أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك

بقلم: الشّيخ حسين أحمد سليم الحاجّ يونس / رئيس تحرير القسم الثّقافي

أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك
بقلم: الشّيخ حسين أحمد سليم الحاجّ يونس / رئيس تحرير القسم الثّقافي

تأثّرتُ بما كتب الفارابي عن المدينة الفاضلة، في أواخر حياته، وهو المُتأثّر بفلسفة جمهوريّة أفلاطون… والمتأثّر بهما فلسفة معًا، الدّكتور يوسف الدّبّاك جعجع، الموسوم بـ ( الخلف المختار، ذي المعرفة )، برسالته ( أمبراطوريّة الإنسان الكونيّة الكبرى )…
وسبق وتأثّرت بمجمل المنظومات الفلسفيّة القديمة والحديثة، ولا سيّما فلسفة سليم موسى العشّي، الموسوم بـ ( الدّكتور داهش )، من حيث الشّكل ومن حيث المضمون…
اعتكفتُ في صومعتي بمدينة الكرامة، في الجنوب الشّرقي للضّاحية الجنوبيّة، عند أطراف الجامعة اللبنانيّة الغربيّة… أتناول المسائل في الفلسفة النّظريّة، وأخرى في الفلسفة العمليّة، فأضفت الشّيء الكثير بشكل تراكميّ… وعالجتها من جوانب عديدة، بدقّة متناهية، مُنطلقًا من التّفكّر في الوجود، والمخلوقات، والتّفكير في خصائص وأعراض هذا الوجود، وأحكامه وألوانه وأنحائه، دون الخوض في حقائق الأشياء، كون علمها لله فقط…
في دراستي البحثيّة، استفدتُ كثيرًا من أصول علم الكلام الفلسفي، الذي أرسى قواعد الإمام عليّ بن أبي طالب… وذلك في التّأسيس لفلسفة خاصّة بتأسيس ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، على غرار جوهر المدينة الفاضلة للفارابي، وجوهر فلسفة ( جمهوريّة أفلاطون )، وخلاصة رسالة ( أمبراطوريّة الإنسان الكونيّة الكبرى )، للدّكتور يوسف الدّبّاك جعجع، من بلدة برقا البقاعيّة البعلبكيّة…
اعتمدتُ في بحثي على العلم الإنساني في جوهر النّفس البشريّة، حيث العقل البياني هو حقيقة الفعل، مازجًا بين الفعل العملي والفعل النّظري، والعقل الفعّال بمراتبه… ناقلاً وعيي الباطني وعرفاني الذّاتيّ، للإدراكات التي أتمتّع بها، من حيّز القوّة إلى حيّز الفعل…
وما أقصد بالتّأسيس لفلسفة ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، في أصل الفكرة، هو ما أقصد بالإجتماع الإنساني فيها، للتّعاون على الأشياء، التي تنال السّعادة، وهو الإجتماع الفاضل، والإجتماع الذي يتمّ التّعاون على نيل السّعادة… والأمّة التي تتعاون حيث كانت في وجوديّتها، على ما تنال به السّعادة، وهي الأمّة الفاضلة…
وعليه بنيت نظريّتي الفلسفيّة، في التّأسيس لـ ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، على الإجتماع والتّعاون في سبيل الكمال والسّعادة، في مقابل المدن الأخرى غير المتكاملة…
رئيس ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، هو صاحب الكمال، بحيث إمّا يكون فيلسوفًا، أو يكون نبيّا، على طريق المجتمع الرّوحاني الكامل، وبالتّالي يتولّى هذا الرّئيس مهمّة تعليم النّاس، ما انتهى إليه من علوم ومعرفة… ويُشترط فيه أن يكون عالمًا بالشّرائع، عفيفًا، شجاعًا، مُقاومًا لذوي السّياسة الفاسدة، جامعًا بين العلم والعمل…
وتتكوّن ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، من أربع مستويات:
المستوى الأوّل: يتألّف من اللذين عليهم واجب الطّاعة والقبول لمعلّمهم.
المستوى الثّاني: يتألّف من الذين يتعلّمون علمًا يتناسب مع مرحلتهم العمريّة.
المستوى الثّالث: يتألّف من اللذين يعرفون النّواميس الإلهيّة، معرفة تتناسب ورتبتهم.
المستوى الرّابع: يتألّف من اللذين يشهدون فيها حقائق الأشياء على ما هي عليه.
والعبادة في ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، نوعان: واحدة للعامّة، وتقتصر على الأخذ بالأحكام وقوانينها وتشريعاتها وطقوسها وتقاليدها… وواحدة للخاصّة، وهي ما يتعلّق بالفلسفة واستدلالاتها، وهي للرّاسخين في العلم فقط، للنّظر الفلسفي العقلي العميق في كلّ الأشياء…
والنّفس في ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، هي جوهر وصورة في آن واحد، جوهر في ذاتها، وصورة من حيث صلتها بالجسم، وهي جوهر روحاني قائم بذاته… والبدن الحادث هو مملكتها…
وللنّفس قوّتان: عاملة وعالمة…
وقد تبلغ النّفس الإنسانيّة درجة عالية، من الكمال العقلي والرّوحي، فيتولّد فيها شوقٌ وعشقٌ للعالم العلوي، من جوهر العقل الفعّال، فيصبح أصحابها من العارفين…
والنّفس الإنسانيّة تتميّز بالقوّة، التي تُمكّن الإنسان من المعرفة، عن طريق التّعلّم أو الإكتساب…
والمعرفة في ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، هي إدراك الإنسان للأشياء، بواسطة الحواسّ الظّاهرة والحواسّ الباطنة، لإدراك صور المحسوسات، من حيث الشّكل والهيئة واللون…
المجتمع في ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، يقوم على أساس تعاون الأفراد، وفق تفاوت كفاءات الأفرراد… والمجتمع يتألّف من المدبّرين والصّنّاع والحفظة وغيرهم، ولكلّ منهم مهمّة يتفرّد بها…
وعلى كلّ فرد من أفراد مجتمع ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، أن يتبع العادات القويمة، والأخلاق الفاضلة، التي استنّها الرّئيس الشّارع، لتتأصّل في النّفوس، الأعمال الجميلة الخيّرة، ويتهيّأ لكلّ منهم حياة أخرويّة سعيدة…
والشّرائع في ( أمبراطوريّة مدينة الشّمس بعلبك )، من شأنها سنّ القوانين التّنظيميّة، والهدي بالله للحقيقة، حيث تتجلّى…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *