مع الفنّانة المبدعة ” زرقة البحر ” سعاد ميلي ميلودي من المغرب العربي

مع الفنّانة المبدعة ” زرقة البحر ” سعاد ميلي ميلودي من المغرب العربي

إعداد وحوار وتنسيق د. حسين أحمد سليم الحاجّ يونس
رئيس تحرير القسم الثّقافي للجريدة الأوروبّيّة العربيّة الدّوليّة

باحث مُفكّر، مهندس فنّان تشكيلي دولي، عربي من لبنان، يحمل هويّة الأرز المُقدّس

كثيرا ما يقف القاريء أمام نصّ أو نثيرة أو قصيدة أو أيّة عمل فنّي آخر, لترفل عينه للخلق الذي أبدعته القرائح الشّبابيّة, وللفنّ الذي حاكته الأنامل الصّاعدة, فيكبر هذه الحالات الإبداعيّة التي يتمخّض عنّها الشّباب والصبايا في الوطن العربي الممتدّ, ويحار كيف يعبّر عن مواقفه إتّجاه هذه الومضات واللفتات, سيّما وهو لا يعرف الطّرف الآخر المعرفة المباشرة, بل يتواصل به ومعه من خلال النّصّ الذي هو الرّسالة من المؤلّف المرسل للقاريء المتلقّي
جاءت الشّبكة العالميّة للمعلومات لتختصر المسافات بين العالم, وتقرّب الإمتدادات بين النّاس, وتصهر الجميع في عولمة فكريّة أدبيّة فنّيّة علميّة إعلاميّة, متواصلة الحلقات متشابكة الخطى, فيلتقي من في المشرق من في المغرب, ويتعرّف من قاصي الأرض بمن في دانيها, فيتمّ التّبادل في السّلع ذات الإهتمام المشترك, ويتمّ التّزاوج بين الخلق والإبداع, ليتعرّف الجميع على الجميع من عادات وتقاليد وثقافات وإبداعات, دون أن يتحرّك الفرد ذكرا كان أم أنثى من مكانه, أو من غرفته أو من مكتبه وهو متراخي الجسد أمام وحدة حاسوب متّصلة بالعالم عبر الشّبكة العالميّة للمعلومات ” الأنترنت “…
تعرّفت خلال مدّة وجيزة من استخدامي للشّبكة العالميّة للمعلومات على رعيل واسع محلّيّا وإقليميّا وعالميّا, من كافّة الشّرائح الإجتماعيّة ومجمل الفئات المثقّفة, وعن كمّ هائل من الشّباب والصّبايا من خلال إبداعاتهم الفكريّة والفنّيّة وغيرها, ممّا أثرى ثقافتي ومعلوماتي بسيل هائل من المعلومات, التي باتت بمثابة الملجأ الهامّ لي عندما أخلو لذاتي أستذكر معالمها, مستفيدا من ومضات كامنة في الكثير من خفاياها
نموذجا إنسانيا يعتبر مقياسا للجيل الصّاعد, المتحفّذ للتوثّب عبر كلّ الحدود المصطنعة, ليحقّق طموحاته وآماله وأهدافه بفعل حركات الإبداع التي تحاكيه ويحاكيها, والذي ركب صهوة الشّبكة العالميّة للمعلومات لإيصال صوته الواعد فكرا وفنّا إلى أكبر شريحة إنسانيّة في الشّرق والغرب, متخطّيا كلّ العقبات التي تقف حائلا أمامه, مستخدما أفضل الوسائل للكشف عن شخصيّته الفكريّة والفنّيّة والعلميّة, مستفيدا من تجارب الآخرين إلى أبعد الحدود, متفاعلا مع أفراد جيله وغيرهم في تبادل المعلومات والخبرات, للوصول إلى المستوى الأفضل في المجال الذي ينتهج
سعاد ميلي ميلودي الصّبيّة المغربيّة من سلا المدينة المحاذية للرّباط العاصمة, والتي عركتها الأيّام منذ نعومة أظافرها وظلمتها بفقدانها لأمّها الحنون, لتعيش في كنف مربّيّتها وتترعرع تحت عطف أبيها, وهي تتابع دراستها تحدّث النّفس بتحقيق الآمال التي تراودها, تكبّ على المطالعة والتّجارب الكتابيّة نصوصا نثريّة وشعريّة وحداثة نثائريّة, إضافة لمنمنمات بأناملها وهي تمسّد شعيرات ريشتها, فتتوالد بين يديها مشهديات فنّيّة منوّعة, تتجسّد في لوحات تشكيليّة تحكي سيرتها مع الأيّام, لتأتي صورة مطابقة لشخصيّتها الفنّيّة أدبا وتشكيلا, تنشره عبر وسائط الشّبكة العالميّة للمعلومات المتعدّدة, وتعمل جاهدة على متابعة ما تنشر وملاحقته, لتتعرّف إلى أراء القرّاء والزّوّار والرّوّاد, تناقش هنا وتحاور هناك وتتعرّف على أصدقاء وزملاء من الدّاخل والخارج, في حسن نيّة وطيب طويّة لتزاوج بين فعل إبداعاتها وإبداعات الآخرين, طامحة للوصول إلى أعلى المستويات التي تحاكيها في مجالات توجّهاتها الأدبيّة والفنّيّة
قرأت الكثير لهذه الشّابّة العربيّة المغربيّة دون أن أعرفها من هي إلاّ من خلال كتاباتها ونصوصها النّثريّة ونثائرها الشّعريّة التي انتهجت فيها الحداثة في الكتابة, فأبدعت من حيث انتهجت فعل الكتابة, وأعطت ما يميزها عن غيرها بسعة ثقافتها, وما يجعلها تعتلي المستويات الرّفيعة بما أبدعت وتفتّقت عنه أفكارها في ومضات من الخواطر والقصص والكتابات اللافتة للقاريء الواعي, والتي تترك مؤثّراتها الإنسانيّة في مشاعره, لتدفعه إلى ريادة البعد الآخر تفكّرا بالتّجلّيات التي تناهت إلى فكره من خلال القراءة والإطلاع على ما ينشر في بيئة الشّبكة العالميّة للمعلومات
الجانب الإبداعي المشرق من ناحية أخرى عند سعاد ميلي ميلودي, يتمحور في ريشتها الحانية الشّعيرات والتي تمسّدها بأصابعها الفاترة, لتتناغم مع هارمونيات الألوان وهي تتموسق فوق مساحات القماش, مشكّلة مشهديّات مختلفة من واقع البيئة التي تعيشها سعاد ميلي ميلودي ليس في سلا المدينة المغربيّة بل في الوطن العربي الممتدّ من المحيط إلى الخليج, حيث تعبّر المشهديّة الواحدة عند سعاد ميلي ميلودي عن واقع الإنسان في كلّ أقطار الوطن العربي من حدود الماء إلى حدود الماء
سعاد ميلي ميلودي الفنّاتة العربيّة الشّرقيّة التي تسلّحت بالجرأة والقوّة الفكريّة والفنّيّة, خلقت لنفسها عالما من نوع آخر, لا يجرؤ على دخوله إلاّ كلّ ذي فكر واع, وصاحب رؤى إبداعيّة متّزنة تعكس المستوى اللائق للفنون الأدبيّة والتّشكيلات الفنّيّة, المتوّجة بمكارم الأخلاق الإنسانيّة ماهيّة الشّخصيّة الإنسانيّة المحترمة, وهي بفعل تجربتها النّاجحة تعتبر الفيصل المناسب لكلّ فتاة من بنات جنسها, لتحذو حذوها رافعة راية الخلق والإبداع في مجارة جريئة ومواقف قويّة, تعكس وجوديّة المرأة العربيّة ومدى حضورها الفكري والأدبي والفنّي, محرّضة المجتمع الآخر بتغيير نظرته التّقليديّة للمرأة العربيّة, وخاصّة تلك التي تعيش في القرى والبلدات البعيدة عن المدن, فالشّبكة العالميّة للمعلومات وصلت بفعل إنتشار الهواتف إلى حيث عجزت عن الوصول ثورة العصر التّقليديّة
سعاد ميلي ميلودي العاملة في مكتب للمحاماة في سلا المدينة بالقرب من الرّباط, حيث تلاحق شؤون ومعاملات النّاس بوفاء وحبّ وإخلاص ومسؤوليّة تكليفيّة, لا تتوانى بعد جهدها اليومي وتعبها وإرهاقها, إلاّ أن تساهم في عمليّة الخلق والإبداع, لترفد مجتمعها المحلّي والعربي بجديد أفكارها من خلال ما يخطّ قلمها وتتفتّق عنه أفكارها من خواطر ونثائر ورسومات فنّيّة, توكيدا لشخصيّتها الفذّة والمميّزة من جهة, وتجسيدا لتكليفها الإنساني ببذل قصارى جهدها للمساهمة في رفعة وسموّ المستوى لبنات جنسها في معتركات هذا العصر الذي يمتطي ثورة العولمة في كلّ شيء


الفنّانة المبدعة زرقة البحر – سعاد ميلي ميلودي المحترمة
نرفع لمقامك الرّفيع بعضا من أسئلتنا الحواريّة طامحين تنمية ثقافتنا الفنّيّة ممّا تتكرّمين به وتغدقينه علينا من إيحاءات ثقافتك الأدبيّة والفكريّة والفنّيّة…

شاكرين تجاوبك آملين تعاونك

أجابت: أتمنّى ذلك ولك الشّكر أستاذي سعادة الأديب الفنّان الدّولي د. حسين أحمد سليم الحاجّ يونس، لإتاحة لي الفرصة لكيّ أعبّر فيها عن ما يجول في خاطري لكلّ محبّي فنّي المتواضع...

س: كيف تقدّمين شخصيّتك الفنّيّة والفكريّة والإنسانيّة لمتتبّعينك في الشّبكة العالميّة للمعلومات؟
ومن أنت؟ إسمك الرّسمي الكامل؟ بلدك العربيّ؟ محلّ إقامتك؟ مستواك العلمي؟ مهنتك؟
ج: يصعب على الإنسان أن يصف نفسه ولكنّني أستطيع القول أنّني جزء من عالم بحري، أزرق خيالي و طفولي إلى حدّ ما و أيضا غامض ورومانسي
أحبّ الفنّ بكلّ أشكاله و الأدب بكلّ أوصافه… وبشكل آخر أجد شخصيّتي من خلال عشقي للبحر، فهو الوحيد القادر على إخماد نيران الحبّ داخلي وتساؤلاتي التي لا حصر لها وتأمّلاتي الوجدانيّة التي لا نهاية لها...
وتفسير حبّي للبحر بهذا العمق إنّما كونه يكملني في كلّ شيء في هدوئه و هيجانه… غضبه وعذوبته وحتّى في عطائه...
ذلك أنّني أتمنّى أن أقدّم الأحسن و الأحسن للقارئ الكريم . و دائما أتمنّى ان أحبّ النّاس جميعهم كما أحبّ نفسي...
لأن لا قيمة لفنّ أيّ فنّان بدون جمهور رائع … وحبّهم له هو الذي يشجّعه في الإبداع أكثر...
و سرّ حبّي للبحر تجد جوابه عند والدي رعاه الله ، لقد كان يحملني وأنا طفلة في سنّ صغيرة إلى بحر سلا / الرباط المطلّ على وادي ابي رقراق ويوجد هذا الأخير ببلدي المغرب...
أنا من مواليد 3 من مارس ولدت في مدينة سلا المدينة… واسمي سعاد ميلي ميلودي… ولقبي زرقة البحر...
مستوايا الدّراسي البكالوريا آداب عصري… وحاصلة على شهادة في الإعلاميّات وكذلك في الإسعافات الأوّليّة وعملت دورة تدريبيّة كممرّضة في مستشفى كبير وأخذت شهادات التّنويه لمشاركاتي الهادفة معهم وكذا اشتغلت فترة مربيّة في مدرسة خاصّة … والآن أشتغل حاليًا كسكرتيرة محامي متمرّسة
و الحمد لله على كلّ حال...

س: الفنّان يعتبر في المفاهيم الأخرى مستنيرًا, ويصنّف فوق مستوى الأفراد العادييّن, وبعض الحضارات تعتبره رسول الجمال, كيف تعرّفين لنا الفنّان التّشكيلي؟

ج: الفنّان التّشكيلي هو جسر لعالم فطري و خيالي رائع من جهة وعالم واقعي له مقاييس جماليّة من جهة أخرى…
و من دونه لا نستطيع أن نعبر إلى كلا العالمين...

س: الرّؤى قناعات خاصّة عند الأفراد, وكذلك الإختصاصات, ما هي الحوافز التي قادتك لإمتهان الفنّ التّشكيلي وسلوك مساراته؟

ج: شكّــل الفنّ التّشكيلي بالنّسبة لي منبعا لإبراز ذاتي الطّفوليّة، المحبّة للشّخبطة، فمنذ صغري لازمني حبّي للشّعر وللفنّ التّشكيلي معا… كلاهما كتوأم روحي لا يفترقان أبدا...
يعيشان في داخل مشاعري الرّومانسيّة المحبّة للبحر وللطّبيعة وكلّ ألوان الحياة.
تكويني في الفنّ التّشكيلي نابع من الفطرة المحبّة للألوان و الشّخبطة و هو حبّ ذاتي نشأ معي منذ الصّغر وصقلته بنفسي فقط...
وطبعا مع استماعي لنصائح و توجيهات أساتذة لهم دراية كبيرة في هذا المجال مثل الأستاذ حفيظ لعيشي و الأستاذ لحميدي و هما من المغرب… إذ أحبّ أن أعرف وجهة نظرهما… وبالتّالي آخذ من آرائهما ما أستطيع أن أكيّفه على حسب أهوائي وميولاتي الفنّيّة...
فقبل كلّ شيء قناعاتي الشّخصيّة تبرز في اللوحة أكثريّة… حيت يكون إبداعي فيها جليًا بدون ما حاجتي إلى تقليد الآخرين...

س: دائما المبدع ينظر لإبداعاته من منظور خاصّ ومميّز يختلف عن مناظير ورؤى الآخرين, كفنّانة تشكيليّة كيف تنظرين لإبداعاتك التّشكيليّة وأين أنت حاليًا؟

ج: أنظر للوحاتي كمولود صغير نما وترعرع وأصبح في طور المراهقة لذا عليّ أن اهتمّ به أكثر...
أعدّ في بلدي فنّانة تّشكيليّة واعدة لي عدّة مشاركات في معارض جماعيّة في أروقة معروفة ومهمّة كما قمت مؤخّرا بعمل معرض فردي خاصّ بي جعلني أقرّر في الشّكل الذي سأتبعه في خطواتي المقبلة إن شاء الله...
لذا أتمنّى أن يستمرّ عطائي لعيون جمهور الرّوائع… فأنا مازلت شابّة والحياة أمامي لأكتشف الكثير والكثير إن شاء الله...

س: مدارس الفنّ التّشكيلي كثيرة ومتعدّدة نتاج الحقب الماضية, نتلقّاها عبر التّواصل الحضاري الفنّي من خلال الإحتكاكات مع الشّعوب والدّراسات, هل باعتقادك يجب علينا التّحرّر من هذه المدارس مجاراة عصريّة مستحدثة؟

ج: ليس بالضّرورة أن نتحرّر منها لأنّنا أصلا لدينا معتقداتنا الخاصّة بحيث يكفينا التّعرّف عليها شرط أن لا يكون هذا سببا في تأثّرنا المباشر بها… فخطاب الحوارات يوجد أيضا في اللوحات التّشكيليّة باختلاف أشكالها ومضامينها...
فلا ضير إذن أن نتخاطب لكن الأهمّ أن نعرّف العالم أنّنا كعرب لدينا ما نقوله أيضا في لوحاتنا المبدعة...

س: مع كثرة المدارس التّقليديّة فنّا تشكيليّا وفكريّا وأدبيّا… أين تقف المدرسة الفنّيّة الإسلاميّة؟ ولماذا المعنيّون بالأمر لا يعيرون المسألة الإهتمامات اللازمة؟

ج: بالنّسبة لي أعتبر المدرسة الإسلاميّة الفنّيّة في طور الصّحوة حاليا… لعدّة اعتبارات
و الدّخول في نقاش حولها لن يكفينا ولو استمرّيّنا في الحديث النّهار بطوله...
لذا أكتفي بترديد عبارة السّيّد الشّعرواي لأحدهم ناصحًا له بتطوير فنّه الإسلامي:

“أسأل الله أن يوجّه قولك وفعلك إلى الجمال الذي لا يورث قبحاً، وأن يجزيك عمّا وضعت من أصول في هذا المجال خير الجزاء بقدر ما لفتّ بفنك قدرة ربك.”

س: الفنّ فضاءات واسعة مفتوحة على الإمتدادات المتّسعة… كيف نوافق ونطابق بين الإتّجاهات الفنّيّة في الرّسم والألتزامات الدّينيّة, من زاوية التّحليل والتّحريم لتجسيد ذات الرّوح أو تجسيم المنحوتات والأنصاب والتّماثيل؟

ج: بصراحة أحاول أن اتفادى رسم أشكال إنسانيّة تجسيديّا وغيرها رغم أنّني أهتمّ بها و بطرقها الإبداعيّة وقد تجد في لوحاتي مجرّد اطياف تتراقص هنا او هناك دونما قصد مع عدم الانكار انّني كنت أحبّ قبلا أن ارسم مثلا فتاة على البحر لكن بظلّ اسود لا ابرز ملامحها ولكن هيكلها فقط… أو شاب على جانب شجرة وغير ذلك...
بالنّسبة لخوفي من التّجسيد لذات حيّاة او مثل هذا القبيلو تهرّبي من أن يكون هو شكل رسماتي الأساسي. ..
راجع لأنّ هذا النّوع من الرّسم حوله لغط كبير وأخاف أن أغضب الله صراحة…رغم أنّ نيّتي سليمة وهي إظهار فقط عظمة الخالق في تصوير طبيعته الحيّة ومخلوقاته وغير ذلك… كما أعتبر أنّ الفنّان الحسّاس يحبّ أن يشعر أنّ فنّه جسر لعالم آمن ورائع لذا يفضّل عدم الدّخول في متاهات قد تخرجه عن عالمه لتجعله يدخل في متاهات دينيّة قد تصل إلى التّحريم ...

س: الفنّ التّشكيلي وجه من أوجه التّقدّم الحضاري في هذا العصر… هل تعتقدين أنّ النّظرة واحدة للفنّ التّشكيلي في كلّ المجتمعات مثلا؟

ج: لا لا أعتقد ذلك هناك اختلاف في الرّؤى عند المجتمعات باختلاف اجناسها ودياناتها ...
لكن لا ننكر أنّ الكلّ يجتمع على نقطة واحدة وهي أهمّيّة الفنّ التّشكيلي الكبيرة و البارزة...
خاصة في هذه الفترة التي تشهد ازدهارا كبيرا له...

س: ما هي إشكاليّات الفنّ التّشكيلي بين الذّكر والأنثى في مجتمعاتنا الدّينيّة؟ وهل هناك من عوائق وتداعيّات تحيق بالأنثى أكثر من الذّكر؟

ج: في بلدي المغرب لا توجد مثلا هذه المعوقات نهائيّا خاصّة في عهد اعطيت صلاحيّات كثيرة للمراة للدّخول في ميادين كانت حكرا على الرّجال فقط...
بل بالعكس الآن تجد الذّكور يقدّمون الدّعم للأنثى ويشجّعونها لإبراز ذاتها الإبداعيّة… حتّى ترجع الى طبيعتها الأنثويّة التي فقدتها بسبب العمل الشّاق...
و الفنّ كفيل بهذا لأنّه فنّ الأحاسيس و المشاعر … وخير دليل على كلامي خاصّة بالنّسبة للفنّ التّشكيلي...
نجد انّ امرأة هي من خلقت ثورة في وسط الفنّانين الرّجال في بلدي المغرب… وساعدت في تعريف الفنّ التّشكيلي للطّبقة المتوسّطة والفقيرة بعد أن كان حكرا على المستويات الرّاقية فقط… وهذا لأنّها ولدت من طبقة شعبيّة وهذا كان حافزا لها وليس العكس كما انّه قادها لاستخدام أساليب شعبيّة بسيطة وطبيعيّة في مادّة رسمها استمدّتها من طبيعة حياتها ممّا جعل رسوماتها طبيعيّة جدّا وفطريّة جدّا وهذا ما ساعدها على اشهار الفنّ التّشكيلي المغربي للغرب أيضا...
والمقصودة في كلامي هذا هي الفنّانة الفطريّة الشّعيبيّة المقتدرة رحمها الله… و لا ننسى أنّ من ساعدها للظّهور للعالم هو ابنها وهذا لكيّ تبرز موهبتها التي وهبها الله لها ولمسها هو فيها...
و المذهل أنّها أمّيّة لكن لم تشكّل هاته النّقطة لها عائقا بل اعطتها دفعة قويّة لاثبات وجودها كامرأة وفناّنة في نفس الوقت...

س: المرأة نصف المجتمع وهي مدرسة خاصّة للنّشء… هل تعتقدين أنّ فنّ الجماليّات التّشكيليّة يساعد في مهمّة وتكليف المرأة في تربية أولادها وتنشئتهم التّنشئة الفنّيّة القويمة؟

ج: الفنّانة التّشكيليّة الأمّ تستطيع تربية جيل مهذّب فنّيّا وراقي في اختيارته الحياتيّة الخ… ذلك أنّها ترسم في منزلها بكلّ حبّ وسكينة وروحانيّة… ويكون لديها فرصة كبيرة لخلق مستوى جمالي في منزلها، حيث تجده جميلا ذا لمسة أنثويّة رائعة و مشكّلا من حيث الدّيكور و الرّسومات وغير ذلك ...
هنا يجد الأطفال جوّا فنّيّا مريحا يخلق لهم فرصة لإبراز مواهبهم وبالتّالي تكون امّهم كفنّانة ساعدتهم في ذلك لأنّها خلقت لهم هاته الظّروف بطبيعتها الإنسانيّة العذبة...


س: كثير من الأزواج يقفون موقفا سلبيّا من ممارسة زوجاتهم للرّسم… ماذا تقولين لهؤلاء الأزواج وكيف يمكن إقناعهم بالفعل التّربوي الفنّي؟

ج: أقول لهم : إمنحوا فرصة لزوجاتكم للرّسم لأنّ ذلك من شأنه أن يخلق لهنّ جوّا شاعريّا داخل منازلهنّ ممّا سيؤثّر إيجابا على علاقتهنّ معكم...

س: نعيش فعل ثورة المعلومات من خلال الشّبكة العالميّة للمعلومات الأنترنت… ماذا قدّمت هذه الشّبكة للفنون التّشكيليّة محلّيّا وعالميّا؟ وكيف تنظرين لهذه الشّبكة كونك تديرين موقعا للفنون التّشكيليّة؟

ج: فعلا الأنترنيت جعل العالم بأسره بين أيدينا بثقافاته المختلفة، وفنونه التي منحها لنا في طبق من ذهب، ممّا ساهم في تزكية حوار الحضارات وخلق فرص للفنّانين للتّعريف بانفسهم للعالم بطرق سهلة و حديثة...
وطبعا استفاد الفنّانين التّشكيليّين كغيرهم… من هذا الكمّ الهائل من الخدمات المعلوماتيّة لتطوير اعمالهم ونسخ رسوماتهم لاظهارها في مواقع ومنتديات تهتم بالتّشكيل وتجتمع كأسرة واحدة مع فنّانين آخرين يتشاركون في نفس المجال وقد يتجاوز ذلك للتّعرّف على فنون اخرى داخلهم تبرز مع الإحتكاك الفنّي بينهم

س: أمام التّطوّر المتسارع في الثّقافات والفنون والحضارات … هل تراودك فكرة ابتكار مدرسة فنّيّة تتماشى مع الرّؤى العصريّة ذات رؤى وطابع شرعي اسلامي مثلا؟

ج: فعلا تراودني مثل هذه الأفكار سيّما أنّني فطريّة التّكوين...
لكنّني أتريث حاليا لحين أجد نفسي بقوّة في شكل فنّي معيّن وجدته يتطلّب منّي مجهود كبير في البحث حتّى أرتقي به للأفضل

س: غالبا ما يوجد حالة تواصليّة بين المبدع وإبداعاته… هل تشعرين بهذا النّوع من المحاكاة والتّواصل وما هي أوجه الفعل التّواصلي بينك وبين لوحاتك الفنّيّة؟

ج: تستطيع أن تقول أنّ لوحاتي هي جزء لا يتجزّأ منّي، وأنّ ايّ واحدة تكمّل الآخرى بطريقة متسلسلة و وجدانيّة بحتة في داخل ذاتي التّشكيليّة...

س: يقولون أنّ الألوان لها موسيقى ومميّزات وردّات فعل ما… ما رأيك هل للألوان موسيقى وكيف يسمعها الفنّان التّشكيلي؟

ج: أتّفق معك في هذه النّقطة فمثلا عندما يكون الواحد منّا باله مشوّش وغير مرتاح نفسيّا قد تجده يتّجه الى اشياء معيّنة تخفّف عنه مثلا… الاستماع الى القرآن أو موسيقى هادئة تريحه الخ
وطبعا الغريب أنّه لو دخل لغرفة طلائها باللون الوردي على سبيل الذّكر أو بها رسومات ذات ألوان هادئة متل الأزرق بلون السّماء… أو الأخضر بلون الطّبيعة… أو الوردي بلون الورد الخ… هذا كفيل بحدّ ذاته من ادخال السّرور الى نفسيّته المرهقة واستشعاره موسيقى داخليّة تنبع أشعّتها الرّوحانيّة من مصدر اللون سواء لوحة او الوان من الطّبيعة الحيّة… أو منظر بحري متلأليء… لتتسلّل الى ثنايا روحه الهائمة و تريحها وتزرع السّكينة فيها. وطبعا اكثر النّاس اكتشافا لهذا الإحساس الموسيقي هم الفنّانين التّشكيليّين بحكم اعتمادهم على اللون بشكل اساسي في فنّهم الرّاقي...

س: دائما ما يطمح المرء لإيجاد شخصيّته… هل وجدت شخصيّتك من خلال الفنّ التّشكيلي؟

ج: في الحقيقة وجدت نفسي في شكل معيّن يريحني في الفنّ التّشكيلي وهو الشّكل الفطري و التّجريدي … لكن رغم ذلك أعتبر نفسي ما زلت في طور البحث خاصّة أنّني شابّة وما زالت الحياة أمامي… لتعلّمني كلّ يوم شيئا جديدا… وأكتشف أنّني أحتاج لمعلومات أكثر وأكثر… فالإبداع لا ينتهي حتّى تخرج الرّوح الفنّيّة الهائمة من أجسدانا المتعبة من الواقع الصّعب...

س: ما هي رؤيتك الفلسفيّة للفنون التّشكيليّة ؟

ج: في رأيي الخاصّ لو خيّروني بين الفنّ التّشكيلي و الغناء مثلا، سأختار الأوّل وهذا لأنّ لغته الصّامتة أصدق في التّعبير…
وقد تصل رموزه إلى روحك بشفافيّة أكثر وتطبع في ذهنك بصورة أكبر من لو استمعت لأغنية قد تطربك ربّما
(
شرط أن يكون الكلام والصّوت واللحن على مستوى ليس ما
نسمعه في فترتنا هذه لأنّني أعتبره غناء استعراضي فقط )
لكن لن تستطيع أن تخترق الحدّ الوجداني الأقصى الذي تصل إليه بالمقابل اللوحة التّشكيلية ...
فمع هذه الأخيرة قد تدخل ذبذبات روحانيّة…
وتأمّلات ميتافيزيقيّة فنّيّة إلى الذّات الإنسانيّة فتكون لها بلسما شافيا ومرهما ناجعا لصاحبها المتأمل..

كلمتك الختاميّة؟

شكرا إليك أستاذي لإتاحة الفرصة لي للتّعبير عن حبّي لكم
وعن الإستماع لمكنونات صدري الوجدانيّة التّشكيليّة المتواضعة...

و أقول كختام:

سأكون بحرا معطاءا… فكونوا لي آذانا صاغية … فالإبداع منكم و إليكم...
يا جمهور الرّوائع الحانية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *