من ديوان نبض قلبي بين الأوراق
خليل أبو رزق .
من ديوان نبض قلبي بين الأوراق
خليل أبو رزق
كانتْ له يومًا مَا شيئًا جَميلاً
كانت يومًا ما تعنِي لهُ شيئًا جميلا
وكان الحبُّ بينهُما نبراساً وقنديلَا
وكان الوعدُ والعهْدُ كَفِيلًا
أنْ يعيشَا حياةً سعِيدَةً ليسَ لهَا بَدِيلَا
إلى أَنْ قالتْ لهُ يومًا في لَحْظَةِ غَضَب حبُّنَا كانَ دربًا من الخَيالِ ومُسْتَحِيلا
نزلَ كلامُهَا كالصَّاعِقةِ عليهِ فَأَرْدَته مريضَا وعليلا
حتى أوْشَكَ أن يكونَ قتِيلَا
كانتْ تلُومُهُ فِي كلِّ تَصَرُّفَاتِه وتَطْلُبُ السَّبَبَ والتَّعلِيلَا
تريدُ اهتمامًا في كلِّ لحظةِِ ليسَ لهُ مثِيلَا
وأنْ لا يكُونَ معَهَا أنانِيًّا ولئيمَا
تُريده دائمًا أن يُسمِعُهَا كلامًا في الحُبِّ جمِيلَا
هلْ فِعلاً هكَذا يكونُ الحبُّ حِمْلاً ثَقِيلًا ؟
وهلْ كانَ هَذَا الحُبُّ ضُعْفًا وجنونَا ؟
جاءت لحْظةُ الحقيقَةِ وكانَتْ أَمْرًا جَليَّا
فَقَدتْ مَنْ كانَ لهَا الأبَ والأخَ والحَبيبَ الحَنُونَا
كَمْ تجَاوَزَ عنْ أخْطَائِهَا واعْتَبَرَهَا في كُلِّ مرَّةٍ نِسْيًا منْسِيَّا!
كانَ يُحِبُّهَا بصدْقٍ وكانَ يَحْلُمُ بلِقائِهَا ولَم يكنْ هذا الأمرُ عليْهَا مَخْفيَّا
كشفَتْ له عن حقِيقَة مشَاعِرِهَا وقالَتْ لهُ ما لمْ تَسْتَطِعْ قولَهُ منذُ شُهُورٍ وسنينَا
لِلعهْدِ والميثاقِ هِيَ منْ خَانتْ وخذَلَتْهُ الخُذْلَانَ اللّعينا
يا مَنْ اعتَبَرْتِ حُبَّكُمَا وَهْمًا وسَرابًا هزِيلَا !
لنْ يَعُودَ إليكِ يومًا مكْسورًا مَهْزُومًا مَقْهُورًا وضَعِيفَا
ولنْ يبقَ رَهينَةَ مِزَاجِكِ وتغَيُّرِ شُعُورِك يومِيَّا
يَستَحْلِفُكِ باللهِ أن ترْحَلي وتجْعَلي الذِّكرياتِ الجميلة طريقًا وسبيلا
لعلَّ اللهَ يَكْتُبُ أمرًا في عِلمِ الغَيبِ كان مَقْضِيَّا .
رِياحُ الحَنِين :
رِيَاحُ الحَنِينِ هَبَّتْ على قلبِي المُتَيَّم والحَزِين
كَمْ أتَمنَّى أن يَنتَهِيَ الألَمُ وَأفُوزَ بِقلْبِكِ الغَالِي الثَّمِين
لا زِلْتُ أَتَنَفَّسُ الوقتَ وأَعُدُّ الأيَّامَ والشُّهُورَ والسِّنِين
كلَّما هَبَّتْ رِيَاحُ الحَنِينِ دَعَوْتُ ربِّي أنْ يُعِين
حتَّى هَتَفَ قَلْبِي بِحُبِّكِ وأعَادَ لِي نبْضَ الوَتِين
وتنَاغَمَت أزِقَّةُ الشَّوارِعِ بالألَمِ والأَنِين
وَبِيَوْمٍ بَلَّلَهُ المَطَرُ فذَهَبَ الحَزَنُ بِدُعَاءٍ لِربِّ العَالمِين
أنْ نَلْتقِي يوْمًا وأُعَبِّرَ لكِ عنْ حُبِّي الدَّفِين
مُشْتَاقٌ وبِي لَوْعَةٌ سَببُهَا رِيَاحُ الحَنِين
أنْتَظِرُكِ وأَتمَنَّى للْعَهْدِ وَالوَعْدِ أنْ تُجَدِّدِين
وَتأْتِينَ مَعَ كُلِّ هَبَّةٍ مِنْ هَبَّاتِ النَّسِيم
لِتُشْفِي قَلْبِي العَلِيلَ السَّقِيم .
كمْ أشتاقُ ؟!
كمْ أشتاقُ لحُضنٍ يَحتَويني !
فلا تُهدِّديني يا نورَ عَيني بالفُراق
هيّا جميلتي عانِقيني
أنا إنْ مُتُّ يُحْييني العِناق
وأنا في البُعْد عنكِ فقدتُ احْتِمالي
وزادَ العِشقُ لديَّ ولمْ يَعُدْ يُطاق
يا مَنْ سكنتِ قلبي وفؤادي
مَنْ لغيرِكِ أحِنُّ وأشتاق ؟!
رأيتُكِ في أحلامي وسكنَتْ أجفاني
متى يجمعُنا العهدُ والميثاق ؟
أنتِ أمسِيَّتي وفجري
لا تشُدِّي عليَّ الخِناق
دقاتُ قلبِك أشعرُ بها في وتيني
تصِلُ مُقلتي والأعماق
متى يأتي اللقاء أخبريني
فمِثلُكِ للْجَوى تِرْياق
إن أردتِ العشق لا تتمهَّلي
تعالي نُباهي بهِ العشاق
أنتِ أميرتي وملكتي
وأنتِ أعزُّ الأحباب والرفاق
حبيبةُ قلبي عودي
فلمْ يعدْ لحياتي طعمٌ ولا مذاق .
ضاعَ الحبُّ يا ولدي :
أحبَّها وعشِقَها بحَقّْ
قلبُهُ لها خَفَقَ و دَقّْ
كانت تُحَدِّثُهُ بحديثٍ ناعمٍ ولَبِقْ
حتى غَرِقْ في حبِّها وَعََلِقْ
و لِرُوحِهَا أحَبَّ وَعَشِقْ
و لمشاعرُها صِدَّقٌ وبها وَثِقْ
إن غابت عنه يومًا شَعَرَ بضيقٍ وقَلَقْ
وإنْ مَرِضَتْ خاف عليها وَصُعِقْ
قالت لهُ يومًا أنتَ مَنْ سأُباهي بكَ العُشّاقْ
وأنَّ حبَّكَ سَكَن الفؤادَ
وأنتَ ليَ الدواءَ والتِرْياقْ
وأَنتظرُ لحظةً بلحظةٍ اللِّقاءَ والعِناقْ
وفجأةً حصل الفِراقْ
مِنْ شخصٍ لئيمً أفسدَ علاقةَ حبٍّ ووِفاقْ
تُرى ! هلْ كان حبُّها كذبٌ ونِفاقْ ؟
لماذا تركتَهُ دون لوعةٍ أو حتى اشْتِياقْ ؟
حمداً للهِ أنَّهُ أخيرًا اسْتَفاقْ
منْ حُلْمٍ ليس لهُ طعمٌ ولا مذاقْ
غابتْ عنهُ كلُّ مشاعرِ الحنينِ والشَّوقْ
ضاع الحبُّ الزائفُ يا ولدي
إيّاكَ أن تُذلَّ أو تَنساقْ
وتَشْعُرَ بالحنانِ والإِشفاقْ
لمنْ خانتِ الوعدَ والعهدَ والميثاقْ
أَغْلٍق قلبَك وأَحْكِم عليه الإغلاقْ
حتى لا تُصابَ بالتّعَبِ والإرهاقْ
في الحبِّ كُنْ شامخًا وعملاقاً
إياك أنْ تكونَ ضعيفًا و مُخفِقًا
سَهِّلْ لها السيرَ والمَساقْ
وانتظرْ نورًا آخرَ يأتي منَ الآفاقْ
لك ربٌّ كريمٌ اسْمهُ الرزّاقْ .
حُبِّي لكَ قَضَاءٌ وقدر
أقِرُّ وأعتَرِفْ أنَّ عِشْقكَ لِقَلبِي قد مَلَك
يبوحُ بأنينِ الشَّوْقِ ويسألُ أيْنَ أقمَارُ الفلَك ؟
كان شغَفِي وحُبِّي لكَ ينَادِي هَمسَكَ في قَلَق
مرَّت ليالٍ ولم أر فيها إلاَّ الأَرَق
كنتُ أتذَكَّرُ صَدَى صَوتِكَ وأُحِسُّ بِدِفْءٍ وحنينٍ رغْمَ الصَّقِيعِ وزَخَّاتِ المَطر.
يا مَنْ خَطَفْتَ قلبي وَكُنْتَ لي أَرَقّ البَشَر
لم يَعُدْ في حياتي بعد الآن قَهْرٌ وَلا ضَجَر
يا مَنْ أشتاقُ إليكَ كما يَشتاقُ الطَّيْرُ لغصنِ الشَّجر
وَأَحِنُّ إليكَ كما يَحِنُّ اللَّيلُ لضَوء القمَر
أُحببتكَ كما يُحِبُّ العاشقُ طُولَ السَّهر
أنْتَ رَجَائي ودعائي وأملي المنْتَظَر
أَصبَحَ حُبُّكَ يعيشُ في قلبي وليسَ مِنْهُ مَفَر
وَهُوَ بالنِّسبة لي أَرَقُّ وأجملُ مُسْتَقَرّ
تُرَى ! هل هذا هو حبُّ القضاءِ والقدَر ؟
أُؤْمِنُ بما كتَبَه لي ولكَ ربُّ البشر
يا لكَ مِنْ فارسٍ أَلِق
أرى قلبي فيكَ قد تعلَّق
أدعو اللهَ أن لا يأتِي يومٌ ونفْتَرِق .
مَا هُوَ الحُب ؟
هَلِ الحُبُّ مُجرَّدُ كلمةٍ يَنْطِقُها اللسَان
أَمْ إحساسٌ مُرهَفٌ في الوِجدَان ؟!
وهلِ الحبُّ سِيمْفُونيةٌ يتمنَّى أن يعزِفَها كلُّ فنَّان ؟!
وهلْ يحْتاجُ الحبُّ قَصائدَ على جميعِ الأَوزَان ؟!
الحبُّ هوَ اهتمَامٌ احترامٌ وحنَان
صدق وانتماءٌ وإِحسَان
إِندماجُ رُوحينِ في كيان
الحبُّ لا يحتاجُ إلى كِتْمَان
و هو ليسَ همومٌ وأشْجَان
الحبُّ أساسٌ قويٌّ له جُدرَان
الحبُّ شعورٌ بالأمنِ والأمان
الحبُّ رائحةُ المسكِ والأقحُوَان
الحبُّ سحرٌ فاتنٌ فيهِ إتِّزَان
و الحبُّ يُقْتَلُ بالأنانيَةِ والهُجْرَان والخذلان
و لا يحيَا مع كلِّ جاحِدٍ وخائنٍ ولَعَّان
الحبُّ هو نورُ القلبِ على مرِّ الزَّمان
الحبُّ في عيونِ مَن تحِب .. تحسُّهُ وتَرَاه
الحبُّ مَا أشْقَاه
إذا كَوى القُلُوبَ التِي بالهَوى ترْعَاه .