الروحيّة والجزاء العادل، والإيمان بأنّ السّيّالات هي نسيج الكون وقِوام كائناته، وفهم البعد الكوني لفلسفة التّقمّص والتّجسّد والحلول… حيثُ ترك لنا الدّكتور داهش، آثاراً وأبعادًا رساليّة إشّكاليّة، تثير الكثير من الأسئلة والإستضاحات الكونيّة، المهمومة والمحمّلة بمطاوي القضايا الكبرى، وتقاطعاتها التّماسّيّـة مع سيّالات الرّوح، والوجود، والعناصر، والتّكوين، لأمبراطوريّة الإنسان الكونيّة، في العوالم الرّاقيّة والعوالم الهابطة، وما بينهما في مكوّنات وحتويات هذه الأرض، التي جعل الله فيها من الماء كلّ شيء حيّ…
والدّكتور داهش هو رحّالة ناشط سياحي عريق وخبير، امتطى صهوات الأثير على متن سفن الفضاء وعبر مجازات الأمكنة، بدءاً من لبنان وطن الأرز المقدّس، مسقط رأسه الذي قسى عليه حكّامه الأوائل، مروراً ببلدان عربيّة وإسلاميّة وأفريقيّة وآسويّة وأوروبّيّة وأميريكيّة، وصولاً إلى رحاب أمريكا، التي أسّس فيها داراً للنّشر، ومكتبة، ومتحفاً، ومجلّة تصدر دوريّا، كان يرأس تحريرها الدّكتور غازي براكس، قبل وفاته…
أعماله وصلت إلى (150) عملاً، طبع منها النّصف تقريبًا، وترجم أغلبها إلى لغات أخرى، كالفرنسيّة والإنكليزيّة والألمانيّة والإسبانيّة، بينما هناك عددًا منها معدّاً للطّبع…
الفكر الدّاهشي، هو خلاصة الخلاصة، وصفوة الصّفوة، لما أنزل على الأنبياء والمرسلين، لأنّه يحترم ويُجلّ كافّة العقائد الدّينيّة السّماويّة، التي أوحى بها الله على أيدي رسله وأنبيائه الأمناء…
وهذا المفهوم الدّاهشي، الذي دعا إلى مصداقيّة الإيمان بالله، ووحدة وجوهر الأديان السّماويّة المُقدّسة، لا يتعارض مع منظومة المفهوم القرآني، بل يتوافق ويتطابق تكافلاً وتكاملاً، مع ما ورد في سورة البقرة الآية 136 (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )
وسورة آل عمران 84 (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (
فالدّاهشية إذن، رسالة فكريّة إصلاحيّة روحانيّة عقائديّة، تهتمّ بلباب وحقائق جوهر الدّين لا بقشوره، فهي تحترم جميع الأديان المنزّلة، وتريد من الذي ينتمي إليها أن يُطبّق الأقوال السّماويّة، والنّظام الكوني عمليّا لا نظريّا…
والدّاهشيّة، تكره السّخافات والعروضات، وتتمسّك بالحقيقة والجوهر. فمن صفت روحه فكرًا وقولاً وفعلاً، كان مؤمنًا داهشيّا، في التّوراة الموسويّة اليهوديّة، والإنجيل العيسوي النّصراني، والقرآن المُحمّدي الإسلامي، تحرّرًا ساميًا من المذاهب الطّوائفيّة، والعقائد الوضعيّة، لنشر جوهر الجوهر لحقيقة الحقيقة الكونيّة، من منطلق قواعد منظومة مكارم الأخلاق الإنسانيّة العظيمة…
ودعوة الدّاهشيّة للإيمان بالسّببيّة الرّوحيّة والجزاء العادل، ينطبق على الآية القرآنيّة التّالية: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )